اعتبرت الكاتبة الصحفية كاترينا فاندن هوفيل، في مقال لها بـ«واشنطن بوست» الأمريكية، أن الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي باراك أوباما لمدينة هيروشيما اليابانية لن تمحو الماضي ولكن يمكن لها أن تغير المستقبل.
وقالت كاترينا إنه فور إعلان البيت الأبيض عن نية أوباما لزيارة هيروشيما، تعهد على الفور بأن الرئيس الأمريكي لن يعتذر عن ضرب الولايات المتحدة لمدينتي هيروشيما وناجازاكي بالقنابل الذرية خلال الحرب العالمية الثانية، ومع ذلك يجب أن تتعلق مسألة تسوية الحسابات الحقيقة فيما يخص هيروشيما بمستقبل الأسلحة النووية، وليس بماضيها.
وأضافت كاترينا: «إن لم يتصرف الرئيس ويتحدث بطريقة مباشرة وصريحة، فإن زيارته لن تشير فقط إلى انقاض هيروشيما ولكن أيضا إلى انقاض وعده الخاص للتحرك قدما نحو عالم خال من خطر الدمار النووي».
وأعادت كاترينا إلى الأذهان محتوى الخطاب الأول لأوباما عن سياسته الخارجية في براغ عام 2009؛ حيث تفاخر وقتها بـ«التزام أمريكا» تجاه «عالم خال من الأسلحة النووية»، وحذر من أن فكرة قبول استمرار تواجد الأسلحة سوف تؤول في نهاية المطاف إلى ضرورة استخدامها، فحتى استخدام قنبلة نووية واحدة يعد أمرا بشعا، معترفا بأن مسألة نزع السلاح النووي لن تتم بسهولة أو بسرعة، ولكنها تحتاج إلى الصبر والثبات وأن هذا الهدف ينبغي أن يقود استراتيجية محددة وإجراءات ملموسة.
وأشارت إلى حقيقة اتخاذ عدد من الخطوات المهمة عقب هذا الخطاب قائلة :«تم التفاوض على إقرار تخفيضات كبيرة في مخزون روسيا من الأسلحة النووية ولا تزال هذه المفاوضات تجري بشكل جيد، إلى جانب تقليص دور الأسلحة النووية في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي.
فيما حققت المفاوضات النووية الناجحة مع إيران أهدافها في كبح جماح مخاطر تطوير الأسلحة النووية وأحيت الزخم أمام حركة حظر انتشار الأسلحة النووية..وأصبح قادة العالم يركزون صوب مخاطر الإرهاب النووي«.
وتابعت:«ومع ذلك، لايزال هناك 15 ألف سلاح نووي في العالم..وتمتلك الولايات المتحدة وروسيا الآلاف منهم في حالة تأهب قصوى، فيما حظر مجلس الشيوخ الأمريكي التصديق على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية».
من جانبه، حذر وزير الدفاع الأمريكي الأسبق ويليام بيري بشكل قاطع من أن «خطر وقوع كارثة نووية اليوم يفوق بشكل كبير ما كان عليه خلال الحرب الباردة» مشيرا إلى إمكانية أن تقدم جماعات إرهابية مثل تنظيم «داعش» على شراء أو سرقة مواد لصناعة الأسلحة النووية، كما سلط الضوء على حقيقة تصاعد التوتر بين روسيا والولايات المتحدة، اللتان تمتلكان على حد سواء ترسانات نووية ضخمة، منها عدد كبير في حالة تأهب قصوى.
وقالت كاترينا:«رغم دعوة الرئيس للصبر والثبات، إلا أن جل ما نشاهده اليوم هو عودة قوة الأفكار القديمة والبيروقراطيات الكبيرة والمصالح الراسخة وتجدد العداوات بنحو خنق الجهود المتواضعة للتحرك نحو اتجاه جديد».
ودعت كاترينا الرئيس أوباما إلى دمج روسيا في جهوده في هذا الشأن والعمل معها من أجل تقليل حدة التوترات المتزايدة، والتي تهدد بإمكانية وجود تراكمات خطيرة، ورأت أن أوباما قد يستغل زيارته إلى هيروشيما لدعوة الأمم المتحدة لعقد قمة عالمية لتحديد المسار للقضاء على الأسلحة النووية.
واختتمت الكاتبة الأمريكية مقالها بالتأكيد على أن زيارة أوباما لمدينة هيروشيما لن تعيد إحياء الماضي ولكن ما يمكن أن تقوم به يتمثل في إعادة تجديد الالتزام بخلق عالم خال من الأسلحة النووية، ولكي تكون للكلمات أي معنى، يجب أن تكون مصحوبة بالأفعال، وشددت على أن أوباما لايزال يمتلك وقتا كافيا للعمل نحو تحقيق هذا الهدف.