كرم الله- تعالى- بعض عباده على بعض، وكذلك فضل بعض أنبيائه على بعض، وفضل بعض البلاد (مكة، البيت المقدس وجبل الطور بسيناء) ولكن لم يذكر بلدا فى كتابه العزيز أكثر مما ذكر مصر أرض الكنانة، فأراد الله- تعالى- لها أن تحتل مكاناً بارزاً بين بلاد الأرض، فهى ملتقى المشرق مع المغرب، وهى زعيمة العرب عن ريادة واستحقاق لا عن حكر أو غصب.. فمنذ مصر الفرعونية مروراً بالإسلامية، فالحديثة التى أسسها محمد على، وطوال هذه العصور كانت مصر مشعلاً مضيئاً للإنسان، شاهدة على تقدمه، وعلمه، وفنه، وأدبه، فظلت ملء السمع والبصر، وظل العالم ينظر إليها باعتبارها المنهل لكل مريد، فأمدت العالم بأدبائها وكتابها وعلمائها وفنانيها ومؤرخيها ومصلحيها وزعمائها وقادتها، حتى أصبحوا حجة على الناس فى أقطار الأرض يُحتج بعلمهم وفكرهم وزعامتهم، واحتضنت الأديان السماوية جميعاً فبها المعابد والكنائس والأزهر لا يزال ينشر الإسلام الوسطى السمح لا ينافسه فى ذلك معهد أو جامعة على سطح الأرض.. ولكن صدمنى، وساءنى جداً تصريح وزير الخارجية سامح شكرى باجتماع لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الذى قال فيه: «ليس من أهدافنا أن تكون مصر رائدة، فمصر ليست رائدة!.. لا نسعى أن نكون روادا لأحد، وإنما شركاء»!.
يا سيادة الوزير.. ستظل مصر رائدة، وباقية بمواردها، وبإخلاص أبنائها وتفانيهم لحمايتها، فهم حماتها وحراس أراضيها، وستظل مصر تحمل مشاعل العلم والأدب والفن للعالم بأسره، ولكن هذا مرهون برجوع مصر لسالف عهدها، وإصلاح ما أفسده الظلم والجهل ونفض الغبار عن عقولنا، وما ران على فكرنا من ضعف وتراجع، فمصر دولة غنية بمواردها وموقعها وتراثها وتاريخها، ولكن للأسف تُدار بتهاون وتخاذل وقصور وضعف!.
محمد حافظ باريدى- باحث قانونى- سوهاج