إن كنت لاتزال عاقلا ورزينا وصابرا وهادئاً فنصيحتى لك أن تبقى مع أخبار الزمالك وهدف المقاصة فى مرماه، وهل هو صحيح أم لا؟ أو مع حكايات الأهلى وأخبار مسؤوليه ونجومه.
أما إن كنت على استعداد للجنون باعتباره أفضل الحلول وأرخص تذكرة سفر للهرب من واقع مؤلم وجارح ومخيف وحزين وموجع.. فأنا أريدك أن تتخيل معى الآن أن الفريق الإنجليزى الشهير.. كولد بلاى.. لم يقم بتصوير أغنيته الأخيرة.. أعلى وأعلى.. إلا من أجل اللاعب المصرى المحترف والمغترب فى البرتغال أحمد حسن كوكا.. فهذا الفريق اختار هذه الأغنية بالتحديد من ألبومه الأخير بعنوان رأس مليئة بالأحلام ليقوم بتصويرها وطرحها على اليوتيوب منذ أيام قليلة جداً.. وحتى يوم أمس كان قد شاهدها أكثر من ستة عشر مليون إنسان فى مختلف بلدان العالم.. لكن لا يعنينى الآن إلا أن يرى كوكا هذه الأغنية، وأن يثق من أنها أغنيته هو ومن أجله هو.
فالتصوير الرائع والمبدع للأغنية لم يخل من الرياضة ولعباتها وجنونها.. أما كلماتها فهى كلها عن الإنسان الذى لابد أن يرفض الاستسلام للخوف والحزن والإحباط والظلم والنسيان.. ولهذا بالضبط أحسست كما لو أن الفريق الإنجليزى اختار اللاعب المصرى كوكا ليقدم له هذه الأغنية.. فكوكا فاز مساء أمس الأول بكأس البرتغال لكرة القدم مع ناديه براجا.. تعادل براجا فى النهائى مع بورتو بهدفين لكل فريق، وكان كوكا هو الذى صنع الهدف الأول لبراجا فى مرمى بورتو.. وانتهت ضربات الجزاء الترجيحية بفوز براجا بكأس البرتغال للمرة الثالثة فى تاريخه والمرة الأولى منذ خمسين عاماً.. وهذه هى أول بطولة كروية فى أوروبا يشارك فى تحقيقها لاعب مصرى لم تهتم أو تحتفل به مصر.
كأن كوكا ليس مصرياً أو كأن هناك ما يمنع إعلامنا وجماهيرنا من التصفيق إعجابا واحتراما لنجم مصرى لم يرتكب أى إثم أو خطيئة لكى يستحق مثل هذا التجاهل واللامبالاة القاسية والموجعة والمهينة أيضاً.. ولكننى أتمنى أن يجد كوكا العزاء فى هذه الأغنية الإنجليزية التى بدأ العالم كله من حولنا يصفق لها ويتمايل مع نغماتها ويرقص وهو يردد كلماتها ومعانيها.. كوكا أيضا من حقه الآن أن يفرح بكأس البرتغال ويرقص مع هذه الأغنية بل ويغنى أيضا مؤكدا أنه لن ينكسر ولن يستسلم.. أنا أيضا سأغنى وأرقص مع كوكا تماماً مثل الأغنية.. فى السماء ووسط البحر وفوق كل المدن ووسط كل الورود.. وسترقص معنا دنيا لا يصنعها لنا الآخرون إنما نصنعها نحن بأيدينا لأنفسنا.. وسنجبر الجميع يوما ما على الالتفات لنا واحترامنا.. لن نبكى أو نصرخ أن ظلمنا الآخرون إنما سنمد أيدينا بمنتهى الثقة والحب لنسترد كل حقوقنا.. مهما تغير العالم من حولنا فسنبقى نحارب من أجل ألا يتعذب أحد أو يضيع أو يتوه أو يتألم وحده.. وأقول لكوكا فى النهاية أنه سيأتى يوم يعترف فيه الجميع بكل حقوقه الضائعة وستعترف به مصر أيضا كأحد أبنائها.