x

محمد أبو الغار من مصريين وطنيين إلى الرئاسة محمد أبو الغار الإثنين 23-05-2016 21:26


أكتب هذه المقالة من ولاية ماريلاند فى أمريكا بصحبة مجموعة من الأصدقاء المصريين الأمريكان الذين هاجروا إلى أمريكا منذ حوالى أربعين عاماً، وكلهم مُحبُّون لمصر، يتابعون أخبارها عن قرب شديد، ويعلمون عنها أشياء لا أعلمها، وكلهم من المهنيين الكبار، أطباء ومهندسين ورجال أعمال وأساتذة جامعات مرموقين. كلهم يؤمنون إيماناً تاماً بمدنية الدولة، وكان موقفهم واضحاً أيام حكم الإخوان، وكلهم ساعدوا وطنهم الأم مادياً ومعنوياً وبمساهمات علمية، قدموا استشارات طلبها منهم رجال الدولة عبر قنوات متعددة معظمها رسمية. قضينا أربعة أيام معاً بعضهم أحضر زوجته فى مكان جميل على بحيرة ضخمة وتحدثنا ساعات وساعات، وفضلت أن أترك هذه المقالة لهم، وباختصار أسرد ما قالوه:

1. حذرونى من الكتابة فى «المصرى اليوم»، وقول الرأى بصراحة، لأنهم يشعرون أن النظام أصبح يطيح بالجميع حتى أكثر الناس وطنية، ولم يعد يحتمل أى نقد أو حتى نصيحة، وقالوا إننا جميعاً فى فترة عمرية متقدمة، وآن لنا أن نستريح. وقالوا إن د. نور فرحات كتب شيئاً مشابهاً، وقلت لهم إن أى نقد موضوعى مع الالتزام بالأدب والاحترام هو واجب وطنى، ويجب أن تقرأه الدولة بعناية، لأنه فى مصلحتها، ونحن لا نريد إسقاط الدولة وإنما نعطى النصيحة لمنع سقوطها لأن مصر لا تحتمل ذلك، ونحن نرى مخاطر لا يراها من يحكم، لأن معظم حكام العالم الثالث، الذى يُحكم بنظام ديكتاتورى أو فاشى، لا يرون ما يحدث ولا يستمعون إلى أحد، وهم معزولون عن العالم، ومعظمهم يظن أنه الوحيد الذى يفهم ولا يتصور أن ينتقده مواطن لأنه يحب وطنه ويريد له الخير.

2. أصدقائى عندهم ذهول من القبض على آلاف دون مدد محددة ودون سبب واضح، مما يثير غضباً شديداً على النظام ولا يحقق ردعاً. قال أحدهم: انظروا للتاريخ القريب، كلما ارتفع عدد المساجين السياسيين كان الحاكم ضعيفاً، واهتزاز كرسيه وارداً، وهم لا يريدون ذلك.

3. تحدثوا كثيراً عن الشفافية، وأن مصر أصبحت معدومة الشفافية، والرئيس يتفاوض على وضع جزر البحر الأحمر ويوقِّع اتفاقاً مع السعودية وبموافقة دول أخرى دون علم مجلس وزرائه ولا برلمانه ولا شعبه. الجميع مقتنع لأسباب كثيرة بأن الجزر مصرية، وأحدهم قال: أنا متفهم وضع مصر الاقتصادى السيئ، وأنه حتى يأخذ دعماً مادياً واستثمارياً وبترولياً لا بد أن تعطى مصر شيئاً، هو هذه الجزر. وقال إن تناول القضية والتعتيم الكامل عليها وضعا النظام فى موقف ضعيف أدبياً، لأن غالبية الشعب تؤمن أن الجزر مصرية ولكن ليس لديها معلومات كاملة عن الوضع الاقتصادى الكارثى، وكان رأيه أن مصارحة الشعب بالموقف عبر عدة أسابيع كانت سوف تسهل الأمور عليه، وقالوا إن استدعاء مهندسى وترزية قوانين مبارك سيئة السمعة للدفاع عن أن الجزر سعودية خطأ كبير، لأنه أعطى انطباعاً بأن السياسيين السابقين حضروا مرة أخرى للقيام بنفس المهمة، كما أن الإعلاميين الذين أيدوا سعودية الجزر أضروا أكثر مما أفادوا. وكان غياب الشفافية حتى فى إعلان نص الاتفاقية حتى حكمت المحكمة بإظهار تفاصيل الاتفاق على الشعب أمراً جعل الشعب متشككاً وقلقاً. وأخيراً إهمال البرلمان الذى أعطاه الدستور صلاحيات كثيرة أصبح شيئاً مسيئاً للغاية، ثم الهجوم غير المسبوق على شخصية محترمة مثل منير فخرى عبدالنور، لأنه قدم من الوثائق ما يثبت أن الجزر مصرية. وأخيراً ما قاله أحدهم من أن شخصية من مكتب الرئيس ثبت أنها تتجسس لصالح إحدى الدول الخليجية مقابل أموال وهدايا، ولم نسمع عن نيابة أو محاكمة أو أى شىء! وأخيراً علم المصريون بالصدفة أن كهرباء السد العالى قد توقفت، وطلب الرئيس من وزير الكهرباء بطريقة دبلوماسية عدم الخوض فى تفاصيل هذا الأمر. أين الشفافية؟

4. تحدث أحدهم، وهو خبير اقتصادى، وعلى دراية تامة بالاقتصاد الأمريكى والمصرى والعالمى وله مؤلفات ومترجمات مهمة فى هذا المجال، بأن الأمور الاقتصادية فى مصر لا تدار بطريقة علمية وإنما بطريقة عشوائية، فلا توجد أولويات للمشروعات الكبرى ولا دراسات اقتصادية دقيقة. وقال أحدهم إن الطاقة النووية قد تكون أفضل الطرق لتوليد الطاقة فى ظروف مصر الحالية ولكنه يريد شرحاً أكثر عن معدلات الأمان، وعن أن العرض الروسى هو الأفضل من الناحية الفنية والتمويلية. هم يعتقدون أننا مقبلون على كارثة اقتصادية رهيبة لن يستطيع أحد منعها ما لم تتكون وبسرعة لجنة من المصريين ذوى الخبرات العالمية لمحاولة إنقاذ الموقف، وهو أمر يعتقد أنه من الصعب أن يحدث فى ظل تفكير الإدارة الحالية.

وقالوا إن الدين الداخلى تخطَّى مستوى المخاطر والقواعد بكثير، والدين الخارجى كان معقولاً حتى فترة قريبة، وهم يخشون أن يرتفع الآن خارج حدود الأمان، مما يعرض مستقبل مصر واستقلالها لأخطار أكبر وضغوط أكثر.

لن أدخل فى شرح حزنهم الشديد على تدهور حقوق الإنسان فى مصر ولا عن التضييق على الحريات ووسائل الإعلام، وكانوا واضحين فى أنه إذا حدث تعدٍّ على وسائل التواصل الاجتماعى- وهو أمر محتمل الآن- ستتحول مصر إلى كوريا شمالية أخرى، وسنكون خارج نطاق احتمالات عودة السياحة والاستثمار إلى الأبد.

هذه بعض أفكار يقول مثلها الخبراء المقيمون فى الوطن. أرجو التفكير والتروى، لأن الجميع يريد لمصر أن تنجح، ولا أحد يريد لها أن تسير ضد تيار القرن الواحد والعشرين.

قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية