قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إن الجماعات المسلحة في ليبيا تتقدم تجاه معقل تنظيم «داعش» في مدينة سرت الساحلية، ولكن بأجندات مختلفة، كانت في الأساس سببا لقتال تلك الجماعات بعضها البعض منذ عام واحد فقط.
وذكرت الصحيفة أن المقاتلين التابعين لحكومة الوفاق الليبية المدعومة من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، وهم قوات «حرس البترول» يتقدمون على امتداد ساحل البحر المتوسط تجاه سرت، في إشارة لأول هجوم كبير على المنطقة التي أصبحت منذ العام الماضي أكبر قاعدة لتنظيم «داعش» خارج سوريا والعراق.
وأضافت الصحيفة أن جماعتين مسلحتين منفصلتين شقت كل منهما طريقها تجاه المدينة خلال الأيام القليلة الماضية، بهجوم من كلا الاتجاهين شرقا وغربا، في هجمات تبدو غير منظمة ولكنها قللت المساحة التي يسيطر عليها «داعش» من الساحل الليبي إلى 100 ميل من نحو 150 ميلا.
وتابعت الصحيفة: «الجماعة الأخرى وهي كتائب مصراتة ادعت الأربعاء الماضي سيطرتها على محطة كهرباء سرت على بعد 20 ميلا غرب المدينة»، مشيرة إلى أن تلك الانتصارات حدثت في أماكن غير مكتظة بالسكان، ولم يتضح إذا كانت المليشيات لديها القوة أو الإرادة للدفع باتجاه سرت، والتي يُعتقد أنها محصنة بقوة وأيضا تأوي عشرات من المقاتلين الأجانب.
وأشارت الصحيفة إلى أنه على الجانب الشرقي من سرت، يقود الزعيم الشاب إبراهيم جسران قوات «حرس البترول» التي تسيطر على منطقة واسعة من الساحل الليبي معروفة باسم الهلال النفطي، حيث تقع معظم مرافئ النفط الليبية، ومؤخرا استولت مجموعته على البلدة الساحلية بن جواد وادعوا اقترابهم من مدينة النوفلية، وهو ما يجعلهم على بعد 80 ميلا من سرت.
وقالت الصحيفة إنه خلال العام الماضي باتت سرت الشغل الشاغل لدول الغرب خاصة أوروبا القلقة من تحول المدينة إلى محطة لجوء لمقاتلي «داعش» الهاربين من العراق وسوريا.
وفي خضم انهماك القوات الخاصة الأمريكية والفرنسية والبريطانية بتجميع معلومات مخابراتية من على الأرض حول تنظيم «داعش» في سرت، وفشل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في الحصول على ثقة البرلمان الليبي بعد دخوله العاصمة طرابلس في مارس الماضي، أصبحت التحركات البرية المفاجئة ضد «داعش» تتقدم أسرع من الوضع السياسي المتشابك في البلاد.
وأكدت الصحيفة أن التقدم رغم ذلك أشار إلى نكسة جديدة للتنظيم الإرهابي في ليبيا، في وقت يشهد معقله في العراق بمدينة «الفلوجة» هجوما منظما تشنه القوات العراقية مدعومة بقوات الحشد الشعبي، إضافة لهجوم قوات سوريا الديمقراطية التي تدعمها واشنطن على معقل «داعش» في منبج السورية.
ونقلت الصحيفة تحذيرات محللين ودبلوماسين من أنه رغم معالجة الهجوم على سرت لأكبر مخاوف الغرب في ليبيا، إلا أنه يهدد بزعزعة جهود السلام الهشة، من خلال تعزيز المنافسة الشرسة بين المجموعات المتنافسة في ليبيا.
ونقلت الصحيفة عن فريدريك ويهري المتخصص في شؤون ليبيا بمعهد «كارنيجي» الدولي للسلام، والذي زار البلاد مؤخرا، أنه «منذ عام واحد فقط كانت هاتان المجموعتان تقاتلان سعيا للسيطرة على الهلال النفطي الليبي، ويقذفان بعضهما بالصواريخ والقذائف، والآن هما تجتمعان على عدو مشترك، ولكن الخوف الأكبر مما سيأتي لاحقا».