أكدت مناقشات اليوم الثانى لمنتدى «نحو تنمية اقتصادية محلية»، الذى ينظمه مركز الأهرام للدراسات السياسية ومركز المشروعات الدولية، أن اللامركزية، بكل أنماطها السياسية والإدارية والمالية، هى نظام إدارى يلتزم بالمراقبة الشعبية ومراقبة المجالس المنتخبة على جميع المستويات واعتماد معايير الشفافية والمساءلة، بما يقضى على الفساد من المنبع.
وقال المشاركون إن أقل الدول انتشارًا للفساد يكون نظام الحكم فيها ملتزمًا بمعايير اللامركزية، مشددين على أن اللامركزية كنظام لإدارة الدولة لا تعنى الفوضى أو التقسيم، ولكن فقط تحدد الأدوار التى تلعبها الدولة المتماسكة على مستوى السلطة المركزية وعلى مستوى المحليات.
وقال الدكتور يسرى العزباوى، مدير وحدة نظم الحكم بمركز الأهرام، إنه «ليست هناك وصفة سحرية لتطبيق اللامركزية بين عشية وضحاها كما نص الدستور، لأن هناك إجراءات يجب اتخاذها حتى لا تتحول اللامركزية إلى فوضى، فاللامركزية لا تعنى تهميش أو انتهاء دور السلطة المركزية، بل العكس فهى تعالج العلاقة بين الدولة المركزية والإدارة المحلية فى إطار مؤسسى متناغم».
وطالب «العزباوى» بضرورة أن يراعى القانون الجديد للإدارة المحلية التأكيد على فكرة اللامركزية المالية وإعطاء سلطة أكبر للوحدات المحلية فى إدارة الموازنة المحلية وتمكينها من فرض الضرائب والرسوم المحلية والعمل على إشراك المجتمع المدنى والمواطنين المحليين فى مناقشة وإبداء الرأى فى خطط وبرامج التنمية المحلية، مع مراعاة أن يتم انتخاب المحافظين لا تعيينهم، لأن ذلك سيساهم فى دفع عملية التوجه نحو اللامركزية إلى الأمام.
وتابع: «تمكين الوحدات المحلية من إدارة مواردها البشرية وموازناتها المحلية والاستفادة من التخطيط الإقليمى من أسفل إلى أعلى وتقوية المجالس الشعبية المحلية وتوسيع اختصاصاتها وربط مقاعدها بعدد السكان ووضع آليات للمتابعة والرقابة على الأداء وتعظيم دور المجتمع المدنى ومشاركة السكان».
وأكدت ورقة العمل الرئيسية، التى أعدها خبراء مركز المشروعات الدولية، أن تطبيق اللامركزية لا ينفصل عن رؤية شاملة لإعادة النظر فى دور الحكومة وكيفية تعديله وتطوير أسلوب تقديم الخدمات للمواطنين ووجوب رقابة المجتمع الأهلى ومشاركته فى صناعة القرارات الإدارية منذ بدايتها حتى لا ينتهى الحال إلى لامركزية «عرجاء» تؤدى إلى أعباء جديدة على المواطنين بدلاً من تحقيق طموحاتهم.
واقترحت الورقة نموذجًا للامركزية الأدوار الاقتصادية، يبدأ بتحديد الأجندة الاقتصادية المحلية، وهو دور أصيل للمجالس المحلية والإدارة المحلية وتحديد الأجندة القومية، وهو دور الحكومة المركزية، أما تحديد الضرائب والرسوم فهو دور الأجهزة المحلية، وكذلك جمع الضرائب وتحديد الموازنات المحلية وإدارة المناطق الصناعية وتحديد الحوافز الاقتصادية وإعطاء الرخص للبناء والتشغيل وغيرها فيعطى للإدارة المحلية.
ومن جانبه، قال اللواء محمد رفعت قمصان، مستشار رئيس الوزراء للانتخابات، إن البرلمان الحالى غير مسبوق حيث يضم أعضاءً من 20 حزبًا و89 امرأة و44 من حاملى الدكتوراة و14 ماجستير و425 من المؤهلات العليا ونحو 195 تحت السن.
وأضاف «قمصان» أن «لدينا برلمانًا يراقب ويشرّع، أصدر لائحة غير مسبوقة وكان له دور فى تغيير الصورة بعد أزمة الشاب الإيطالى ريجينى».
وأوضح أن «لدينا قاعدة بيانات ناخبين حصلت على جوائز دولية عديدة ليس بها حالة تكرار واحدة ولا اسم خطأ، ولكن هناك عددًا من أسماء المتوفين بسبب عدم الدقة فى تحرير شهادات الوفاة وطالبنا الأهالى بإخطارنا بصورة شهادات الوفاة وصورة الرقم القومى».
وحول الحديث عن التقسيم الإدارى للمحافظات، أكد أن فلسفة الدولة فى البداية تقسيم مصر طوليًا وكانت فلسفة التطوير تقسيم الجمهورية عرضيًا وتوفير منفذ بحرى وظهير صحراوى لرفع مستوى المحافظات.
فيما ذكر صالح الشيخ، أستاذ الإدارة العامة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، أن إصلاح البلاد يبدأ من إصلاح المحليات واعتماد الشفافية والمساءلة والمشاركة واللامركزية وهو ما يعرف بـ«الحوكمة المحلية».
وأوضح «الشيخ» الحاجة إلى تقسيم الوظائف بين المستويين المركزى والمحلى، وهو ما يتطلب تعديلات تشريعية للقوانين المتشابكة، مقترحًا عددًا من الأفكار لتحسين الخدمات العامة للمواطنين، منها اعتماد وظيفة المفوض الإدارى والموظف القانونى، بالإضافة إلى ميثاق المواطن الذى تلتزم فيه الجهة بتقديم الخدمة والقيام بالتعويض حال التقصير.
وأكد الدكتور أشرف عبدالوهاب، وزير التنمية الإدارية الأسبق، الحاجة إلى ابتكار حلول تتناسب مع ظروف مصر، وطالب بتوفير البيئة للأجيال الشابة لتقديم حلول مبتكرة تتناسب مع المشاكل المحلية.
وقال: «إننا نحتاج إلى 10 سنوات على الأقل للتحول إلى اللامركزية وليس 5 سنوات طبقًا للدستور»، مؤكدًا أن نظم الدفع تحتاج إلى قيام المستوى المركزى بها وتعميمها على الأقاليم ولابد من إنشاء ديوان مظالم يتدخل فى حل المشاكل والتجاوزات قبل تفاقمها.
وبدوره، طالب أيمن إسماعيل، الأستاذ بالجامعة الأمريكية، بتغيير فى الهياكل الحكومية على المدى الطويل واعتماد فصل مقدم الخدمة عن متلقى الخدمة، بينما أشارت شرين فراج، عضو مجلس النواب، إلى أن هناك مشكلة فى زمن تقديم الخدمة والزمن مهدر ولم تنجح التكنولوجيا فى حله، وعلى العكس وقت الخدمة زاد بعد ميكنة بعض الخدمات ولدينا موظفون يحتاجون إلى لوائح عمل تتناسب مع الانتقال إلى اللامركزية.
وفى جلسة حول «الموازنة العامة واللامركزية»، ناقش الخبراء كيف تحقق اللامركزية المالية التحول إلى موازنة البرامج والأداء وليس موازنة البنود، وأكد الدكتور خالد أمين، أستاذ السياسات العامة بكلية الاقتصاد جامعة القاهرة، أن إجمالى الإيرادات المحلية إلى الإيرادات القومية لا يتجاوز 2% وأن الضرائب المحلية لا تمثل أكثر من 0.5 من الضرائب وأن الإيرادات المحلية تغطى فقط 15% من الإنفاق المحلى.
وقال «أمين» إن «الدستور يحدد نقل المستوى المركزى إلى المحلى ولكن من الممكن أن نبدأ بتفويض السلطات قبل عملية النقل، ويمكن البدء بقطاعات محددة يتم نقل السلطات لأقل مستوى.