x

اخبار ديفيد بروكس يكتب: إدمان العمل سبب تدهور شعبية هيلارى كلينتون اخبار الأربعاء 25-05-2016 21:35


أنا أتفهم لماذا دونالد ترامب، الذى لا يحظى بشعبية، حصل على تقدمه بالطريقة القديمة المعروفة، عن طريق التصريح بتعليقات بغيضة، ومهينة، ومسيئة، ولكن لماذا إذن هيلارى كلينتون ليست محبوبة هى الأخرى؟

هى، فى الوقت الراهن، كما ترامب تراجعت شعبيتها فى 3 استطلاعات قومية كبرى، كانت لديها تصنيفات «غير مفضلة» مثلها مثل ترامب، ففى استطلاع صحيفة «واشنطن بوست» وشبكة «إيه. بى. سى» الإخبارية، حصل كلاهما على 57% من الرفض.

ففى استطلاع صحيفة «واشنطن بوست» وشبكة «إيه. بى. سى» الإخبارية، قال 60% من المشاركين إن كلينتون لا تشاركهم قيمهم، وقال 64% إنها ليست صادقة أو جديرة بالثقة، وقد انخفضت شعبية كلينتون تماما حتى وصلت إلى مستوى شعبية ترامب، لأنها الآن مرتبطة إحصائيا معه فى بعض مراكز السباق الرئاسى الأمريكى.

هناك مفارقتان بسبب هذه النتائج، الأولى هى أن هيلارى كانت ذات شعبية فى وقت ليس ببعيد خلال توليها منصب وزيرة الخارجية، حيث كانت لديها نسبة تأييد تصل إلى 66%، وحتى وقت قريب فى مارس 2015 كان تصنيف قبولها 50% فى مقابل 39% كانوا لا يقبلونها.

ويرجع ذلك إلى أنها أطلقت حملة بعدة ملايين من الدولارات لإقناع الشعب الأمريكى بها، فأصبحت شخصية مكروهة.

المفارقة الثانية أنه سواء اتفقت معها أم لا، فقد كرست هيلارى نفسها للخدمة العامة، من داعية لحقوق الأطفال، إلى عضو مجلس الشيوخ، وقد واصلت رسالتها بلا كلل، فالمسألة ليست متعلقة بـ«ما» السبب الذى يفسر عدم شعبيتها، إنما بـ«الكيفية» والطريقة التى وصلت بها لتلك النتيجة.

السؤال هنا: ماذا يحمله الكثيرون ضدها؟ وأود أن أبدأ الشرح مع هذا السؤال: هل يمكن أن تخبرنى ماذا تفعل هيلارى كلينتون للاستمتاع بوقتها؟ فنحن نعرف ماذا يفعل أوباما من أجل المتعة، يلعب الجولف، كرة السلة، وغيرهما، ونحن نعلم، للأسف، ما يفعله ترامب للاستمتاع.

ولكن عندما يتحدث الناس عن كلينتون، فالحديث يميل لمسيرتها المهنية. على سبيل المثال، فى 16 نوفمبر 2015 أجرى بيتر دهارت بحثا ميدانيا مع مجموعة عن كلينتون، تقريبا كل التقييمات جاءت لها علاقة بأداء العمل، فكانت التعليقات: «متعددة المهام» أو «منظمة» أو «خادعة».

يبدو أن مسار كلينتون الوظيفى، من الخارج، يسرق كل وقتها، وزوجها هو شريكها السياسى، وابنتها تعمل فى مؤسسة كلينتون، وصداقاتها تشكلت من خلال شبكة تجمعات للناجحين فقط.

الأشخاص الذين يعملون معها بشكل وثيق يعشقونها ويقولون إنها «دافئة»، وتهتم بمَن حولها. ولكن من الخارج، من الصعب التفكير بها من جانب تاريخها المهنى، باستثناء عدد قليل من المرات التى تذكر فيها أنها جدة، فإنها تقدم نفسها على أنها سيرة ذاتية وسياسية متحركة.

على سبيل المثال، حملتها نشرت مؤخرا فيلما- عن سيرتها الذاتية بعنوان: «مقاتلة»- مليئا بالصور الساحرة القديمة وهى تقاتل لأسباب مختلفة. ولكن حين ينتقل الفيلم إلى مقابلة حديثة مع هيلارى، فإن الإضاءة تبدو مثالية، والإعداد مثالى، وأزياؤها مثالية، الأمر الذى جعلها تبدو ليست كإنسانة، إنما كملصق دعاية للعلامات التجارية للشركات.

شعبية كلينتون هى أقرب إلى عدم شعبية مدمنى العمل، فإدمان العمل هو شكل من أشكال الانفصال العاطفى، يُفنِى مدمنو العمل حياتهم فى العمل والأنشطة المرتبطة به مهنيا، ومشاعرهم لا تؤثر على قراراتهم الأساسية، ويسيطر الدور المهنى على الشخصية، ويؤثر على حميمية الروح. وكما قال مارتن لويد جونز: «يمكن أن تملأ المقابر كاملة بعبارات حزينة مثل: (وُلد رجلا، ومات طبيبا)».

على الأقل كلينتون فى شخصيتها العامة تعطى إحساسا بالمهنية الخالصة، كادحة، وتحسب خطوتها، تسعى نحو هدف معين، وصعب الحصول على ثقتها، ومن الصعب من بعيد تخيلها كإنسان، فهى تؤدى دورا فقط.

هذه الشخصية الرسمية المهتمة بالوظيفة تضعها فى تناقض مباشر مع أعراف العصر ووسائل الإعلام الاجتماعى، والتى هى فى الأصل تُعنى بالحميمية، والشخصنة، والكشف، والثقة والضعف، فتضعها فى الصراع مع الخبرة الحياتية لمعظم الأشخاص المعاصرين، حيث إن معظم الأمريكيين يشعرون بأنهم أكثر حيوية وعلى قيد الحياة خارج دائرة العمل، وذلك بطبيعة الحال يعنى أن هيلارى مكيافيلية، ماكرة، تسعى نحو السلطة، وغير جديرة بالثقة.

هناك درس كبير هنا، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين وجدوا مهنة وحرفة يشعرون تجاهها بالوفاء والتحقق. حتى ولو مهنة جيدة اجتماعيا يمكنها ابتلاعك وجعلك تفقد الشعور بنفسك. ربما من المهم على نحو أكبر للناس الذين لهم وظائف أن يحبوها وأن يتطوروا وأن يظهر هذا التطور خارجهم وخارج دائرة عملهم: فى اللعب، والعزلة، والأسرة، والإيمان، والهوايات والترفيه.

نقلاً عن صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية

ترجمة- مروة الصواف

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية