«كان الابن الأصغر المدلل بالنسبى إلىّ، راح هدرًا لإهمال أصحاب الضمائر والنفوس المريضة، أطفأوا 18 شمعة هى عمره، لم يمهلونى بأن أفرح به، فبدلاً من حمله يوم زفافه ومشاهدته عريساً يرقص فى الكوشة، حملته داخل النعش إلى مثواه الأخير».. كلمات حزن نطق بها محمد موسى، والد «أحمد» ضحية سقوط كمرة عمود خرسانى لـ«كوبرى المرج الجديد» بطريق جزيرة الوراق شمال الجيزة.
عم «محمد» الرجل الستينى استقبلنا أمام منزله بمنطقة جزيرة بين البحرين، وكانت مراسم العزاء لا تزال قائمة، هنا أصوات تلاوة الذكر الحكيم تصدح في المنطقة، أناس من كل حدب وصوب يأتون لتقديم واجب العزاء، بعد دفن الجثمان، أمس الأول، الجميع يردد: «كان ولدًا مثل الزهرة، خطفه الإهمال من بين أفراد أسرته، ويطالبون بالقصاص ليبرد نارهم».
يقول الأب المكلوم، لـ«المصرى اليوم»: «إنه يمتلك سيارة نقل، يعمل أبناؤه سيد، وحسام، وأحمد، عليها، حيث يأتون بالدبش والطوب من طريق الكيلو 10.5 ( مصر- إسكندرية) الصحراوى، إلى منطقة عمل الكوبرى الجديد، مقابل الحصول على أجر مالى من شركة المقاولون العرب منفذه المشروع».
وتابع: «يوم الحادث كان يعمل أبنائى الثانى والثالث والأخيرالمتوفى الذي يُحصل إيصالات من المهندسين بموقع المشروع بتنزيل الحمولة على أن نستلم مستحقاتنا المالية بعد أسبوع، وبينما كان شقيقه «حسام» سائق السيارة انتهى توه من تفريغ الحمولة، صعد أحمد إلى كابينة السيارة بعد حصوله على الإيصالات اللازمة، وفجأة سقطت كمرة عمود خرسانية تزن 205 أطنان فوق كابينة السيارة، فحولت جثة ابنى لأشلاء، بينما نجا زميل له يُدعى رمضان محمد سريع، لكنّه يرقد بمستشفى قصر العينى لتلقى العلاج».
تابع والد الضحية: «لا نريد غير حقنا، ولا أستطيع اتهام الحكومة بالتسبب في قتل ابنى، لكنّى أريد محاسبة القائمين على تنفيذ المشروع، والذين أتهمم بالقتل العمد لـ(أحمد)، ولذا فالقصاص يبرد نارى».
«لافتات التخذير بأن هذا مكان عمل احذر المرور، لا تجدها بموقع مشروع كوبرى المرج الجديد، والذى يبدأ من منطقة الوراق إلى منطقة الزواية الحمراء».. يؤكد«حسام» شقيق المتوفى: «أنا نزلت من سيارتى بعد تفريغ حمولة الدبش، وصعقت بسقوط كمرة عمود خرسانى وراء صندوق السيارة، وقبل محاولة شقيقى حسام، ورمضان التباع الهروب، كانت كمرة عمود خرسانى أخرى تسقط فوق كابينة السيارة، وتعاون الأهالى معى في قطع الكابينة بـ«الصواريخ» الآلية، فسقطت جثة أخى ملطخة بالدماء، بينما بالكاد أنقذنا رمضان، وهرولت سيارة الإسعاف لحمله إلى المستشفى».
ويضيف «حسام» أن شركة المقاولون العرب قالوا إن صندوق السيارة اصطدم بالكتل الخرسانية مما أدى إلى وقوع الحادث، وهذا يخالف الحقيقة، لأن هذا يعنى انقلاب الصندوق.
وفى ذات السياق، أمرت نيابة الوراق في الجيزة، برئاسة المستشار مصطفى توفيق، بتشكيل لجنة هندسية من محافظة الجيزة لمعاينة موقع الحادث، وبيان سبب سقوط الكتلة الخرسانية، كما استمعت لأقوال محامى شركة المقاولون العرب، والذى دفع بأن المتوفى كان هو السائق واصطدم صندوق سيارته بالعمود الخرسانى، ما أدى إلى سقوط الكتل الخرسانية، بينما اتهمت أسرة المتوفى الشركة بالتسبب عن طريق الإهمال في قتل نجلهم.