لا أعرف إن كنا فى موسم الامتحانات، أم فى موسم الغش الجماعى؟.. فما معنى أن يتحول موسم الامتحانات إلى موسم للغش مع سبق الإصرار والترصد؟.. يحدث هذا من جانب الطلاب، ومن جانب أولياء الأمور.. الجديد أنه يحدث أيضاً من جانب المدرسين.. أمس تم توزيع نموذج الإجابة مع ورقة الأسئلة.. وهى فضيحة لا ينبغى أن تمر بسلام.. صحيح أننى لا أحب مصطلح فضيحة وغيرها، لكن هذه فضيحة فعلاً!.
أصبح تسريب الامتحانات هو الأصل.. يجده الطلاب على صفحات الإنترنت.. يأتيهم أحياناً «دليفرى» إلى المنازل.. هناك معدومو الضمير يفعلون هذا.. أولياء الأمور يفرحون بحصول أولادهم على الامتحان.. ينجح الأولاد فى الامتحان، ولا ينجحون فى الحياة.. هذا على الأقل ما أطمئن إليه وأقتنع به.. إلا إذا كان هناك من يستطيع فتح الأبواب المغلقة بأقل مجهود، بينما هناك أوائل فى حالة بطالة مزمنة!.
تخيلوا أن مديرية التعليم بالبحر الأحمر اكتشفت توزيع نموذج الإجابة لمادة الكيمياء بالصف الثانى الثانوى بالغردقة.. كيف وصل نموذج الإجابة للطلاب أصلاً؟.. كيف حدث هذا؟.. أين الكنترول؟.. أليست أوراق الأسئلة تُعد واحدة واحدة؟.. أليست تذهب إلى اللجان فى مظاريف مغلقة؟.. أليست هناك مراجعات طوال الوقت؟.. السؤال: كيف وصلت ورقة الإجابة مع ورقة الأسئلة؟.. من هم هؤلاء المساطيل فى الكنترول؟!.
أعرف أنه تم إلغاء الامتحان.. وأعرف أنه تم تحديد موعد آخر.. أظنه الأربعاء القادم.. تصوروا أن هناك نموذج إجابة داخل كل ورقة أسئلة.. «ورق محشى».. من فعل هذا؟.. أليس المفترض أن الإجابة فى مكان، والأسئلة فى مكان آخر؟.. أليس المفترض أن هناك لجان تفتيش ومراجعة؟.. لماذا وصل التسيب إلى هذا الحد؟.. هذا المسؤول يعرف أنه لن يُعاقب.. الحل ليس بإلغاء الامتحان أو تأجيله.. الحل أن يُحاكم!.
لم أعرف من متابعتى للأخبار ماذا جرى؟.. هل تمت إحالة الواقعة إلى النيابة العامة، أم إلى النيابة الإدارية؟.. تفرق كتير.. النيابة الإدارية سوف تعاقبه بخصم يومين أو ثلاثة.. هذه ليست مجرد إهمال جسيم.. إنها فضيحة كبرى.. فما هى الفضيحة، إن لم تكن هذه فضيحة؟.. وما هى الكارثة، إن لم يكن توزيع الإجابات كارثة؟.. مرة واحدة حاكموا من تسبب فيها.. مرة واحدة لا تمصمصوا الشفايف فقط.. تحركوا فوراً!.
كل هذا يحدث فى امتحانات النقل.. الوزارة تترك سنوات النقل للمديريات.. كل اهتمامها ينصب على امتحانات الثانوية العامة فقط.. فى النهاية يتم تسريب الامتحانات أيضاً.. ويتم اختراق النظام عمداً.. ويتخرج فى النهاية طلاب لا يعرفون أى شىء.. لا يعرفون كيف يشتغلون؟.. لا يعرفون كيف يواجهون الحياة؟.. لو كان هناك من يخطط لنا لن يفعل أكثر من هذا.. المراقبون يسايرون أحوالهم، ليعودوا سالمين إلى بيوتهم!.
كان الغش على أيامنا «حرام».. هل أصبح الغش «حلال» مثلاً؟.. كان الطلاب يسقطون ولا يغشون.. بعضهم كان ينتحر.. هل تغيرنا إلى هذه الدرجة؟.. الغش الآن أصبح بوسائل ذكية وغبية.. المثير أن الآباء يساعدون أبناءهم ويشترون لهم الامتحانات.. للأسف تآلفنا مع رذائل كثيرة فى حياتنا.. ليس من أولها الغش والرشوة فقط!.