أهدر أرسنال فرصة ثمينة للتتويج بالدوري الإنجليزي موسم (2015/2016) في ظل تراجع مستوى منافسيه التقليديين على اللقب بشكل واضح.
واحتلت كتيبة الفرنسي آرسين فينجر المركز الثاني في الترتيب برصيد 71 نقطة خلف المتصدر ليستر سيتي بـ10 نقاط كاملة.
وعجز أرسنال للموسم الـ12 على التوالي في التتويج بلقب الدوري منذ فوزه بالمسابقة عام 2004 ما تسبب في ردة فعل قوية للجماهير بدأت بالإعراض عن حضور بعض المباريات على استاد الإمارات، ملعب الفريق، قبل أن ترفع الجماهير لافتات خلال مباراة نوريتش سيتي، في الجولة 36، كُتب على بعضها «حان وقت التغيير» في إشارة لضرورة رحيل المدرب.
قبل نهاية موسم «2014 – 2015» كانت ثغرات الفريق واضحة، يحتاج دعمًا قويًا في كل خطوطه، حارس مرمى، قلب دفاع، لاعب وسط ارتكاز، ورأس حربة.
تسوّق فينجر بحرص وبعناد كالمعتاد، دعّم صفوفه بالحارس المخضرم بيتر تشيك من تشيلسي في حين لم يضف لقائمة الفريق وجوهًا أخرى جديدة رغم حاجتها خاصة في خط الهجوم وكان مبرره أنه «لا يوجد في السوق لاعبون متميزون».
من وراء فينجر كانت تقف إدارة النادي، التي حققت أرباحًا ضخمة خلال السنوات الماضية بسبب سياسة الفريق في سوق الانتقالات.
استهل أرسنال الموسم بخسارة على ملعبه من وست هام (2-0) تحمل بيتر تشيك مسؤوليتها بنسبة كبيرة.
تجاوز فينجر ولاعبو الفريق الهزيمة سريعًا بفوز على كريستال بالاس (2-1) قبل أن يتعادل في الجولة التالية مع ليفربول في مباراة كانت بداية تألق تشيك مع المدفعجية وبمثابة إعلان نجاح فينجر في اقتناص صفقة ثمينة.
الثلاث جولات الأولى من المسابقة ظهر أرسنال خلالها بوجهه المعتاد، دون تغيير بارز في طريقة لعبه أو في صفوفه، يستحوذ على الكرة، يمررها اللاعبون سريعًا، يصلون لمرمى الخصم بسهولة لكن لا يزورون الشباك بالسهولة نفسها.
بعد الهزيمة أمام تشيلسي في الجولة السادسة بدأ أرسنال أفضل فتراته في الموسم، استهلها بفوز كبير على ليستر سيتي (5-2) ثم على مانشستر يونايتد وواتفورد بنتيجة واحدة (3-0) قبل الفوز على إيفرتون (2-1) ثم بثلاثية نظيفة على سوانزي، وانتهت سلسلة الانتصارات المتتالية أمام الجار توتنهام بتعادل إيجابي. (1-1).
إضافة إلى تألق بيتر تشيك، كان الألماني ميسوت أوزيل العنصر الأبرز في صفوف أرسنال خلال تلك الفترة، فبعد موسم مخيّب تعرض خلاله لانتقادات حادة بدأ ذو الأصول التركية موسم (2015-2016) بشكل متميز.
وخلال أول 11 جولة سجّل أرسنال 21 هدفًا صنع أوزيل 9 منها وسجل هدفًا واحدًا، وتلقت شباك الفريق خلال هذه الجولات 8 أهداف فقط مقابل 13 هدفًا تلقتها شباكه في أول 11 جولة خلال الموسم السابق (2014-2015).
ارتفعت أسهم أرسنال في التتويج باللقب مبكرًا في ظل السقوط المفاجئ لتشيلسي مع خوزيه مورينيو، وفي ظل تباين نتائج مانشستر سيتي ومانشستر يونايتد وابتعاد ليفربول عن المنافسة.
كان ليستر سيتي يتصدر الترتيب، وبدت هذه الصدارة المُفاجئة أمر عارض ستُكتب نهايته قريبًا متى انتفض الأبطال التقليديون للمسابقة.
أنهى أرسنال الدور الأول من المسابقة وفي رصيده 39 نقطة في صدارة الترتيب.
أوروبيًا نجح الفريق، بصعوبة بالغة، في تجاوز مرحلة المجموعات ليدوّن حضوره المعتاد في دور الـ16 بدوري أبطال أوروبا.
دعم محدود
ميرتساكر بطئ، جيرو بارع في إهدار الفرص السهلة، سانشيز يبدو مرهقًا للغاية بعد مشاركته مع تشيلي في كوبا أمريكا لكنّ فينجر لم يكن مهتمًا بترميم الدفاع أو دعم الهجوم، نظر إلى خط وسط الفريق الذي افتقد بعض عناصره الأساسية بسبب الإصابة وبدأ ينقب عن جندي جديد لينضم لكتيبته.
استقر فينجر على ضم المصري محمد النني من صفوف بازل بعد تألق اللاعب مع بطل سويسرا خلال النصف الأول من الموسم، وفي غياب رامسي وكازورلا وويلشير لم يجد النني صعوبة في اقتحام التشكيل الأساسي للمدفعجية.
إضافة إلى النني، الذي تأقلم بسرعة قياسية مع طريقة لعب أرسنال اقتحم النيجيري الشاب أيوبي التشكيل الأساسي للفريق وأطاح الكوستاريكي العائد من الإعارة جول كامبل خارج حسابات فينجر.
سجل النني هدفًا في شباك برشلونة، رفع أسهمه مع أرسنال لكنه لم يكن كافيًا لتأهل الفريق اللندني، حيث اهتزت شباكه 3 مرات في هذه المباراة بعدما خسر على ملعبه في ذهاب ربع نهائي دوري الأبطال (2-0) ليودع دوري أبطال أوروبا من دور الـ16 في مشهد بدا معتادًا خلال السنوات الأخيرة.
نال المصري إشادة كبيرة من مديره الفني ومن بعض زملائه بالفريق لكن أحوال أرسنال تبدلت وبدأ الفريق في الابتعاد عن الصدارة.
قبل نهاية الدور الأول تلقى الفريق هزيمة قاسية مفاجئة من ساوثهامبتون (4-0) تعافي منها سريعًا بانتصارين متتاليين على بورنموث (2-0) ثم على نيوكاسل (1-0).
بدأ أرسنال أسوأ فتراته في الموسم، بين الجولتين 21 و24 لم يحصد الفريق إلا 3 نقاط من 3 تعادلات وهزيمة.
المنافس الأبرز على اللقب هذا الموسم كان ليستر سيتي وبعد أن فاز أرسنال عليه ذهابًا (5-2) تفوق عليه مجددًا بصعوبة في مباراة الإياب (2-1).
لم يستثمر لاعبو الفريق الفوز على ليستر حيث تعرض أرسنال لهزيمتين أمام مانشستر يونايتد وسوانزي سيتي على التوالي في الجولتين 27 و28.
ابتعد المدفعجية عن الصدارة، وقبل نهاية المسابقة بـ10 جولات تراجع الفريق للمركز الثالث، تغيرت الأحاديث داخل جدران استاد الإمارات، مرة أخرى يطفو الحديث عن ضرورة التأهل لدوري الأبطال على السطح وتتبخر أحلام التتويج باللقب.
فينجر أخرج العديد من اللاعبين من حساباته نهائيًا مثل توماس روزيسكي وماثيو فلاميني وميكل أرتيتا وتراجع اعتماده على ثيو والكوت، حيث جاءت أغلب مشاركاته كلاعب بديل.
تعادل أرسنال مجددًا مع جاره توتنهام الذي قفز للمركز الثاني في الترتيب، ثم نجح فينجر ولاعبوه في حصد 9 نقاط من 3 مباريات متتالية لكنها لم تكن كافية للصعود للصدارة أو حتى احتلال المركز الثاني.
لم يفقد أرسنال الأمل في التتويج رغم استمرار تفوق ليستر سيتي واستحواذه على الصدارة، كانت الفرصة لاتزال سانحة وإن كانت ضعيفة.
3 تعادلات متتالية أمام وست هام وكريستال بالاس وسندرلاند بين الجولتين 33 و35 أعلنت رسميًا ابتعاد اللقب عن استاد الإمارات هذا الموسم.
جاءت نهاية الموسم درامية حيثُ ارتقى أرسنال بشكل مفاجئ للمركز الثاني بعد تعثر توتنهام في آخر 4 جولات حيثُ تعادل مع وست بروميتش (1-1) ثم مع تشيلسي (2-2) قبل الهزيمة من ساوثهامبتون (2-1) وأخيرًا السقوط المدوي في الجولة الأخيرة أمام نيوكاسل (5-1).
تصدر جيرو قائمة هدافي الفريق برصيد 16 هدفًا سجلها خلال 38 مباراة في الدوري، وخلفه أليكسس سانشيز برصيد 13 هدفًا ثم أوزيل برصيد 6 أهداف.
وسجل الفريق 65 هدفًا خلال الموسم ليحتل المركز الرابع في قائمة أقوى هجوم في الدوري بعد مانشستر سيتي (71 هدفًا) وتوتنهام (69) وليستر سيتي (68)، في حين استقبل مرمى الفريق 36 هدفًا.
صدام
20 عامًا قضاها فينجر في قيادة أرسنال، التصق بمنصبه وبات فصله عنه أمرًا بالغ الصعوبة، ساهم المدرب الفرنسي في تجاوز النادي أعباء ديونه، وساهمت سياسته في تسديد المستحقات المالية للشركة المصممة لاستاد «الإمارات» اكتشف العديد من المواهب الكروية وقاد أرسنال للتتويج بالعديد من الألقاب المحلية لكنّ كل هذا لم يحمِ المدرب الفرنسي من أمواج الانتقادات العاتية التي كادت تبتلعه قبل نهاية الموسم.
وبدلًا من أن يحني رأسه أمام الأمواج قرر فينجر أن يواجهها في مشهد بدا فيه المدرب مصممًا على تحدي الجماهير حين قال إن «الأجواء في استاد الإمارات (ملعب الفريق) غير مريحة، وإن أرسنال لو خاض كل مبارياته خارج الملعب كان سيتوج بالمسابقة» كما وصف منتقديه داخل النادي بـ«القلة»، مشيرًا إلى أنهم «يجهلون ما قدمه للنادي».
يتبقى في عقد فينجر الحالي مع أرسنال موسم وحيد لن يكون سهلًا للمدرب المخضرم في ظل غضب كثير من أنصار الفريق من سياسته في سوق الانتقالات وقراراته الفنية؟