بدأت مكتبة الاسكندرية بالتعاون مع حفيدة الشيخ محمد رفعت، في تسلم وتوثيق تاريخ وحياة الشيخ رفعت الملقب بقيثارة السماء.
وتضم المجموعة الوثائقية للشيخ العديد من الصور خلال حفلاته، وبعض الصور الشخصية والعائلية وبعض الصور للشيخ في مرضه وخطابات معجبيه ومتابعيه وبعض المقالات التي نشرت عنه وعقد التعاون بينه وبين الإذاعة المصرية، وعقد الاتفاق معه على افتتاح الإذاعة خلال الحفل الذي أقيم بهذه المناسبة في دار الأوبرا، وتوالي المكتبة البحث في أرشيف الشيخ عن الكنوز والدرر التي طواها عنا الزمن لتكشف بحق عن أروع من قرأ آيات الذكر الحكيم في القرن العشرين، فقد استطاع بصوته العذب أن يغزو القلوب والوجدان في قراءة عذبه خاشعة، صوته يشرح الآيات، ويجمع بين الخشوع وقوة التأثير، فكان أسلوباً فريداً في التلاوة.
ولد الشيخ محمد رفعت في يوم الاثنين 9 مايو 1882 بحي المغربلين بالقاهرة، وفقد بصره وهو في سن الثانية، وحفظ القرآن الكريم في سن الخامسة، حيث التحق بكتاب مسجد فاضل باشا بدرب الجماميز بالسيدة زينب ودرس علم القراءات وعلم التفسير ثم المقامات الموسيقية على أيدى شيوخ عصره، وتوفي والده وهو في سن التاسعة، وكان مأمورًا لقسم الخليفة، فوجد الشيخ نفسه مسؤولاً عن أسرته وأصبح عائلها الوحيد، ولجأ إلى القرآن الكريم يعتصم به ولا يرزق منه.
ويتضح من أرشيف الشيخ مدى المنزلة التي وصل إليها في القلوب والعقول، ولعل نشأة الشيخ وحياته التي كانت في عصر مليء بالثقافات المتنوعة وكبار العباقرة في كل مناحي الحياة - في أواخر القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين- حيث كانت الأجواء المحيطة والسائدة في ذلك العصر، قد أفرزت عظيم الانتماء والولاء والارتباط بأرض مصر المحروسة التي أنبتت عباقرة الرجال في جميع المجالات الحياتية، مما كان له أكبر الأثر في ثقافة الشيخ وموهبته وتأثيره فيهم، فكانت كل هذه الإشعاعات المنيرة بمثابة مخزون لدى الشيخ، حيث طوعها في تطوير مكوناته الفنية والثقافية وتطوير أدواته الصوتية وإثراء خبراته الأدائية، ولعل هذا من أحد الأسباب التي دفعته لعدم السفر خارج مصر، هذا فضلا عن أنه كان يردد دائما «أنا لا أبحث عن المال أبداً، فإن الدنيا كلها عرض زائل».
وتعدت شهرة الشيخ الآفاق وجاب صوته أرجاء المعمورة وجاءه الناس من كل مكان يسألون عنه ويسلمون على يديه، ولكن لكل شيء إذا ما تم نقصان، فقد أصيب الشيخ بمرض سرطان الحنجرة، وتوقف عن القراءة، وعلى الرغم أنه لم يكن يملك تكاليف العلاج إلا أنه اعتذر عن عدم قبول أي مدد أو عون ألح به عليه ملوك ورؤساء العالم الإسلامي، وكان يردد دائما كلمته المشهورة «إن قارئ القرآن لا يهان».
وستقام ليلة في حب الشيخ محمد رفعت في الأسبوع الأول من رمضان داخل بيت السناري، بحضور العديد من الشخصيات العامة وستذاع بتلك الليلة بعض التسجيلات النادرة له.