x

منى مكرم عبيد متى يخرج مجلس حقوق الإنسان من الإنعاش؟ منى مكرم عبيد الإثنين 30-05-2016 21:21


بعد ما تعرض المجلس القومى لحقوق الإنسان إلى انتقادات عديدة تحت قبة مجلس النواب مؤخراً، عدت إلى دفاترى للبحث عن أسباب تراجع أداء المجلس وظهوره بهذا الشكل أمام نواب الشعب، فإذا كانت هذه نظرتهم فى المجلس الحقوقى، فما نظرة المجتمع المصرى له؟، هل تتفق مع الانتقادات البرلمانية أم لا؟

والحقيقة أن هذه الانتقادات جاءت للدور الهزيل الذى قام به المجلس خلال السنوات الأخيرة، فبعد ثورتى 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013، كان من المفترض أن يكون للمجلس دور أكبر فى القضايا الجماهيرية، ولكنه للأسف ركز على الحقوق المدنية والسياسية بشكل أكبر من اهتمامه بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب اكتفاء المجلس فى السنوات الخمس الأخيرة بعقد ورش عمل ومؤتمرات دون أن يكون له جهد ملموس يلحظه المواطن البسيط، فليس بمثل هذه الاجتماعات وحدها يمكن تقديم العون للمجتمع، وإنما بالذهاب للقرى والنجوع والاستماع لشكاوى المواطنين الحقيقية، والعمل مع أجهزة الدولة المختلفة لحلها، وعدم الاكتفاء بتقمص دور رجل البريد فى تلقى خطابات شكاوى المواطنين وإرسالها للجهات المعنية دون أى جهد آخر!

وبالرغم من المقترحات الجيدة التى جرى تقديمها فى السابق لتطوير أداء المجلس، إلا أنه، للأسف، لم يتم الأخذ بها، وأذكر أن الراحل الكبير والدبلوماسى المخضرم والحقوقى البارع د. بطرس بطرس غالى تقدم بمشروع قانون مقترح بتعديل القانون رقم 94 لسنة 2003 بإنشاء المجلس واختصاصاته، إبان فترة رئاسته للمجلس، والتى تعد الفترة الذهبية له منذ تأسيسه عام 2003، إلا أن التجاهل كان هو التعامل السائد مع هذه المقترحات، وبدورى، أقدمها باسمه من جديد إذا كنا حريصين على كرامة وحقوق المواطن، وإذا كانت هناك نية جدية لتغيير صورة المجلس السيئة أمام المجتمع، خاصة أنه من المفترض أن يتم إصدار قرار بتشكيل جديد لأعضائه خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

بأفكاره المستقبلية وإيمانه بالعمل الحقوقى ودوره فى النهوض بالمجتمع، اقترح «غالى» مراعاة ضمانات التعددية والتنوع وعدالة التمثيل، خاصة لمنظمات المجتمع المدنى الحقوقية والمنظمات المهنية والنقابية والاجتماعية فى تشكيل المجلس، على أن يصدر القرار من مجلس الشعب، وزيادة مدة المجلس إلى أربع سنوات بدلا من ثلاث سنوات، وتجديد العضوية مرة واحدة، ووضع حد أقصى لتجديد العضوية ضماناً للديمقراطية ولتجديد الدماء، على أن يتولى المجلس مراقبة التجاوزات والانتهاكات التى تقع على حقوق الإنسان والحريات العامة فى الجمهورية، ويسعى لوقف أى تجاوز أو انتهاك، واقتراح السبل الكفيلة بمعالجتها ومنع وقوعها، وإذا وقع الانتهاك لحقوق الإنسان من موظف عام، للمجلس إبلاغ الجهة الرسمية التابع لها لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقه ومتابعة وما يتخذ فى هذا الشأن.

كما اقترح مشروع القانون الذى أعده المجلس القومى برئاسة غالى أن يكون لأعضاء المجلس والباحثين المشاركين فى المراقبة أو تقصى الحقائق عن أى انتهاكات لحقوق الإنسان صفة الضبطية القضائية، وتثبت هذه الصفة بقرار من وزير العدل بناء على طلب رئيس المجلس أو من ينوب عنه، وأن يكون للمجلس الصفة والمصلحة الشخصية فى رفع الدعاوى.

هذه مقترحات لا بديل عن تنفيذها إذا كنا نريد الدولة الدستورية الوطنية الحديثة التى تقوم على المساواة وتكافؤ الفرص، فمصر ليست أقل من المغرب الذى أنجز فيها المجلس الوطنى لحقوق الإنسان كثيرا من المتغيرات على المستوى الحقوقى لخدمة المواطن المغربى، جعلت لهم تجربة ثرية ومميزة فى احترام حقوق المواطنين وتلبية همومهم، وما ترتب على ذلك إشادة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بمنجزات المغرب فى مجال حقوق الإنسان.

ومصر ليست أقل من تونس، التى قطعت فيها الهيئة العليا لحقوق الإنسان شوطا كبيرا فى الانحياز لشهداء الثورة والدفاع عن حقوقهم، وتعزيز حقوق المرأة التونسية، ومحاولة الوصول إلى مساواة كاملة مع الرجل فى المواريث، كما حسم البرلمان التونسى مؤخرا ملف هيئة الوقاية من التعذيب الذى بقى حبيس أدراج البرلمان على امتداد فترة تفوق السنتين، وانتخب 16 عضوا من فئات مختلفة لظهور هذه الهيئة للنور قريبا.. فهل نتعلم؟!

وختاما.. أقترح تخصيص جائزة سنويا باسم بطرس غالى للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات، تخليداً له واعتزازاً بدوره الحقوقى البارع السابق لعصره.

*برلمانية سابقة وأستاذ العلوم السياسية

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية