منذ انتخابه في 2013 لقيادة الكنيسة الكاثوليكية دخل الكاردينال الأرجنتينى خورخى ماريا برجوليو (البابا فرنسيس الأول لاحقاً) التاريخ باعتباره أول حَبْر أعظم يُنتخب من خارج أوروبا منذ أكثر من 1000عام، وقال حينها إن «الكرادلة استدعونى من آخر أصقاع الدنيا»، ودعا في أول كلمة له إلى «السير على طريق الأخوة والمحبة». وأضاف: «صلوا من أجلى وامنحونى بركتكم، ولنُصلّ جميعاً الواحد منا للآخر وللعالم لكى تكون هناك أخوة شاملة».
ولاحقاً، أكدت أفعال وتصريحات فرنسيس الأول أنه بابا استثنائى، حينما تقدم إلى «كرسى الاعتراف» في الفاتيكان، واعترف بأنه عمل حارساً ليلياً في ملهى، وأنه خالف أحد تعاليم المسيح، وهى «مَنْ ضربك على خدّك الأيمن، أدر له الأيسر»، فقال إنه «لم يدره دائماً»، وهو «اعتراف» لم يقم به أي بابا سابق، باعتبار أن البابوية معصومة، والبابا هو مَنْ يمنح البركة الرسولية، ويتلقى سر الاعتراف، وكان اعترافه الأكثر إثارة هو أنه ضعف أمام «اللص القابع داخلنا جميعاً» وسرق صليباً صغيراً من نعش كاهن ليظل الرجل في ذاكرته.
وأظهرت أفعال البابا رغبته في نشر قيم التعايش والتسامح في العالم، ومنها لقاؤه بشيخ الأزهر، أحمد الطيب، وهو الاجتماع الأول من نوعه على امتداد تاريخ المؤسستين الدينيتين بعد سنوات من التوتر، وتنديده بالعداء للإسلام والمساواة بينه وبين الإرهاب.
وفى 2015، دعا كوبا والولايات المتحدة، غريمى الحرب الباردة السابقين، لتقديم نموذج يحتذى للعالم من خلال زيادة التقارب الذي بدأه البلدان لاحقاً، والذى أسهم نفسه في إنجازه، وأيضاً استقباله الرئيس الإيرانى حسن روحانى، وهو أول رئيس إيرانى يزور إيطاليا بشكل رسمى منذ 16 عاماً، بعد رفع العقوبات الدولية عن إيران بسبب برنامجها النووى. وعلى صعيد القضية الفلسطينية استقبل البابا الرئيس الفلسطينى محمود عباس، ووصفه البابا بأنه «ملاك السلام»، كما استقبل الإسرائيلى شيمون بيريز في الفاتيكان لإقامة «صلاة السلام».
وللبابا مواقف إنسانية ومشرفة بشأن أزمة اللاجئين، حيث اصطحب معه 12 لاجئاً سورياً مسلماً في الطائرة التي عادت به من جزيرة ليسبوس اليونانية، حيث زار مخيمات اللاجئين، لإيوائهم في الفاتكيان، ودعا الأوروبيين إلى هدم الجدران التي بنيت لإقصاء المهاجرين، وهاجم المرشح الجمهورى دونالد ترامب الذي هدد بحظر دخول المسلمين والمهاجرين لأمريكا وشكك في إيمانه.
وداخلياً، طالب البابا بإصلاح الكنيسة الكاثوليكية لتكون «كنيسة فقيرة للفقراء»، ولعل من أبرز خطواته مكافحة التحرش الجنسى، إذ طلب الصفح من ضحايا التحرش الجنسى على أيدى قساوسة، خلال اجتماعه الأول منذ توليه منصبه، مع ضحايا الانتهاكات، مقراً بأن تقاعس قيادات الكنيسة زاد من معاناة الضحايا. وفى عهده عقدت محاكمة لجوزيف ويسولوسكى، سفير الفاتيكان في الدومينيكان، ويعتبر أكبر مسؤول في الفاتيكان يقاضى بتهمة التحرش الجنسى، وأدان البابا جريمة تهريب البشر خلال اجتماعه بـ4 عاهرات سابقات، ووصفها بأنها «سوط على جسد المسيح».