قال الدكتور أحمد عبدالعال، رئيس مجلس إدارة هيئة الأرصاد الجوية، إنه لأول مرة فى تاريخ الهيئة يصدق رئيس الجمهورية على 100 مليون جنيه لتطويرها، مشيراً إلى أن ذلك يرجع لمصداقية بيانات الهيئة وجهودها فى خدمة العديد من أجهزة الدولة.
وأضاف عبدالعال، فى حوار خاص لـ«المصرى اليوم»، أن هذا الصيف أشد سخونة، بسبب التغيرات المناخية بعد أن حارب الإنسان الطبيعة فحاربته.. وإلى نص الحوار:
■ لماذا تم الاحتفال باليوم العالمى للأرصاد تحت شعار «عام أكثر حرارة وجفافاً ورطوبة.. مواجهة المستقبل»؟
- لسنا من أطلقه، وإنما المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، فكل سنة تختار موضوعا وترسله للعالم كله والاحتفال يكون حوله، فهناك مناطق أكثر حرارة، وأخرى أكثر جفافا، وثالثة أكثر رطوبة، وهو مستقبلنا الذى سنواجهه.
■ ما توقعاتك لهذا الصيف؟
- انتظروا صيفاً حاراً جداً، فالتغيرت المناخية على مصر شديدة، وأستطيع أن أقول إن هذا الصيف أكثر سخونة من الماضى.
■ دائما كنا نتحدث عن أن الجو فى فصل الربيع الأفضل بين فصول السنة.. لكننا فوجئنا بتقلبات مناخية شديدة ودرجات حرارة مرتفعة؟
- سمات الربيع أساساً أنه فصل به تقلبات جوية سريعة وحادة، سواء فى الحرارة التى قد تصل إلى 40، ثم تهبط إلى 29، بعد ذلك تأتى العواصف الترابية ثم الأمطار وأخيراً الطقس الجميل.
■ هل يرجع ذلك إلى أنه انتقال ما بين الشتاء والصيف مثل الخريف؟
- فى رأيى الخريف أجمل فصول العام فى مصر، وهم يغنون للربيع لأجل الخضرة والنباتات، رغم أنه أسوأ جو.
■ وماذا عن طقس رمضان؟
- أتمنى من الله هذا العام أن ينقذنا، كما حدث الصيف الماضى، حيث جاءت موجات الحر بعد العيد بيوم، وظلت لنهاية الصيف، و«ربنا يقدرنا على الصوم بدون موجات حر».
■ وهل من الطبيعى أن يكون هذا الصيف أشد سخونة؟
- نعم.. بسبب التغيرات المناخية، فـ«الإنسان حارب الطبيعة فحاربته»، وهذه الحرب لن تنتهى بين يوم وليلة حتى لو تراجع هو وحاول إصلاح الأمر.
■ وكيف حاربها؟
- الإنسان حارب الطبيعة بمشتقات البترول والفحم، فزادت غازات الاحتباس الحرارى مثل ثانى أكسيد الكربون وأول أكسيد الكربون والميثان، فتسبب فى تكوين ما يشبه الغطاء من تلك الملوثات على الغلاف الجوى فازدادت الأرض سخونة، ولم يكتف الإنسان بذلك فبدأ يقضى على الخضرة والغابات التى تقلل من تأثير تلك الغازات.
■ وكيف ردت الطبيعة؟
- بدأت الطبيعة تحارب الإنسان بالظواهر الجوية غير الطبيعية، والتى رأيناها على مستوى العالم كله، حيث دمرت الأعاصير إحدى الولايات الأمريكية، وكانت الأمطار شديدة على أوروبا، والتى صاحبتها عواصف غير عادية، كما تعرضت أفريقيا لجفاف شديد تسبب فى وفاة الكثير من السكان والحيوانات أيضاً.
■ وما الحل؟
- تقليل غازات الاحتباس الحرارى، فيبدأ الجو يمتص هذه الملوثات رويدا رويدا، إلى أن ينتهى ذلك الغطاء، والذى قام الإنسان بعمله فى حوالى 30 سنة، ومطلوب منه على الأقل 20 سنة يقلل فيها تلك الغازات لأكثر من النصف، بحيث لا ترتفع درجة حرارة الأرض أكثر من درجة ونصف حتى لا تكون كارثة على العالم كله.
■ البعض يشكك فى الأرصاد.. وتجد من يقول «قالوا إن الدنيا ستمطر ولم يحدث»؟
- هذا موروث قديم، فالشخص لو جلس فى غرفة نومه ولم يشعر بمطر يقول الأرصاد كاذبة، وحينما نقول «أمطار على القاهرة» فنحن نقصد القاهرة الكبرى «القاهرة والجيزة والقليوبية»، فهى تمطر هنا فى الألف مسكن وليس فى العباسية، وتمطر فى 6 أكتوبر ولا تمطر فى ميدان الجيزة.
■ وما درجة دقة بيانات الهيئة؟
- 100% فى المصداقية، ولو لم أكن كذلك لما قرر الرئيس تطوير هيئة الأرصاد بـ100 مليون جنيه للمرة الأولى فى التاريخ.
■ ما تفاصيل قرار الرئيس بالتصديق على 100 مليون جنيه لتطوير الهيئة؟
- التقيت بشريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، وعرضت عليه تطوير الهيئة، خاصة فى مجال السيول، والتى تدمر مدنا بالكامل، واقترحت شراء رادار طقس، فاقتنع وأخذ المذكرة وعرضها على «السيسى»، وجاءنى الرد فى اليوم التالى، بأن الرئيس يصدق على 100 مليون جنيه لتطوير الأرصاد.
■ وما هى مشروعات التطوير؟
- هناك ثلاثة مشاريع تم الإعلان عنها دولياً، وهى 5 رادارات طقس، وكمبيوتر عملاق، و30 محطة أرصاد جوية، وهو ما يمكن الهيئة من أن تظل 20 عاماً دون احتياج لأى تطوير آخر، ومن ضمن المشاريع مشروع الطاقة الشمسية وتغيير لمبات الهيئة كلها إلى «الليد»، والذى سيتكلف 2 مليون جنيه، والتى يمكننى الحصول عليها خلال سنة ونصف، وهى توازى تكلفة الكهرباء، لأننى أدفع فاتورة مرتفعة جداً تصل إلى 30 ألف جنيه شهرياً، والمتوقع أن تنخفض إلى الربع حال تنفيذ المشروع.
■ فى بيان الأرصاد يُقال: «تقل الرؤية فى الشوائب العالقة نهارا» ما هى الشوائب العالقة؟
- إذا كانت فى الصباح الباكر والرطوبة عالية يقال عليها الشبورة المائية، والشوائب العالقة هى ذرات من التراب معلقة فى الجو، وليس هناك هواء ينزلها للأسفل، لأن الرياح تكون ضعيفة، فالذرات تظل ثابتة فى الجو ما يضعف الرؤية.
■ هل موقع مصر يجعل الرياح أحيانا شمالية شرقية أم شمالية غربية؟
- الرياح السائدة على جمهورية مصر العربية رياح شمالية غربية، فحينما أرصد إجمالى الاتجاهات فى السنة كلها مثلاً 10 أيام شمالية شرقية، و10 جنوبية غربية، نجد السائد شمالية غربية، وفى الصيف منخفض الهند الموسمى يأتى من شرق البلاد عابراً البحر المتوسط لمسافة طويلة «يتحمل فيها ببخار الماء»، ثم يعود ويدخل مصر محملاً بكمية كبيرة من بخار الماء، والتى تتسبب فى الرطوبة ويدخل للبلاد من الناحية الشمالية الغربية.
■ هل هناك تنسيق بين الأرصاد والوزارات المختلفة؟
- خدماتنا تقدم لجميع الوزارات والهيئات والشركات والأفراد والإعلام، وهناك بروتوكولات تعاون، فالأرصاد ليست مقتصرة على جهة معينة، فنحن نخدم كل الناس.
■ هل الدولة جادة فى مواجهة مشكلة غرق الدلتا؟
- هناك جهود لا يمكن إنكارها، لكننى أرى ضرورة الاستفادة من البحوث التى أجريت فى هذا المجال على المستوى العالمى، وبعد ذلك نخاطب الدول المتقدمة التى وقعت على «اتفاقية باريس» فى ديسمبر الماضى، وقررت فيها 100 مليار دولار للدول المتضررة من التغيرات المناخية، وأقول لهم «إنى متضرر وفى أمس الحاجة إنكم تساعدونى» لمكافحة غرق الدلتا، كما أن كل البلاد الساحلية تردم جزءا من بحرها حوالى 10 أمتار، ويكون بميل واضح، فمهما ترتفع المياه تكون الدلتا عالية.
■ هل مشروع 1.5 مليون فدان به من التعويض عن غرق الدلتا؟
- بلا شك، وستتم زراعته فى صعيد مصر، بعيداً عن البحر فلو حدث لا قدر الله غرق للدلتا يكون لدىَّ أماكن أخرى.
■ هل يتسبب ارتفاع درجات الحرارة فى مشاكل بالمياه؟
- ليست مصر فقط، وإنما العالم كله، وكما ذكرت ستكون كارثة لو زادت على 1.5 درجة.
■ هل تعتبر مؤتمر باريس للتغيرات المناخية ناجحاً؟
- نجاح المؤتمر يرجع إلى أنه ليس هناك دولة لم تنضم للقرارات أو تحفظت على القرارات، بعكس مؤتمر ريو دى جانيرو عام 1992، والذى تحفظت فيه أمريكا ولم تنضم للاتفاقية، وكذلك الصين لأنها رأت أنها ستضرها من الناحية الاقتصادية، ولكن بعكس هذا المؤتمر فقد انضمت جميع الدول، لأن الجميع قد رأى غدر الطبيعة، وبالمناسبة، القراران اللذان تم اتخاذهما، قرار منهما هو ما طالبت به مصر وتمت الموافقة عليه يقضى بـ«اللجوء إلى الطاقة الجديدة والمتجددة والبعد عن البترول»، ومن ثم قامت دولة المغرب بتدشين أكبر شبكة طاقة شمسية فى العالم، بما يدل على الاستجابة السريعة، والقرار الثانى «مطالبة الدول المتقدمة المتسببة فى التغيرات المناخية بمنح الدول المتضررة 100 مليار دولار سنويا»، كما اتفق الجميع على ألا تزيد درجة حرارة الأرض على واحد ونصف درجة، وهناك من يشكك فى قيام الدول بذلك، ولكن أنا أقول إنهم سيلتزمون، فالكل رأى غدر الطبيعة.
■ هناك بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعى التى تتنبأ بالطقس.. هل تخص الهيئة؟
- لا.. وكثير ما أقرأ أشياء عن الطقس يكتبها «ناشط أرصاد»، ولا أدرى ما هذه التسمية، فالأرصاد هو العلم الوحيد الذى لا يستطيع التحدث فيه إلا الرجل المتخصص.
■ كيف؟
- الإخصائى لابد أن يكون حاصلا على بكالوريوس علوم تخصص فيزياء أو رياضيات أو أرصاد جوية، ثم يقوم بعمل دبلوم دراسات عليا فى الأرصاد لمدة سنة، ثم يحصل على كورس داخل مركز القاهرة الإقليمى للتدريب دورة تخصصية فى الأرصاد الجوية لمدة سنة، ويتمرن لمدة 6 شهور فى مركز التحاليل الرئيسى، و6 شهور أخرى فى مطار القاهرة، أى يحتاج لخمس سنوات، والراصد يكون حاصلا على دبلوم إعداد فنيين، وبشرط يكون ثانوية عامة علمى، ثم يحصل على دورة لمدة سنة بمركز القاهرة الإقليمى للتدريب، ويتمرن لمدة 6 شهور فى مركز التحاليل الرئيسى، و6 شهور أخرى فى مطار القاهرة، ويعنى على الأقل «سنتان» لكى يقوم بعمل الرصد.
■ ماذا عن تعاونكم مع وزارة البيئة لقياس نسبة التلوث فى الهواء؟
- لدينا أجهزة لقياس تلوث الهواء والبيئة كذلك ومحطاتنا منتشرة على حدود مصر، فنقوم بقياس الجو الداخل وما به من نسبة تلوث، وداخل المحافظات توجد محطات البيئة، والتى تقيس تلوث المجتمع المصرى، فتدرك الفرق بين الهواء الداخل وما به من ملوثات، ثم ما زاد عليه من أنواع ملوثات وكميتها لكى يمكنها معالجة ذلك.
■ ما تمنياتك لهيئة الأرصاد الجوية؟
- أتمنى على المستوى المحلى أن نكون فى تطور دائم وأن تتبوأ الهيئة مكانتها داخل مصر، وعلى المستوى الدولى أن يأتى يوم وترجع مصر رئيسة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، فقد سبق أن تولتها دورتين من 1971 حتى 1978.