x

مي عزام هل العرب مستعدون لسلام دافئ؟ (1) مي عزام السبت 21-05-2016 21:48


«وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» صدق الله العظيم

من يكره السلام؟ من يكره البناء والاستقرار والأمن والأمان؟

من يفضل البندقية على زهرة تتفتح ويفوح عطرها الجميل في الهواء؟

لا يوجد إنسان بفطرة سليمة يفضل الموت على الحياة، لكن يبقى الاختلاف حول: أي حياة وأى موت ... أي حرب وأى سلام؟

تحدث الرئيس السيسى، مؤخرا في أسيوط، عن ضرورة إعادة جولات التفاوض واقرار السلام بين الفلسطينيين والعرب، وهو حديث قديم لكن في ظل ظروف جديدة، يعانى فيها عدد من بلاد العالم العربى من مخاوف الانشطار نتيجة النظام العالمى الجديد الذي يمر بمرحلة مخاض، ولكنه على وشك الميلاد على أشلاء العرب، الذين يعيشون فوضى غير خلاقة وحروبا وصراعات نفوذ وضحايا أبرياء يسقطون قتلى كل يوم وليلة.

في العالم العربى لا تخشى من أن يفوتك شىء، فما فاتك سيأت من جديد، فنحن نعيش دوائر مغلقة ملعونة ندور فيها منذ عقود، ولانستطيع أن نقهرها ونكسرها، فما يقال اليوم قيل من قبل، ما قيل من قبل قيل من زمن، الفرق الذي ندركه هو الزمن الذي يتغير.

قبل اندلاع ثورة يناير المجيدة بشهور قليلة، وتنحى مبارك أرسل الأخير برسالة إلى الامريكين حكومة وشعبا عبر مقال مهره بتوقيعه وتم نشره في جريدة الـ«نيويورك تايمز»، لعله ينجح في الحصول على تأييد الرأى العام الأمريكى للضغط على إسرائيل لتحريك مفاوضات السلام المتعثرة وتحقيق سلام عربى إسرائيلى شامل تطبيقا لمباردة السلام العربية التي انطلقت من بيروت عام 2002.

نشر المقال بتاريخ 1 سبتمبر 2010 تحت عنوان A Peace Plan Within Our Grasp،حينذاك كان هذا الخطاب قابلا للتحقق، لم تكن رياح الربيع العربى قد اقتلعت الاستقرار الهش في مصر ودول الجوار، وكانت هذه الدول آنذاك تبدو قادرة على تفاوض يحفظ للفلسطينين حقوقهم وللعرب ماء وجوههم، الآن اختلف الأمر كثيرا رغم ما يتصوره البعض من أن التلويح بالمصالح الاقتصادية يمكن أن يكون بديلا عن التفوق العسكرى الذي يحكم في ميادين الحرب والسلام.

قبل الخوض في تفاصيل صعوبة تحقيق سلام في هذه المرحلة، ليس لأن إسرائيل غير مستعدة ولكن بالعكس العرب هم الطرف غير المستعد، أعيد نشر مقال مبارك كاملا ليكون بداية لهذه المقالات، لمن يريد العودة إلى الأصل باللغة الإنجليزية من هنا

وإليكم نص المقال مترجما إلى العربية:

خطة سلام في متناولنا:

«مرت 10 سنوات طويلة منذ آخر مرة اقترب خلالها الفلسطينيون والإسرائيليون من إقرار سلام دائم، وذلك في يناير2001 في طابا بمصر. خلال فترة عملي بالقوات الجوية المصرية، عاينت التكاليف المأساوية المترتبة على الحرب بين العرب وإسرائيل. وباعتباري رئيس مصر، شاهدت كثيرا من النجاحات والإخفاقات في مسار عملية السلام الإسرائيلية- الفلسطينية.

وتكبدت مصر في حياة سلفي، أنور السادات، ثمنا لقرارها عقد سلام مع إسرائيل. ومنذ يوم اغتياله عام 1981 على يد متطرفين، الذي شهدته بنفسي، عملت على تحويل حلم السلام الدائم في الشرق الأوسط إلى حقيقة.

الآن، وبعد فترة توقف للمفاوضات المباشرة استمرت قرابة عامين، نفتتح الآن فصلا جديدا في هذا التاريخ الطويل. ويدعي الكثيرون أن هذه الجولة الجديدة من المحادثات- التي تبدأ بعقد اجتماعات بين الرئيس أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس والملك الأردني عبدالله، إلى جانبي، هنا الأربعاء- تواجه فشلا محتوما ككل سابقاتها.

بيد أن مشاركة الرئيس أوباما القوية أحيت آمالنا مجددا في السلام، ويتحتم علينا انتهاز هذه الفرصة. وقد اتضحت بالفعل صورة العوامل واسعة النطاق المرتبطة بتسوية فلسطينية- إسرائيلية دائمة: إقامة دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967 مع وجود القدس كعاصمة لإسرائيل وفلسطين. وقد نجحت المفاوضات السابقة في تسوية الكثير من التفاصيل المتعلقة بالوضع النهائي للاجئين والحدود والقدس والأمن.

أما العقبة الكبرى التي تقف الآن في طريق النجاح فتحمل طابعا نفسيا: التأثير التراكمي لسنوات العنف والتوسع الاستيطاني الإسرائيلي الذي أسفر عن انهيار الثقة بين الجانبين. ومن أجل ضمان نجاح المحادثات، يجب أن نعيد بناء الثقة والشعور بالأمن.

والتساؤل الآن: كيف يمكننا تحقيق ذلك؟

أولا: يجب أن نحمي عملية السلام ضد مزيد من الانتكاسات جراء اندلاع أعمال عنف أخرى. من أجل هذه الغاية، تقف مصر على أتم الاستعداد لاستئناف جهودها لتسوية الكثير من القضايا العسيرة المحيطة بغزة، بحيث تضطلع بالوساطة في تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس المسيطرة على غزة، بما يضع نهاية للحصار الإسرائيلي ويعزز إمكانية المصالحة بين حماس وغريمتها فتح التي تسيطر على الضفة الغربية. ويحمل كل ذلك أهمية حيوية لتحقيق حل إقامة الدولتين، ذلك أنه ليس بمقدور الفلسطينيين تحقيق السلام بينما تعتمل صفوفهم بالانقسامات. حال استثناء غزة من إطار عمل السلام، ستبقى مصدرا للصراع، مما يقوض التوصل لتسوية نهائية.

من أجل نجاح السلام الإسرائيلي- الفلسطيني، يجب دمجه في سلام إقليمي أوسع بين إسرائيل والعالم العربي. وتعرض مبادرة السلام العربية، التي أقرتها جميع الدول العربية، على إسرائيل السلام وتطبيع العلاقات مقابل انسحابها من أراض عربية وإقرار حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين. إلا أنه خلال الفترة الانتقالية يتعين على الجانبين إظهار أن هذا الحلم في المتناول. ينبغي أن تستمر الدول العربية في إظهار جديتها إزاء مبادرتها للسلام عبر اتخاذ خطوات تتناول مخاوف وآمال الإسرائيليين العاديين.

من ناحيتها، يجب أن تعي إسرائيل أنه من المتعذر التوفيق بين المستوطنات والسلام، ذلك أن الأولى تعمق الاحتلال الذي يسعى الفلسطينيون لوضع نهاية له. وعليه، فإن من الحيوي وضع نهاية للتوسع الإسرائيلي الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية كي تنجح المفاوضات، مع البدء بتمديد قرار الحظر الإسرائيلي المؤقت على عملية بناء المستوطنات والذي ينتهي هذا الشهر.

بالنسبة لكلا الجانبين، يمكن بناء الثقة فقط على الأمن القائم على أرض الواقع. إلا أنه لا يمكن أن يتحول الأمن إلى ذريعة لاستمرار احتلال إسرائيل لأراض فلسطينية، لما ينطوي عليه ذلك من تقويض للمبدأ الأساسي: الأرض مقابل السلام. أدرك أن لإسرائيل احتياجات أمنية مشروعة، وهي احتياجات يمكن التوفيق بينها وبين مطلب الفلسطينيين العادل بانسحاب كامل من أراض محتلة. من جانبها، تعتقد مصر أن وجود قوة دولية في الضفة الغربية، بحيث تتمركز لفترة يتفق عليها الطرفان، سيمنح الجانبين الثقة والأمن الذي يسعيان خلفه.

وأخيرا، تقف مصر على استعداد لاستضافة جولات لاحقة من المفاوضات. وقد جرى التوصل إلى جميع الاتفاقات الكبرى بين الفلسطينيين والإسرائيليين بمشاركة مصرية نشطة، بالتعاون الوثيق مع الولايات المتحدة. وشهدت محادثات طابا 2001، على سواحل مصر على البحر الأحمر، اللحظة التي كان الجانبان فيها أقرب ما يكون للتوصل لاتفاق لإنهاء الصراع. دعونا نبدأ من حيث توقفنا، ونأمل في أن تثمر روح التعاون التي صاحبت هذه المحادثات الأخيرة النجاح.

إننا نعيش في عالم يعاني من اندفاع مرير للتطرف. ومن شأن تحقيق سلام دائم بين إسرائيل والفلسطينيين تسليط الضوء على الأمل أمام الشرق الأوسط والشعوب بمختلف أرجاء العالم. وباعتباري شخصا عايش خراب الحرب وآمال السلام، أناشد الأطراف كافة إنجاح هذه الجولة من المفاوضات».

انتهى المقال... وللحديث بقية غدا بإذن الله.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية