x

سمير فريد الحرية التى نطلق عليها فوضى! سمير فريد الجمعة 06-05-2016 21:20


نحن فى مصر فى موقع متأخر بين قائمة الدول التى لا تنعم بحرية التعبير حسب المعايير الدولية، بل موقع متأخر جداً، حتى إننى أخجل من ذكره، والقائمة متاحة عبر الإنترنت. ورغم هذا الموقع المتأخر، ورغم أن مصر فى المرتبة الثانية على مستوى كل دول العالم فى عدد الصحفيين المحبوسين بعد الصين، إلا أنه لا حديث فى مصر إلا عما يطلق عليه البعض «فوضى» الإعلام!!

وكما فى البلاد المتدهورة ثقافياً، حيث لا تعبر المصطلحات والمسميات عن مفاهيم دقيقة، أصبحنا لا نقصد بالإعلام وسائل الاتصال بالجماهير، وإنما نعنى فقط التليفزيون باعتباره الوسيلة الأكثر جماهيرية وتأثيراً!!

وما نطلق عليه فى مصر «فوضى» هو ما يطلق عليه فى الدول الديمقراطية، الحرية. ومن المنطقى لمن لا يعرف الحرية أن يطلق عليها ما يشاء من أوصاف، ولكن ليس من المنطقى اعتبار القدر المحدود من النقد فى قنوات التليفزيون المصرية حرية تصل إلى درجة الفوضى!!

لقد اعتدنا ترديد بديهية أن الحرية لا تعنى الفوضى وكأنها اكتشاف، واعتدنا أن يكون السؤال الأول عند الحديث عن الحرية ما هو «سقف» الحرية؟ وألف باء المنطق البسيط أن تتاح الحرية أولاً ثم نبحث عن سقفها ثانياً، وليس السقف قبل الحرية!!.. الواضح من تصريحات المسؤولين أنهم يقصدون بـ«الفوضى» غلبة الحديث عن السلبيات، بينما الواقع أن هناك توازناً فى الحديث عن الإيجابيات والسلبيات، إن لم تكن الكفة تميل إلى الإيجابيات فى كل قنوات التليفزيون المصرية العامة والخاصة، وأن ما يريده المسؤولون أن يكون أقل الحديث عن السلبيات، والأفضل عدم الحديث عنها على الإطلاق!!

كلمة إعلام تعنى إبلاغ الناس بكل شىء بموضوعية، والموضوعية لا تعنى الجمع بين الشىء ونقيضه، وإنما تعنى تدقيق المعلومات، وعدم الخلط بين الرأى والخبر، أو بين الإعلام والإعلان، وقول الحقيقة كاملة بقدر الإمكان، فقول نصف الحقيقة كذب أيضاً. مشكلة التليفزيون فى مصر ليست عدم التوازن بين السلبى والإيجابى، وإنما عدم التوازن بين الترفيه والتثقيف، فأغلب البرامج يقرأ فيها المذيع الصحف ويعلق عليها ولا يضيف جديداً، ولم يعد هناك برنامج يتم إعداده جيداً ويستغرق إنتاجه الزمن الذى يكفى ليصبح نموذجاً يحتذى، كما نرى فى كل قنوات التليفزيون فى العالم. إنك لا تتعلم شيئاً من أغلب ما يبث من مصر. لقد أصبحت هناك قنوات تنطق بالعربية تبث من روسيا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وغيرها من دول العالم الكبرى على مدى ساعات اليوم من دون انقطاع، ويستحيل على أى متفرج، على أى منها ولو لمدة ساعة واحدة، أن يصبح بعدها كما كان قبلها، فالحوار مع أكبر الخبراء فى الموضوع، والأصول المهنية تُتَّبع بدقة، بل انظر إليهم يتحدثون بلغة عربية سليمة، يتعلم منها الكبار والصغار، فلماذا لا تتعلمون منهم؟

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية