يثير المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية، دونالد ترامب، الجدل، وتطارده تساؤلات عن أجندته السياسية والاقتصادية للبلاد، ففي بعض الأحيان يتحدث بأمور غامضة أو متناقضة حول كيفية حكمه للشؤون الداخلية أو الخارجية، وقال مؤخرا إن بعض المناصب الرئيسية يمكن أن تتغير بعد توليه المنصب الرئاسي.
وسرد تقرير صحيفة «الواشنطن بوست» الأميركية، الجمعة، خلاصة خطة دونالد ترامب الداخلية والخارجية كنسخة موسعة ومنقحة مما وضعه المرشح الجمهوري خلال حملته الانتخابية.
ففي التجارة يعارض «ترامب»، مفاوضات الرئيس الحالي باراك أوباما حول الاتفاقية التجارية في المحيط الهادي، بحجة أن الاتفاق سيضع الشركات الأميركية في وضع غير موات، قائلا: «إن اليابان تتلاعب بسعر الين لمساعدة المصدرين هناك، وينبغي أن تشمل الصفقة بنود واضحة حول التلاعب بالعملة.»
ويتفق صناع القرار بالحزب الجمهوري المنتمي له «ترامب» مع أوباما على أهمية التجارة الحرة وتوسيع نطاقها، وصوت الجمهوريين بالكونجرس الأميركي لصالح السعي في الاتفاق التجاري عبر المحيط الهادي.
ويختلف «ترامب» مع الجمهوريين أيضا حول خصخصة الضمان الاجتماعي، ولطالما سعى الجمهوريون إلى خصخصة جزء من برامج الضمان الاجتماعي كونها العبء الأكبر على الدولة الفيدرالية، معللين أن الأمر لا يمكن تحمله ماليا، ومع ذلك يدافع «ترامب» عن البرامج القائمة قائلا: «سأفعل كل ما في استطاعتي، على ألا يمس الأمن الاجتماعي للأميركين وترك الأمر كما هو عليه.»
فيما يمثل اقتراح «ترامب» للضرائب نفس الخطة التي قدمها المرشحين الجمهوريين في الانتخابات الماضية، حيث حصل على تأييد من كبار الاقتصاديين بما في ذلك آرثر لافر، وهو مستشار سابق للرئيس رونالد ريجان.
وعلى الرغم من الخطاب الشعبوي الذي ألقاه «ترامب» بضرورة فرض ضرائب على الأغنياء، إلا أن فعليا اقتراح «ترامب» يخفض الضرائب المستحقة عليهم، كونه سيخفض الضرائب على أرباح الشركات من ٣٥٪ إلى ١٥٪، إضافة إلى توسيع الشريحة الضريبية للأفراد ليدخل فيها ذوي الدخول الأقل من ٢٥ ألف دولار سنويا.
وتصب خطة «ترامب» المقترحة في صالح الأغنياء، فستزيد الخطة من دخل واحد من كل ٥ فقراء بنحو ١٪، بينما ستزيد دخل واحد من كل ٥ أغنياء بنحو ٩.٧٪.
أما قانون الرعاية الصحية الذي يطبق لمحدودي الدخل الأميركيين أو ما يعرف باسم «برنامح الرعاية الصحية- أوباما»، فتعد الفرصة سانحة أمام «ترامب» في حال فوزه بالرئاسة لإلغاء القانون، فيدعو اقتراح «ترامب» بتنفيذ سياسات السوق عبر حدود الولاية لشركات التأمين من جانب، ومن جانب آخر تشجيع الناس لتوفير المال لتغطية نفقات الرعاية الصحية في الحسابات المعفاة من الضرائب وتحويل المساعدات الطبية إلى منح سنوية تدار من قبل الحكومات المركزية في الولايات. ما يختلف فيه الجمهوريين مع «ترامب» كون المقترح يحمل ثغرات كثيرة.
أما في السياسة النقدية يبدو موقف «ترامب» غير متناسق نسبيا، ففي الماضي أثنى على جهود مجلس الاحتياطي لتخفيز النمو الاقتصادي ورفع التضخم، وفي أكتوبر الماضي توقع «ترامب» أن تحدث كارثة اقتصادية نتيجة لسياسات جانيت يلين رئيسة مجلس الاحتياطي الأميركي، مناديا خلال الأسبوع الماضي بإقالاتها، موضحا أنه الإجراء الذي سيتخذه حال فوزه بالرئاسة، معللا أن سياسات المركزي الأميركي «مسيسة».
وتعد السياسة الخارجية الخلاف الأكثر عمقا بين «ترامب» وقادة الجمهوريين، ففي مقابلة سابقة مع «واشنطن بوست»، قال «ترامب» إن تحالفات الولايات المتحدة كانت مكلفة للغاية وأن الفوائد من تلك التحالفات غير مؤكدة، وأوضح أنه لا يجب أن تتلقى السعودية المساعدات، غير أن الوجود العسكري الأميركي على الحدود بين كوريا الشمالية والجنوبية يضع عبئا غير عادل على دافعي الضرائب في الولايات المتحدة.
وقال، أيضا إن الولايات المتحدة قد تضطر إلى تخفيض التزاماتها المالية لمنظمة حلف شمال الأطلسي «الناتو»، ونظرا لهذه الأراء قال بعض الخبراء في مجال السياسية الخارجية والتابعين للحزب الجمهوري، إنهم سيصوتون لهيلاري كلينتون مخافة تأثير تلك الأفكار على الولايات المتحدة كونها القوة الأكبر عالميا.
أما في الهجرة فحقق «ترامب» أعلى مشاهدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي في تصريحاته بشأن المهاجرين، حيث قال إن تدفق الناس إلى هذا البلد بالملايين كل عام وليس بالآلاف، ما سيدمر نسيج البلاد، واصفا المهاجرين من المكسيك بتاجر المخدرات والمعتصبين، قائلا: «إن الحل في سياج»، مضيفا أنه أكثر أمنا.
وبخلاف ما يدعيه «ترامب»، تشير البيانات إلى أن الملايين يغادرون الولايات المتحدة عبر الحدود الجنوبية الغربية، فانخفضت أعداد المهاجرين غير الشرعيين منذ ٢٠٠٧، غير أنه طالب بحظر مؤقت لدخول المسلمين للولايات المتحدة، وكشف استطلاع أجرته «واشنطن بوست» أن ٥٩٪ من الجمهوريين يؤيدون الفكرة، بينما وافق ٣٦٪ من الشعب الأميركي على ذلك.