خيم الحزن الشديد على أهالى قرية ميت بدر حلاوة بمركز سمنود بالغربية، بسبب فقدان القرية 4 من شبابها فى حادث تحطم طائرة مصر للطيران أثناء رحلة عودتها من فرنسا إلى القاهرة، والتى أقلعت من مطار شارل ديجول بفرنسا متجهة إلى مطار القاهرة، وعلى متنها 56 راكباً و10 من أفراد طاقم الطائرة.
واتشحت القرية بالسواد وتحولت شوارعها إلى سرادق عزاء كبير، فى انتظار وصول جثامين الضحايا، وارتدت سيدات القرية الملابس السوداء، حدادا على أرواح شبابها، بعد التأكد من مصرع: «خالد الطنطاوى 85 سنة، متزوج من مصرية ولديه ولد وبنتين، وخالد عبد الخالق علام،40 سنة، متزوج من فرنسية، وهيثم سمير بديح، 35 سنة، وزوجته المغربية، وطفلته 4 سنوات، وخالد نملة»، كانوا يستقلون الطائرة المفقودة فى طريقهم إلى مصر، لقضاء إجازتهم السنوية مع ذويهم فى ميت بدر حلاوة، وكانوا على اتصال بهم إلى أن صعدوا إلى الطائرة، وتجمع أهالى القرية أمام منازل المفقودين فى انتظار أخبار جديدة عن المفقودين.
وانتقلت «المصرى اليوم» إلى ميت بدر حلاة، وقال المهندس ماهر مطاوع، والد زوجة خالد عبدالخالق المفقود على متن الطائرة، إن ابنته تلقت خبر فقدان زوجها من الفضائيات، وإنها أخبرته فور علمه بوفاة زوجها، موضحا أن خالد تزوج ابنته منذ عام ونصف العام، ورزق بطفل منذ 5 شهور، لافتا إلى أن هذه الزيارة كانت الثانية، إذ سافر منذ 20 يوما فقط، وكان قادما من فرنسا لإنهاء بعض الإجراءات الخاصة به فى مصر.
وتابع: «شقيقه أحمد، توجه إلى المطار لاستقباله، ولما تأخرت طائرته، نمى إلى علمه أثناء تواجده فى المطار أنباء عن فقدان الطائرة، وأبلغ باقى الأسرة فى القرية، وعلى الفور تجمع أكثر من 5 ميكروباصات وذهبوا إلى المطار لمعرفة آخر التطورات».
وأوضح على عيد، ابن عم هيثم أحد المفقودين، أنه تزوج من مغربية، ولديه طفلة تبلغ 4 سنوات كانت قادمة معه على متن الطائرة، وأنه يسافر منذ أكثر من 20 عاما، ويأتى إلى مصر لقضاء فترة الإجازة كل عام، لافتا إلى أن «هيثم» لديه شقيق واحد يعمل فى فرنسا، وباقى عائلته تقيم فى القرية.
وقال عبدالكريم الديب، عم زوجة هيثم دبيح، إن العائلة تعيش صدمة كبيرة، وكانوا يتشبثون بأى أنباء عن الطائرة تفيد بأن المفقودين على قيد الحياة، مطالبا المسؤولين بسرعة كشف ملابسات الحادث، والإعلان عن مصير الركاب الذين كانوا على الطائرة، وأخبار ذويهم لسرعة تسليم جثامينهم حال وفاتهم.
ولفت الطنطاوى نملة، والد خالد الطنطاوى نملة، إلى أن نجله يعمل فى فرنسا، وكان فى طريقه إلى مصر لقضاء إجازته السنوية، وأنهم عرفوا نبأ فقدان الطائرة من وسائل الإعلام، مطالبا المسؤولين فى مطار القاهرة بإطلاعهم على المعلومات ومساعدتهم لمعرفة مصير نجله.
وقالت والدة خالد عبد الخالق، إن زوجها متوفى، ونجلها يعمل فى فرنسا منذ سنوات، وأنه كان فى طريقه إلى مصر لقضاء إجازته السنوية، وأنها علمت بنبأ فقدان الطائرة من جيرانها، مضيفة: «عايزة أتاكد بس من موته، وربنا يصبرني».
وقال حسن سرور، مقاول، من أبناء القرية، إن الأموال المحولة من فرنسا وإيطاليا تعد المصدر الأساسى لدخل سكان ميت بدر حلاوة، موضحا أن أهالى العاملين بفرنسا اشتروا مساحات شاسعة من الأراضى، وأقاموا عليها قصور فارهة أسوة يغلب عليها الطابع الأوروبى، لافتا إلى أن الديكورات الخارجية لبعضها يصل إلى 5 ملايين جنيه.
يذكر أن «ميت بدر حلاوة» تختلف عن باقى قرى مصر، وتتميز بمبانيها الشاهقة الفخمة على طراز فرنسى وإيطالى مع الاحتفاظ بالطابع الريفى المصرى، فالقرية التى على بعد ٣٠ كيلو من مدينة طنطا، يبلغ عدد سكانها 30 ألف نسمة، وتتميز بسفر شبابها للعمل بالخارج خاصة فرنسا وإيطاليا، ما أدى إلى ازدهار الحالة الاقتصادية بها، بينما ذكر تقارير فرنسى إن 7 آلاف من أبناء القرية يعملون فى باريس.
وتعد ميت بدر حلاوة أغنى قرى مصر، ووصل سعر قيراط الأرض بها إلى ٣ ملايين جنيه، وتتكلف ديكورات بعض القصور فيها أكثر من 5 ملايون جنيه، لأن أكثر من 50% من سكان القرية يعملون فى إيطاليا وفرنسا.
وبدأت قصة نجاح القرية عندما سافر 4 من أبنائها إلى فرنسا، وعاشوا فى غرفة صغيرة، وعملوا لفترة طويلة فى مجال بيع الخضار قبل أن ينجحوا فى شراء محل خاص بهم، وبعدها تمكنوا من توسيع نشاطهم وجلبوا المئات من شباب القرية لمساعدتهم فى العمل، وكون أبناء ميت بدر حلاوة إمبراطورية اقتصادية كبيرة داخل فرنسا، ووفروا فرص عمل كثيرة لأبناء قريتهم الصغيرة فى فرنسا وإيطاليا.
وتزوج أبناء ميت بدر حلاوة من فرنسيات، وحصلوا على الإقامة فى فرنسا، وانعكس سفر نسبة كبيرة من سكان القرية إلى باريس على مستوى المعيشة بالقرية، وظهرت القصور الفارهة فى شوارعها على الطراز الأوروبى.