x

عائلة قتيل «الوايلى»: الشرطة قتلته مجاملة لمالك العقار

الخميس 26-05-2016 21:12 | كتب: محمد منصور, حسن أحمد حسين |
محرر المصري اليوم  يتحدث مع عائلة القتيل محرر المصري اليوم يتحدث مع عائلة القتيل تصوير : اخبار

حزن وترقب وخوف من القادم مشاعر تنتاب رجلا ستينيا ينظر إلى باب مشرحة زينهم، فهناك خلف الأبواب التى يقف عليها عدد من قوات الأمن، يرقد أخوه حسين فرغلى حسن فرغلى، الذى بدأ عامه الـ62 قبل شهر واحد، جثة هامدة، وعوضاً عن الاحتفال بعيد ميلاده، حضر الأهل والأقارب المقبرة، تمهيداً لدفنه، بعد أن قتلته قوات الأمن، على حد قولهم، فجر أمس الأول، أثناء التحقيق معه فى رفضه ترك ورشة- مقامة على قطعة أرض استأجرها منذ 30 عاماً- لمالك المنزل الجديد، فيما كشفت التحريات والتقرير الطبى المبدئى أنه أُصيب بأزمة قلبية أدت إلى «توقف عضلة القلب والتنفس»، قبل نقله إلى مستشفى «دار الشفاء» جثة هامدة.

وأشار التقرير إلى أن جسد القتيل «به أثر كدمات وسحجات بالظهر والذراع اليمنى والبطن والفخذ اليسرى وجرح بالرأس ونزيف تحت ملتحمة العين اليسرى وجرح بالشفة اليسرى وجرح بجوار العين اليسرى»، وقرر كاتب التقرير التحفظ على الجثة بثلاجة المستشفى «تحت تصرف النيابة»، فيما قال مصدر أمنى إن القتيل اختطف صاحب قطعة الأرض، وإن الشرطة داهمت الورشة، تنفيذاً للقانون دون تعدٍّ على الضحية.

الحكاية التى يروى تفاصيلها، لـ«المصرى اليوم»، إمام فرغلى، شقيق الضحية، بدأت قبل عام كامل، حين اشترى أحد الأشخاص منزلاً يضم بين جنباته ورشة مملوكة للضحية، حاول المشترى الجديد التفاوض مع القتيل على الخروج من الورشة مقابل مبلغ مالى، إلا أن الضحية رفض- «المبلغ كان قليلا جدًا، ولا يتناسب مع أسعار المحال فى العباسية»- بدأت المناوشات بين صاحب قطعة الأرض وبين حسين فرغلى، ووصلت إلى درجة «إرسال بلطجية للاستيلاء على الورشة قبل 4 أيام»، إلا أن شباب الحى تصدوا للهجوم، وقرروا الوقوف بجانب الضحية.

بعدما حدث الهجوم، توجه الضحية وعائلته إلى قسم شرطة الوايلى، حسبما تقول رحمة حسين، ابنة القتيل، التى تؤكد أن والدها القتيل حرر محضرًا ضد صاحب قطعة الأرض بضربه، إلا أن ضابط مباحث القسم «ن. ن»، الذى تتهمه الأسرة بقتل عائلها، أجبرهم على التصالح، مهددًا إياهم بتحرير محضر ضدهم، يتهمهم فيه بسرقة مبالغ مالية من صاحب الأرض.

«اضطرينا وقتها نتنازل، بعدما عرفنا أن والد الضابط عضو مجلس النواب عن دائرة باب الشعرية، وتربطه علاقة عمل بصاحب الأرض» تقول رحمة حسين، لـ«المصرى اليوم»، مشيرة إلى أن صاحب الأرض «مالك سلسلة محال فطائر شهيرة» يستأجر أحد المحال فى العمارة السكنية المملوكة لوالد الضابط.

بعد أن حرر الضابط محضر «الصُلح الإجبارى»، جلس الضحية مع صاحب الأرض للتفاوض على سعر الورشة، ووصلا إلى اتفاق يقتضى دفع «أيمن. م»، صاحب الأرض، مبلغاً ماليًا مُقدرًا بـ350 ألف جنيه، لحسين فرغلى، وبعد أن أتموا الاتفاق شفهيًا، فوجئت «رحمة» بما حدث بعدها، فبينما كان يجلس والدها وأخوها ووالدتها داخل الورشة، اقتحم صاحب الأرض المكان، وبعدها بلحظات وصلت الشرطة، واتهمت والدها بـ«خطف» صاحب الأرض، لإجباره على بيع الورشة بأقل من ثمنها، على حد قولها، «طبعًا الضابط اللى كان جاى على رأس الحملة كان (ن. ن)، وبهدل والدى فى الشارع».

طرف الخيط يلتقطه أحد الأهالى الذى كان شاهدًا عيانًا على عملية إجراء القبض على الضحية، فجر أمس الأول الأربعاء: «سمعنا سارينة الشرطة، خرجنا من الشبابيك نبص على اللى بيحصل، لاقينا ضابط بيرش بيروسول على وش عم حسين، وبيضربه بالشوم على ضهره، وبيركبه البوكس».

شهادة الأهالى تدعمها مجموعة من الفيديوهات التى حصلت عليها «المصرى اليوم»، والتى توضح تعدى رجال الشرطة على القتيل وأسرته أمام الورشة بالعصى والشوم وكَيْل السباب له ولزوجته وابنه الشاب، وأظهر أحد المقاطع استنجاد القتيل بأهالى الحى لإنقاذه من قوات الأمن، التى استخدمت مبيدا حشريا وقطعا حديدية لإرهابه واقتياده إلى سيارة الشرطة، بعد سحله على الأرض.

وأظهر الفيديو صراخ ابن القتيل، خوفا على والده ووالدته، جراء محاولة الشرطة اقتيادهما، وقال ابن القتيل للشرطة: «مش معاكو إذن نيابة، هتاخدونا بلطجة ولا إيه؟!».

بعد ساعات من عملية القبض على حسين فرغلى من قِبَل قوات الأمن التابعة لقسم شرطة الوايلى، علم الأهالى بوفاة الرجل الستينى، فتوجهوا إلى مستشفى دار الشفاء: «مكناش مصدقين إن ممكن يحصل كده، وكنا لحد آخر لحظة بنقول مستحيل (حسين) يكون مات»، يقول إمام فرغلى، أخو القتيل، الذى يؤكد أن خبر وفاته «صدمة» لم يفقْ بعد من تأثيرها.

طلب أهل الضحية تقريرًا مبدئيًا للوفاة من مستشفى دار الشفاء، وأشار التقرير الطبى الصادر برقم 110118996، والذى حصلت «المصرى اليوم» على نسخة منه، إلى أن القتيل حسين فرغلى حسن فرغلى دخل إلى الطوارئ، فى السابعة صباحًا، وهو «جثة هامدة»، بسبب «توقف عضلة القلب والتنفس»، وهو ما أكدته التحريات، وأشار التقرير الموجه إلى مكتب صحة الوايلى إلى أن جسد القتيل «به أثر كدمات وسحجات بالظهر والذراع اليمنى والبطن والفخذ اليسرى وجرح بالرأس ونزيف تحت ملتحمة العين اليسرى وجرح بالشفة اليسرى وجرح بجوار العين اليسرى»، وقرر كاتب التقرير التحفظ على الجثة بثلاجة المستشفى «تحت تصرف النيابة».

«بعدما شفت جثة أخويا جاتلى حالة ذهول، وقررت أبعث تلغرافات لوزير الداخلية والنائب العام ووزير العدل»، يقول إمام فرغلى، شقيق القتيل، مبديا تخوفه من ضياع حق شقيقه، خصوصًا مع القبض على زوجة شقيقه وابنها وتوجيه اتهام مقاومة السلطات لهما: «قبضوا على مرات أخويا وابن أخويا وحبسوهم، عشان تبقى دى قصاد دى، إحنا نتنازل، وهما يطَلَّعوهم»، مشيرًا إلى أن القيادات الأمنية «شكلهم بيطرمخوها، وعمالين كل شوية يبعتوا مرسال لإرهابنا، بس إحنا مش هنسيب دمنا يروح هدر».

مساء الأربعاء، وبعد الحادثة بنحو 12 ساعة، تواجد عدد من قيادات قوات الأمن أمام مستشفى دار الشفاء بالعباسية، للتفاوض مع أسرة القتيل لنقله إلى مشرحة زينهم، إلا أن الأهالى رفضوا فى بادئ الأمر، حتى أصدرت النيابة قرارها بنقل الجثة إلى مشرحة زينهم تحت تصرفها، وهو ما قابله الأهالى بشعور من الارتياح.

يصف الأهالى القتيل بحسن السمعة والالتزام الأخلاقى، وأكد عدد منهم تواطؤ رجال الشرطة مع صاحب الأرض ضد حسين فرغلى، إلا أن مصدرا أمنيا، تواجد فى محيط مستشفى دار الشفاء- رفض ذكر اسمه- قال إن القتيل اختطف صاحب قطعة الأرض، وإن الشرطة داهمت الورشة، تنفيذا للقانون، دون تعدٍّ على الضحية، رافضًا التعليق على الفيديوهات قبل استكمال التحقيقات من جانب النيابة العامة، مؤكدًا أن النيابة تتحفظ على زوجة القتيل وابنه، موضحا أن الشرطة اتهمتهما بالتعدى على قوات الأمن ومقاومة السلطات، وهو ما نفته ابنة القتيل، رحمة حسين، بشكل كامل.

وأضافت التحريات أن عددًا من عناصر أسرة المتوفى توجهوا إلى قسم الشرطة وافتعلوا مشكلة بهدف استطلاع الأمر ومعرفة أسباب وفاة المحتجز، خاصة أنه لا يعانى أى أمراض، فيما أكد التقرير المبدئى لمستشفى «دار الشفاء» أن الجثة بها آثار كدمات وسحجات بسيطة، وأنه سيتم توقيع الكشف الطبى مرة ثانية للتأكد مما إذا كانت تلك الآثار سببًا فى الوفاة أم لا.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية