x

شريف رزق شيزوفرينيا الدولة!! شريف رزق الخميس 26-05-2016 21:41


فقط في عام 1955 حينما رفضت السيدة «روزة باركس» أمريكية من أصل أفريقي أن تتخلى عن مقعدها وتجلس في المقاعد الخلفية للأتوبيس حتى يجلس عليه رجل أبيض، وكانت تلك هي القاعدة في تلك الأيام حيثُ يتم حجز المقاعد الأمامية للبيض ويجلس السود في الخلف، إذا صعد إلى الأتوبيس رجل أبيض ولم يجد مكاناً، فمن حقه أن يجلس مكان أي رجل أسود على أن يجد الأسود مكانا آخر له، ومن يخالف ذلك فكانت الشرطة تقبض عليه، ومن ثم كانت السيدة «روزة باركس» Rosa Parks هي ثاني من يقوم بذلك حيثُ سبقها في ذلك شابة تبلغ من العمر 15 عاماً Claudette Colvin «كلوديت كولفين» رفضت التخلي عن مقعدها لرجل أبيض، ومن ثم قامت حركة مقاطعة وسائل النقل العامة من جانب السود، وساعدهم في ذلك بعض البيض، مع وجود مضايقات كثيرة من الحكومة، واستمرت حركة المقاطعة لمدة 381 يوما، حتى أصبح من حق السود الجلوس في الأوتوبيس على قدم المساواة مع البيض، المثير في القصة وغيرها من قصص الكفاح ضد العنصرية، هو حركة التغيير السريعة في المجتمع الأمريكي، حيثُ إن رئيس الولايات المتحدة في 2008 هو بارك أوباما، أمريكي ذو أصول أفريقية. ومن ثم نجد أن الوضع في البلاد القبلية، في غاية التعقيد، إذ يتحكم الدين أو الجنس أو العرق في مصير الفرد مدي الحياة، فهل يستطيع كردي أن يصبح رئيساً لدولة تركيا مثلاً، وهذا يحد الفرد في إطار جنسه أو دينه أو عرقه وليس الجهد والكفاءة. حين تصبح الكفاءة هي المحك والأساس ويصبح كل المواطنين سواء، سوف يصبح المجتمع أكثر نضجاً، وأكثر قدرة على استيعاب كافة الأطياف، وسوف تزيد روح الانتماء.

تداعت قصة السيدة «روزة» في عقلي حين تناقلت أخبار ما حدث في المنيا، والهجوم الجماعي على منازل بعض الأقباط العزل وتجريد امرأة عجوز من ملابسها وزفها دون تقدير لعمرها، ولكن العبث بات مسيطراً على المشهد المصري. وفهم ردود أفعال كافة الأطراف أصبح مثيراً للسخرية. إذ يتحدث الجميع عن أشياء ليس لها علاقة بالقضية ذاتها.
والسؤال الآن ماذا فعلت الحكومة وجمعيات المجتمع المدني والأزهر والكنيسة، وهل الدولة قادرة على فرض هيبتها وسيطرتها أم تظل دولة مصابة بالشيزوفرينيا، ترتعش يديها في موقف ما، وتصبح شديدة البأس في موقف آخر، وتصاب بالشلل في الكثير من المواقف.

وأصبح الأمر وكأننا نجيب عن كل الأسئلة، عدا الأسئلة الجوهرية، ويبدو هذا متأصلاً في طبيعة الكثير من أبناء الشعب المصري، اللف والدوران والفهلوة والتلفيق باتت سمات تغمر الثقافة العامة لكثير من الفئات الشعبية وغير الشعبية.
إن لم يصبح القانون هو الحاكم الوحيد للمجتمع المصري سوف ننتقل من سيئ إلى أسوأ، وسوف يزداد الفكر القبلي الإقصائي مع وجود شكل همجي انتقامي يصاحبه ويسانده. الدولة القوية دولة يسود فيها القانون وينصاع له الجميع الكبير والصغير، الغني والفقير، «المسنود وغير المسنود»، حينها فقط سوف تصبح مصر دولة ويصير أبناؤها متساوين فيزداد الولاء للدولة من كافة الأطراف.

شريف رزق
[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية