x

عبد الناصر سلامة مين اللى بيفكّر؟! عبد الناصر سلامة الثلاثاء 31-05-2016 21:49


المتابع للأحداث فى بر المحروسة، وردود الأفعال الرسمية فى هذا الشأن، سوف يتوقف كثيراً أمام معظمها، إن لم يكن أمامها جميعاً، التصعيد ثم التصعيد ثم التصعيد، وكأن هناك داخل السلطة من لا يريد لهذا البلد أن يهدأ أو يستقر، البعض يتحدث علانية عن صراع أجهزة، البعض يتحدث عن غباء، البعض يتحدث عن مستشارين ليسوا على مستوى المرحلة، البعض يراها: سمك، لبن، تمر هندى، أى أنه لا توجد قواعد فى اتخاذ القرار، كما لا توجد إدارة أو هيئة لإدارة الأزمات، بالتالى كان ما كان.

منذ الوهلة الأولى، أراها غير ذلك، أرى أن هذا هو المستوى السائد فى كل الأوساط، أرى أن هذه هى مصر الآن على كل الأصعدة، داخلية كانت أو خارجية، مستوى الوزراء، كما مستوى المحافظين، كما مستوى الخبراء، كما مستوى المستشارين، كما مستوى القائمين على أمر الإعلام، إجمالاً يمكن القول إن هؤلاء هم أهل الثقة، وليذهب أهل الخبرة إلى الجحيم، هؤلاء هم أهل السمع والطاعة، لسنا فى حاجة إلى آخرين، ممن لهم رأى، ممن يُجادلون، ممن لا نستطيع كسر أنوفهم.

هى مأساة تعانى منها كل القطاعات الآن، الأداء الضعيف أصبح سمة المرحلة، من ثم كانت ردود الأفعال تجاه كل الأحداث، تصعيد مع الصحفيين، كما الأطباء، كما المهندسين، كما المحامين، مع الشباب، كما أصحاب المعاشات، كما الشارع بصفة عامة، اختفت سياسة الاحتواء من حياتنا، كما اختفى العقل فى المواقف الطارئة والأزمات، الاعتقالات والتجاوزات الشرطية أصبحت أمراً طبيعياً، الإحالة للنيابة والمحاكمات أصبحتا الحل الأمثل من وجهة نظر خبراء المرحلة.

إلى أين نحن ذاهبون فى ظل استمرار مثل هذه السياسات، وإلى أى وِجْهة يمكن أن نذهب، وهل يمكن البناء على مثل هذه الممارسات فى التخطيط لمستقبل أفضل، أعتقد أن كل هذه المقدمات تؤدى فى النهاية إلى نتائج فى علم الغيب، إلا أنها ليست إيجابية أبداً، عدم الاستقرار لا يحقق أى تنمية من أى نوع، العنف والعنف المضاد نتيجة حتمية، من أبوقرقاص بالمنيا، مروراً بطلخا فى الدقهلية، وحتى نقابة الصحفيين بالقاهرة، أيضاً الفشل تلو الفشل، من قيمة العملة، مروراً بارتفاع أسعار السلع الأساسية، وحتى ارتفاع أرقام الديون الداخلية والخارجية.

الرهان على سياسة الاستقطاب والتناحر بين فئات الشعب المختلفة، لا يمكن أن يحقق سوى مزيد من التدهور على كل الأصعدة، سياسة التصعيد بين المنظمات الأهلية والمؤسسات الحكومية لا يمكن أن تخدم أهداف الحاكم أبداً فى السيطرة على هذه أو تلك، سياسة العقاب الجماعى لهذه النقابة أو ذلك التنظيم كفيلة بالإسراع بانهيار أى مجتمع، سياسة الاعتقال العشوائى والمحاكمات للشبهة، تؤدى طوال الوقت إلى مزيد من توتر المجتمع.

فى سالف العصر والزمان، كان يمكن الإفراج عن خُط الصعيد لإلهاء الناس عما هو أهم، كان يمكن افتعال فتنة من أى نوع لإشغال الناس عن قضاياهم الأساسية، قد يكون ارتفاع أسعار السلع، قد تكون قضية فساد، قد يكون موقفاً سياسياً من أى نوع، الآن نحن أمام قضايا هى الأخطر فى تاريخ الأمة المصرية، بالتأكيد لم يعد يفلح معها لا خُط الصعيد، ولا حتى سفاح النساء، نحن أمام قضايا تتعلق بمستقبل الأجيال المقبلة، مستقبل مصر ككل، قضية النيل لا يمكن أن تكون أبداً من قضايا الذاكرة، (مصر هبة النيل) شعار لا يسقط بالتقادم، إذن هى قضية متجددة، مهما طال الزمن، أيضاً قضية الجزر، لا يعقل أبداً أن تصبح من الماضى يوماً ما، (تيران وصنافير مصريتان) شعار سوف تتلقفه الجدران اليوم وكل يوم.

الأمر فى حاجة إلى إعادة نظر من كل الوجوه، ما قد يفلح مع الماضى، قد يصعب تحقيقه مع الحاضر، سوف يستحيل تطبيقه أيضاً فى المستقبل، التغير كان سريعاً على المستويين المحلى والدولى، يبدو أن هناك من لا يفطن إلى ذلك حتى الآن، مواقع التواصل الاجتماعى استحوذت على الاهتمام الأكبر بين المواطنين، أصبح الإعلام التقليدى أقل تأثيراً، لو عادت عجلة التاريخ لا يمكن بأى حال اعتماد مانشيت صحيفة يؤكد أن (قواتنا على مشارف تل أبيب) فى الوقت الذى أصبحت فيه سيناء مُحتلة بالكامل.

ليستمر خبراء ومستشارو الثقة فى مواقعهم، ليستمر الضعفاء فى مناصبهم، مادامت هى استراتيجية النظام، إلا أن الأمر لم يعد يحتمل التعامل مع الأزمات بهذا الشكل الفوضوى، إلا إذا كانت هذه أيضاً استراتيجية النظام، من المهم الإسراع بتشكيل هيئة أو لجنة لإدارة الأزمات، تتكون من خبراء حقيقيين، تحديداً من أهل الخبرة، يحملون على عاتقهم التعامل مع المواقف الطارئة بأقصى سرعة ممكنة، بتعقل وحنكة، بمنأى عن صراع الأجهزة، وبمنأى عن الأهواء السياسية، وأيضاً بمنأى عن التوجيهات السيكوباتية، التى تعتمد منطق القوة طريقاً واحداً لمواجهة الأزمات.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية