قمت بزيارة متحف الطفل بمصر الجديدة هذا الأسبوع، والذى كان يعرف من قبل باسم متحف سوزان مبارك للطفل؛ وهذا المتحف للأسف غير معروف لدى الكثيرين؛ ويعتبر أحسن وأهم متحف للطفل فى الشرق الأوسط. والذين يزورون هذا المتحف لا يصدقون أن مصر بها متحف على هذا المستوى من حيث طريقة العرض والمعلومات التى تقدم للطفل بطريقة رائعة تجعله يفخر بكونه مصريا ويعرف تاريخه وحاضره ومستقبله ليكون مفيداً ورائداً فى بلده.
وللأسف جعلتنا الأحداث السابقة ننسى من خدم هذا البلد بحب والأعمال العظيمة التى قدموها من أجل مصر وأقصد هنا هذه السيدة العظيمة الفاضلة سوزان مبارك؛ والتى لن ينسى التاريخ ما قدمته لمصر من مكتبات فى كل مكان ووصلت إلى القرى المصرية فأصبح الكتاب فى متناول كل يد؛ وموجود فى كل بيت. ولا ننسى مكتبة الإسكندرية، المعلم الثقافى الذى نباهى به الدول المتقدمة؛ وكذلك دورها فى تطوير العشوائيات؛ ومستشفى سرطان الأطفال. وغير ذلك الكثير ولكننا نسينا كل هذا ولا نردد سوى قصة التوريث ورغبتها فى أن يصير ابنها رئيساً للجمهورية، وهذه ليست جريمة لأن كل أم تتمنى لابنها أن يصل إلى أعلى مكانة؛ رغم أننى ليس لدى دليل على أنها كانت تريد ذلك.
أقدم هنا شهادة للتاريخ وسوف تسجل تقديراً لهذه السيدة التى لم أرها ولم أتكلم معها منذ يناير 2011. وأكتب شهادتى دون خوف من أصحاب الحناجر العالية الذين يكرهون حتى أنفسهم! عندما قابلت سوزان مبارك لأول مرة بناء على طلبها كان ذلك لتطوير متحف الطفل الموجود بمصر الجديدة وبعد عدة لقاءات تأكدت أننى أمام سيدة تحب بلدها وتستمع وتقبل الرأى الآخر وتقضى الساعات فى حل مشكلات العمل دون ملل أو كلل أو تعالى. كان طلبها هو جعل متحف الطفل على مستوى عالمى، وتم تكليف مهندس على أعلى مستوى لبناء المتحف وكذلك تكليف أهم العاملين بمتحف أنديانابوليس للطفل بكتابة السيناريو، وخاصة لأن هذا المتحف ليس له مثيل فى العالم. وكانت السيدة سوزان مبارك تراجع كل كلمة فى السيناريو والتأكيد على أن يعرف الطفل المصرى ماضيه العظيم ويتذوق لذة الاكتشاف ويعود هيوارد كارتر لعرض كشفه لمقبرة توت عنخ أمون. أما عن الحاضر فيقص السيناريو قصة أطفال نهر النيل وكنوز مصر من الصحراء والسد العالى؛ وأيضاً المستقبل وما يحمله من اكتشافات علمية مذهلة.
وطلبت السيدة سوزان مبارك بأن يخرج التمثال الخاص بها خارج المتحف.. ولم يكلف بناء هذا المتحف الدولة أى أعباء مالية فقد قمنا بجمع تبرعات وصلت إلى 17 مليون دولار وقام الجيش ببناء المتحف على أعلى مستوى؛ وأشرف على البناء اللواء حسين شفيق واللواء أشرف فطين، حيث نجحا فى جعل المتحف يتحدث عما يمكن أن يحدث بالعمل الجماعى الناجح الذى هو السبيل الوحيد لوضع مصر فى المقدمة. لقد قادت سوزان مبارك سيمفونية رائعة من خلال مجموعة مصرية وأجنبية لكى تقدم للطفل تاريخه وحاضرة العظيم.. أنتهز هذة الفرصة بعد زيارتى المتحف لأقدم للسيدة سوزان مبارك كل تحية وتقدير؛ وأشكر ما قدمته من عمل جاد ومخلص.. وأخيراً أؤكد أن الناس قد تنسى لكن التاريخ لا ينسى؛ وليس بالصوت العالى يسلب الناس مما يستحقونه.