x

الشوارع حواديت: شامبليون ليس هنا

الخميس 12-05-2016 22:03 | كتب: محمد خير |
كنائس وسط البلد كنائس وسط البلد تصوير : اخبار

أنت لن تقع فى الخطأ الشهير وتتصور أن القصير المهيب المهمل فى شارع شامبليون، هو بيت عالم المصريات الشهير الذى فكّ رموز شفرة حجر رشيد، ومن ثم افتتح الطريق لفهم لغة المصريين القدماء، وكشف أسرار مصر الفرعونية، إنه القصر المسمّى – شعبيًّا على الأقل- قصر شامبليون، لكنه -كما يعرف الأثريون- قصر الأمير سعيد حليم، أحد أمراء الأسرة العلوية، توفى شامبليون فى باريس ولم يزل حينها شابا فى الثانية والأربعين من العمر، ولم يكن القرن التاسع عشر قد بلغ ثلثه بعد، بعد مئة عام، تحول اسم شارع وابور المياه فى القاهرة الخديوية إلى «شارع شامبليون» تكريما له، ظل القصر الأميرى الهائل مهملا قبل وبعد أن تولته وزارة التعليم حين حولته إلى إحدى مدارسها العامة، اليوم تمرح الفئران والغربان بين الأعمدة الرائعة والتماثيل المهيبة، أما وابور المياه فاحتلت مكانه جراجات وعيادات النقل العام، كأنما لتمحو تماما الاسم القديم، ويبقى الاسم شبه الجديد، شارع شامبليون، علامة مجد الأمس الذى لا يدل عليه شارع اليوم، الذى تهيمن عليه ورش السيارات نهارا والمقاهى ليلا. غير أن الملمح الفرنسى، لا ينتهى هنا – فى الشارع- عند اسم شامبليون، فهنا فى بناية لا علامات مميزة لها، يختبئ المقر العريق لـ «أفلام مصر العالمية»، شركة يوسف شاهين التى طالما كانت على علاقة قوية بالفرنسيين الذين دعموا صاحب «باب الحديد» قبل أن يصبح -فى نهايات مشواره- مخرجا جماهيريا، من هنا خرجت روائع السينما المصرية للأستاذ وتلامذته أيضا، لم يعد «جو» هنا كما لم يعد شامبليون ولا سعيد حليم، ولكن ذاكرة الشارع تحمل كل شىء. جغرافيًّا، يمتد شامبليون طوليا بين شارع 26 يوليو وميدان التحرير، بين دار القضاء العالى بالإسعاف ومدخل عبدالمنعم رياض، وهو إن نظرنا إلى خطوط العرض يفصل بين عالمين، عالم شارع طلعت حرب بمحلاته ورواده ومتنزهيه، وعالم «حى معروف» الشعبى، بأزقّته وعطفاته وحاراته الضيقة، يمكن تقسيم أجواء شامبليون نفسه من زاوية ثالثة إلى ثلاثة أقسام، الجزء الهادئ فى بدايته من جهة التحرير، حيث البنوك والجاليرى والأكشاك المتباعدة، وجزء متوسط صاخب شعبى، حيث ورش السيارات ومحلات قطع الغيار وباعة الخبز ومطعم الكباب الشهير ومطعم الكشرى الأشهر، وقسم ثالث فى نهايته من جهة الإسعاف، ساخن وسياسى، حيث ملتقى أندية القضاة والصحفيين، والمحامين على بعد خطوات، «مثلث الرعب» كما يسميه البعض مازحا أو جادا، حيث كثيرا ما تتركز أنظار مصر كلها على تلك الأمتار القليلة، التى لا تتوقف عن خوض معارك السياسة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية