مجموعة من التعريفات حدّدها مشروع قانون الصحافة والإعلام الموحّد، الذي صدقت عليه الحكومة، برئاسة المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، الأمر الذي دفع إلى التساؤل حول مصير المواقع الإلكترونية، التي تقدم خدمة إخبارية لزائريها، ومدى تلبية القانون لطموحات الصحفيين والإعلاميين.
القانون الذي خرج «موحّدًا» وبـ«تعديلات طفيفة»، كما رآها ضياء رشوان الأمين العام للجنة الوطنية للتشريعات الصحفية والإعلامية، وجمال عبدالرحيم، السكرتير العام لنقابة الصحفيين، يُعرٍّف الصحيفة بأنها «كل إصدار ورقي أو إلكتروني يتولى مسؤولية تحريره أو بثه صحفيون نقابيون، ويصدر باسم موحد، وبصفة دورية في مواعيد منتظمة، ويصدر عن شركة مملوكة لشخص أو أشخاص طبيعيين أو اعتباريين»، وفقًا للمنشور، مساء الإثنين، بمواقع تابعة لصحف قومية.
واعتبر مشروع القانون أن «الإعلام المسموع أو المرئي أو الرقمي: كلّ بث إذاعي أو تليفزيوني أو رقمي يصل إلى الجمهور، أو فئات معينة منه، بإشارات أو صور أو أصوات أو رسومات أو كتابات، لا تتسم بطابع المراسلات الخاصة، بواسطة أي وسيلة من الوسائل السلكية واللاسلكية الحالية أو المستحدثة، وغيرها من التقنيات الحديثة، أو أي وسيلة من وسائل البث والنقل الإذاعية والتليفزيونية والرقمية، وغيرها، ويصدر عن شركة مملوكة لشخص أو أشخاص طبيعيين أو اعتباريين».
وحدد مشروع القانون أُسس ملكية المؤسسة الصحفية فذكرت المادة 42 أن «ملكية المصريين من أشخاص طبيعية أو اعتبارية، عامة أو خاصة للصحف الورقية أو الإلكترونية مكفولة طبقًا للدستور والقانون».
«عيسى»: القانون يختص بـ«المواقع المهنية»
وتضيف المادة: «يشترط في الصحف، التي تصدرها الأشخاص الاعتبارية الخاصة أن تتخذ شكل تعاونيات أو شركات مملوكة للمصريين وحدهم، ولا يقل رأس مال الشركة المدفوع عن 3 ملايين جنيه إذا كانت الصحيفة يومية، ومليون جنيه إذا كانت أسبوعية، و(500) ألف جنيه إذا كانت شهرية، و(500) ألف جنيه للصحيفة الإلكترونية، و(500) ألف جنيه للصحيفة الإقليمية اليومية و(200) ألف جنيه للصحيفة الإقليمية الأسبوعية و(100) ألف جنيه للصحيفة الإقليمية الشهرية، على أن تطبع في مطابع في ذات الإقليم ويكون مقرها في داخله، ويودع رأس المال بالكامل قبل إصدار الصحيفة في أحد البنوك العامله في مصر».
وتُكمل المادة شرطها بأنه «يطبق شرط الحد الأدنى لرأس المال المدفوع لتأسيس الصحف، التي يصدرها الأشخاص الطبيعيون تبعًا لدورية صدورها، ولا يجوز للفرد الواحد وزوجته و أولاده القصّر الجمع بين ملكية أكثر من صحيفة أسبوعية أو شهرية أو إلكترونية، كما لا يجوز للفرد الواحد ملكية أكثر من 10% من رأس مال الصحيفة اليومية، كما لا يجوز للفرد الواحد وزوجته وأولاده القصر ملكية أو المساهمة في ملكية أكثر من صحيفة، ويحل الضمان المالي أو الشخصي محل هذا الحد الأدنى بالنسبة للصحف التي تصدر عن المؤسسات الصحفية المملوكة ملكية خاصة للدولة، أو الصادرة عن الأحزاب السياسية قبل صدور القانون , على أن يتراوح هذا الضمان بين مائة وخمسين ألف جنيه وخمسين ألف جنيه حسب دورية الصدور، وذلك لسداد حقوق الدائنين في حالة توقف الصحيفة عن الصدور، وفي هذه الحالة تكون الأولوية لسداد حقوق العاملين عن غيرها، وبخلاف هذا يضاف على المبالغ المقررة سابقاً لتأسيس الصحف نسبة 15% من قيمتها كأحد موارد الصندوق المنصوص عليه في المادة (14)».
صلاح عيسى، الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة، علّق على موقف المواقع الإلكترونية حال تطبيق القانون، قائلًا إنه يختص بـ«المواقع المهنية»، التي لديها رأس مال حدده القانون بالإضافة إلى عاملين نقابيين، مشددًا على أنه لا يستهدف مواقع التواصل الاجتماعي كما يدَّعي البعض.
ويقول عيسى في تصريحات لـ«المصري اليوم»، إن المواقع الإلكترونية، التي تُقدم خدمة إخبارية عليها توفيق أوضاعها خلال عام من تطبيق القانون، وهو الأمر الذي يتفق معه الدكتور ضياء رشوان، الأمين العام للجنة الوطنية للتشريعات الصحفية والإعلامية، معتبرًا أن «القانون نظّم المواقع الإلكترونية بشكل مدقق، حرصًا أنه يبقى فيه صحافة إلكترونية».
ويرفض رشوان قول البعض إن القانون يفرض قيودًا على المواقع الإلكترونية من بينها رأس المال، الذي يُقدَّر بنحو نصف مليون جنيه، قائلًا: «اللي يقول كتير يبقى بيهزر وراجل هاوي»، لافتًا إلى أن تدشين موقع إلكتروني إخباري يحتاج إلى دفع مبالغ تتخطي الـ500 ألف جنيه.
وضرب رشوان المثل بموقع إلكتروني إخباري يعمل فيه نحو 50 زميلًا على مدار 24 ساعة ومتوسط راتب كل شخص 1000 جنيه، قائلًا: «الميزانية هتخلص في 10 شهور، وذلك دون شراء أجهزة ومعدات يحتاجها العمل الصحفي، ولو عملت ميزانية أقل من كده يبقى بعمل عمل عشوائي».
ودعا رشوان العاملين في الصحافة الإلكترونية إلى العمل على تدشين نقابتهم فتكون هناك نقابة للصحفيين وأخرى للإعلاميين وثالثة للصحفيين الإلكترونيين، مضيفًا: «أقول لهم اعملوا نقابة الصحفيين الإلكترونيين، فيه أساس دستوري ولا تضيعوا الفرصة، لأنه على مسؤوليتي يستحيل نقابة الصحفيين توافق على ضم الإلكترونيين».
عيسى، الذي شارك في المناقشات الخاصة بصياغة مشروع قانون الصحافة والإعلام الموحّد، يرفض هذا اللفظ، قائلًا: «هذا التصريح لا يُصدر إلا عن رابطة صناع الطغاة؟»، معتبرًا أن القانون «حماية للمهنية وللمنبر، الذي يعبر فيه المصريون عن رأيهم».
وتنص المادة 5 من مشروع القانون على أن «الصحفيين والإعلاميين مستقلون لا سلطان عليهم في أداء عملهم لغير القانون»، فيما تضيف المادة 6: «لا يجوز أن يكون الرأي الذي يصدر عن الصحفي أو الإعلامي، أو المعلومات الصحيحة، التي ينشرها أو يبثها سبباً للمساس بأمنه، كما لا يجوز إجباره على إفشاء مصادر معلوماته، وذلك كله في حدود هذا القانون».
سكرتير نقابة الصحفيين: بعض المواد تحتاج للتفعيل والتطبيق
كما تنص المادة 7 على أنه «للصحفي أو الإعلامي حق نشر المعلومات والبيانات والأخبار التي لا يحظر القانون إفشائها، وتلتزم الجهات الحكومية والعامة بإنشاء إدارة أو مكتب للاتصال بالصحافة والإعلام لتمكين الصحفي أو الإعلامي من الحصول على المعلومات والبيانات والأخبار»، فيما تشدد المادة 8 على أنه «يحظر فرض أي قيود تعوق توفير وإتاحة المعلومات، أو تحول دون تكافؤ الفرص بين مختلف الصحف المطبوعة والإلكترونية ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة ، في حقها في الحصول على المعلومات، ويحظر كل ما من شأنه إعاقة حق المواطن في تلقي الرسالة المعرفية و الإعلامية، دون إخلال بمقتضيات الأمن القومي، والدفاع عن الوطن، وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون».
ويُدلل عيسى على رفضه لفظ «على راسه ريشة» بأن «المحامي لا يجوز تفتيش مكتبه أو مسكنه، فهل هذا معناه أنه على راسه ريشة؟».
وتنص المادة 40 في مشروع القانون على أنه «لا يجوز تفتيش مكتب أو مسكن الصحفي أو الإعلامي بسبب جريمة من الجرائم التي تقع بواسطة الصحف أو وسائل الإعلام إلا بواسطة أحد أعضاء النيابة العامة».
ويتفق رشوان مع رؤية عيسى، قائلًا لـ«المصري اليوم» إن القانون «حدد واجبات وفصلًا كاملًا للتأديب وعقوبات على المؤسسات»، فيما يرى جمال عبدالرحيم، السكرتير العام لنقابة الصحفيين، أن «القانون لم يضف موادًا جديدة تميز الصحفيين، ولكن (مواد لا يجوز) موجودة في قانون تنظيم الصحافة لعام 1996».
«رشوان»: لا تضيعوا فرصة تدشين نقابة الصحفيين الإلكترونيين
وأضاف عبدالرحيم أن «الجديد في القانون ما يتعلق بإلغاء الحبس في قضايا النشر، وفيما عدا ذلك كان في قانون تنظيم الصحافة لعام 1996»، معتبرًا أن «بعض المواد تحتاج للتفعيل والتطبيق وخاصة أنه يُعاقب بالحبس والغرامة كل من تعدى أو أهان صحفيًا خلال أو أثناء أداء عمله، وعلى الصحفيين أن يتقدموا ببلاغات لو تعرضوا لذلك»، معتبرًا أن «المواد الخاصة بعدم جواز تفتيش منزل الصحفي أو مسكنه الخاص إلا بمعرفة عضو النيابة العامة، في قضايا النشر، لا تُطبق».