تلقيت وأنا فى لندن بياناً صدر عن اتحاد المصريين فى أوروبا حول حادث الطائرة، قدم فيه عزاءه لأسر الضحايا، وطالب الدولة بإعلان الحداد, العام ثلاثة أيام، وأعلن إقامة لقاء فى منزل رئيس الاتحاد الدكتور عصام عبدالصمد، فى العاصمة البريطانية، تحضره نخبة من المصريين المقيمين هناك لتقديم التعازى.
وأظن أن طلب إعلان الحداد لثلاثة أيام فى محله وفى مكانه، وإذا كان إجراء كهذا قد فات على الدولة، فى غمرة انشغالها بما جرى، فلايزال فى إمكانها أن تتخذه، لأن الكارثة ليست هينة، ولأن حوادث الطيران حول العالم تحتاج دائماً رد فعل من الدولة المعنية، من هذا النوع، وعلى هذا المستوى، وهو معنى وجدته فى حديث دار بينى وبين الأستاذ جمال عبدالمعبود، نائب رئيس الاتحاد.
وقد كنت أتوقع بياناً مختصراً من الرئيس، أو على الأقل من رئاسة الجمهورية، بعد الحادث مباشرة، لأن الأمر يعنينا بالضرورة أكثر مما يعنى روسيا التى أصدر رئيسها بياناً، ثم يعنينا مثلما يعنى فرنسا التى أقلعت منها الطائرة، والتى أصدر رئيسها بياناً أيضاً حول الحادث، وكان بياناً سريعاً ومتفاعلاً مع الحدث، بقدر ما كان مقتضباً على نحو ما يجب فى مثل هذه الظروف!
إن العالم فى أحوال كهذه لدينا، يتطلع إلى رأس الدولة، ويترقب ما سوف يصدر عنه، وينتظر كل حرف يمكن أن يقال على لسانه، وهو ما لابد أن ندركه، منذ اللحظة الأولى، وأن نتصرف وفق مقتضياته، حتى نقطع الطريق على كل الذين يحترفون الصيد فى الماء العكر!
وحين التقيت الأستاذ طاهر الشريف، رئيس غرفة التجارة المصرية - البريطانية، فى لندن، سألته باعتباره ملاحاً قديماً، عما إذا كان هناك احتمال لسقوط الطائرة، بسبب عطل فنى فيها، ففهمت من كلامه أن كل الشواهد المتوافرة تقول إن العطل الفنى، كسبب للسقوط، ليس وارداً بالمرة، وإن السقوط، كما ستثبت التحقيقات عندما تنتهى، سيكون لغير هذا السبب، لأن وجود العطل يقتضى صدور استغاثة من الطيار لأبراج المراقبة، وظهور صورة الطائرة على شاشات الرادار وهى تسقط.. وهو ما لم يحدث.
وفى تعليق الرئيس الفرنسى على الحادث، قال إن كل الفرضيات واردة، وإن التحقيقات التى سيجريها المتخصصون هى التى ستقول، وهى التى ستقطع وتكشف عن السبب الحقيقى!
وعلينا أن نتيقظ إلى أن هناك من يحاول الترويج الآن للعطل الفنى كسبب للسقوط، بهدف التشويش على سمعة «مصر للطيران» باعتبارها الشركة الوطنية للبلد، ثم إن هناك أيضاً من يتكلم عن أعمال الصيانة فيها، وعن مدى علاقتها بسقوط الطائرة، وكلها أشياء، كما ترى، يريد المروّجون لها من خصومنا تعليق المسؤولية فى رقبتنا نحن بتعسف واضح، مع أن الطائرة أقلعت من باريس وليس من القاهرة، ومع أن عمليات الصيانة لها قد جرت، بالتالى، هناك وليس هنا فى القاهرة.
أريد أن أقول إن كل ما يصدر عن الحكومة، أو عن الوزير المسؤول، لابد أن يكون دقيقاً، وأن يراعى طبيعة الحادث وأبعاده، وأن يقطع كل طريق على الذين يرغبون بتصميم فى توظيفه ضدنا، ثم إن علينا ألا نستبق التحقيقات بأى كلام عام لا يستند إلى معلومات موثقة ودقيقة.
إن المتحدث باسم الرئيس الروسى قال إن الكلام عن احتمال تأثير الحادث على موعد عودة السياح الروس إلى القاهرة سابق لأوانه، وهو تلميح أراه غير مريح، رغم أنه صادر عن دولة صديقة، فما بالنا بما يمكن أن يصدر أو يأتى من دولة خصم أو عدو؟!