x

مكاوي سعيد الببغاء عرّاف المستقبل مكاوي سعيد الأربعاء 18-05-2016 21:52


كتاب ممتع بين يدى انتهيت منه لتوى اسمه «(الببّغاء.. التاريخ الطبيعى والثقافى) تأليف: بول كارتر، ترجمة ربا حليم يازجى- صادر عن مشروع كلمة للترجمة- أبوظبى». وقد رأيت مشاركتكم ببعض فقرات منه فلعل منكم من يحب هذا الطائر أو يتملكه الفضول بخصوصه ويريد التعرف عليه عن قرب. وبالكتاب معلومات دقيقة ووافية جدًا عن هذا الطائر المثير بداية من 70 مليون سنة قبل الميلاد حيث عُثر فى الحفريات على أقدم ببغاء برى وعُرف من فكه الأسفل! مرورًا بالرسومات التى وُجدت مرسومة على الكهوف شمال شرق البرازيل العائدة إلى 3000 سنة قبل الميلاد. ثم أقدم إشارة معروفة للببّغاء فى الأدب الأوروبى وظهرت قبل الميلاد بــ397 عامًا حتى عام 1402م عندما أبلغ الفرنسيون عن الببّغاوات الرمادية الأفريقية فى جزر الكنارى التى استوردت من غرب أفريقيا، ثم الظهور الأسطورى لزوج من ببّغاوات الأمازون الكوبية بعد عودة «كولومبس» من رحلته الملحمية إلى العالم الجديد وهو فى طريقه لتقديمها إلى إيزابيلا ملكة إسبانيا.

ثم يقدم الكتاب بعض المعلومات العامة عن الببّغاء، التى منها أن التاريخ الطبيعى قسّم عائلة الببّغاوات إلى (353 جنسًا فى آخر إحصاء) وعن تصنيفاتها والفروق والاختلافات بينها وأماكن معيشتها، وهل كل أنواعها تعد من الطيور المتكلمة؟ وكيف يتعلم الببّغاء تقليد أصواتنا؟ وعن تجارة الببّغاوات التى كانت رائجة قبل القرن التاسع عشر والتى كانت تُستورد من أفريقيا وجنوب أمريكا.

وبالكتاب أيضًا أفكار عن الببغاء من منطلق رمزيته وطريقة تعامل الأدب والفن معه.. التعامل مع فكرة الطائر المتكلم ذاتها وكيف كانت ملهمة وملغزة للإنسان فى الوقت ذاته. ولنرَ ما تثيره فينا هذه المقاطع من تأمل. (عندما نضع الببّغاوات فى قفص ونعلمها الكلام، فهذا حلم خيالى عن اتصالنا مع ذاتنا نحاول تحقيقه. وهناك شىء آخر أكثر إزعاجا بكثير: إذا صح ما يقولون بأن الببغاوات لا تتكلم إلا فى الأسر، فماذا ستكون عواقب تحريرها كلها؟ لاشك أنه لن يكون انتصارًا لمناصرى حماية البيئة، بل هو اكتشاف أننا كنا طوال ذلك الوقت نكلم أنفسنا. إن لعبة التقليد التى شغلتنا بها الببّغاوات كانت فى النهاية غطاءً لخسارة لا يمكن تعويضها، وهى قدرتنا المهزومة على الدخول إلى قلب الأشياء، وإنقاذ أنفسنا من خلالها).

(الببّغاء عضو فخرى فى خرافتنا ومطابخنا، وقصائدنا ورسوماتنا، وحدائق حيواتنا الخيالية والحقيقية. فكل فضيلة إنسانية وجدت فى شكلها وتصرفاتها، وباستثناء الغرور، ليست لها صفات سلبية. وليست قدرتها على الكلام فقط هى ما يثير الدهشة ولكن ثرثرتها. فالببّغاوات تحب صحبة الإنسان. وقد تركز انتباهها على الحديث بحيث تنسى أن تأكل. والببّغاوات لا تكلم بعضها، لكنها تدردش معنا. إنها أكثر من بشرية، فهى تملك المعرفة وتنظر بعين التهكم إلى أمور الإنسان. فكل ببّغاء، بعينيه الخزرتين يراقب ويقلد حماقتنا).

(نحن نعلّم الببّغاوات الكلام، فتضيف الاهتمام إلى ما كسبته، وترد علينا بلغات مختلفة. وينطلق من مناقيرها قاموس من المقتطفات، وكأنها تعلم أسرار التواصل بكل اللغات، وتخفى معرفتها بغطاء من الألغاز والاستعارات اللفظية فهى كخطيب جاثم فى قفص. وهى فى كلامها المفاجئ، تشكل ضميرًا لا واعيًا. إنها تضيف بعدًا جديدًا للنقاشات. فهى تضرط، وتصدر صوت فواق، وتسعل فى منتصف مقطوعة موسيقية، إنها تحكى أخبارًا قديمة، تدق جرس الهاتف وتجيب عليه، إنها تسلينا كممثلى السينما، دون أى معرفة شخصية، ثم تسترخى وتنصت).

(ليس كل الكلام عن الببّغاء نكتًا ومزاحًا، فمع سرعة انقراض الببّغاوات فى البرية، تزايد عدد الأسراب المتحولة فى الأسر. إن تصنيفنا للببّغاوات على أنها تحقيق لأحلامنا ودليل وجود «حياة ذكية»، دفعنا لتنظيم إبادتها الجماعية. فقد وضعناها فى أقفاص لتكون آمنة، فكانت تتكاثر لقتل الوقت وتمتعنا بمشاهد تليفزيونية قبل عصر التليفزيون. لقد كانت عرافتنا للمستقبل لكننا راقبناها حتى الموت).

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية