تمر صناعة السينما بمرحلة انتقالية مهمة فى تاريخها تقودها معظم شركات الإنتاج السينمائى، للبحث عن طوق نجاة بعد أن تعرضت معظمها لخسائر باهظة خلال الفترة الماضية، بسبب ارتفاع تكلفة الأفلام وأسعار النجوم، فى الوقت الذى تأثر فيه التسويقان الداخلى والخارجى للفيلم سلبيا، كما تخلت القنوات الممولة عن الشراء، وهذا ما جعل صناع السينما يبحثون عن سبيل آخر لاستمرار الصناعة وسد حاجة الشاشات، وكان الحل الانتقال من مرحلة الأفلام «باهظة التكلفة» إلى الأفلام «منخفضة التكلفة» التى تتراوح ميزانيتها بين 5 و10 ملايين جنيه، لترشيد الإنفاق والابتعاد عن سطوة النجم، والتحول إلى التركيز على الموضوع والموهبة، وقد أعدت بعض الشركات خطة لتنفيذ مجموعة من هذه الأفلام، بعضها تم تصويره والبعض الآخر فى مرحلة التحضير، وقد وصف بعض السينمائيين هذه المرحلة بأنها انتقالية ومهمة ومرحلة قد تكون فاصلة وحرجة أيضا فى صناعة السينما، لأن نتائجها ستؤثر بشكل كبير فى مسار هذه الصناعة، التى عاشت مؤخرا مرحلة ضعف وانحدار، ويرى البعض الآخر أن هذه المرحلة ستفرز نتائج إيجابية تتمثل فى ظهور مواهب جديدة فى التأليف والإخراج والتمثيل وأيضا فى الفنيين، وكما ستخرج السينما من النمطية بتقديم موضوعات متنوعة وجريئة، لكنها أيضا قد تفرز نتائج سلبية تتمثل فى انتشار أفلام المقاولات، التى ستجعل الجمهور يهجر دور العرض. «المصرى اليوم» ترصد المرحلة التى تمر بها الصناعة الآن، وتكشف عن وجهات النظر المختلفة لصناع السينما، للتعرف على طبيعة هذه النقلة وأهدافها، والنتائج المتوقعة خلال الفترة المقبلة.
أعد عدد من شركات الإنتاج خطة لتقديم مجموعة من الأفلام «منخفضة التكلفة» لسد حاجة الشاشات والتخلص من الأسعار الجنونية للنجوم بعد أن تعرضت معظم الشركات لخسائر باهظة خلال الفترة الماضية، ومن هذه الشركات شركة «نيوسنشرى»، التى تنتج مجموعة من الأفلام بدأتها بفيلم «عائلة ميكى» للمخرج أكرم فريد، وقد حقق رد فعل نقدياً وجماهيرياً جيداً، كما شاركت فى إنتاج «بهير وسمير وشهير»، الذى يعتمد على بعض الوجوه الجديدة، ورغم ذلك تجاوزت إيراداته 5 ملايين جنيه حتى الآن، كما انتهت من تصوير فيلم «678» تأليف وإخراج محمد دياب، ويشارك فى بطولته أحمد الفيشاوى وبشرى ونيللى كريم وماجد الكدوانى، وقد تم اختياره مؤخراً لتمثيل مصر فى المسابقة الرسمية لمهرجان دبى السينمائى، الذى سيقام فى ديسمبر المقبل، كما انتهى المخرج أكرم فريد مؤخرا من تصوير فيلم «auc» بطولة عمرو عابد وكريم قاسم وبعض الوجوه الجديدة، وجار تصوير فيلم «بيبو وبشير» بطولة منه شلبى وعزت أبوعوف وآسر ياسين وإخراج مريم أبوعوف، فى أول تجربة سينمائية لها، كما تشارك الشركة فى إنتاج فيلم «أسماء» لهند صبرى تأليف وإخراج عمرو سلامة، وأخيرا تستعد لإنتاج فيلم بعنوان «جدو حبيبى» تأليف زينب عزيز وإخراج على إدريس ويشارك فى بطولته بشرى ومحمود ياسين ولبنى عبدالعزيز، ومن المقرر أن يبدأ تصويره خلال أيام.
أما الشركة «المتحدة» فقد أعدت خطة لإنتاج بعض الأفلام، منخفضة التكلفة، منها «إذاعة حب» بطولة منة شلبى وشريف سلامة ويسرا اللوزى وإدوارد وإخراج أحمد سمير فرج، وقد بدأ تصويره منذ 10 أيام، تستعد الشركة لتصوير فيلم «حكاية بنت» إخراج شريف مندور وبطولة السورية كنده علوش وعمرو يوسف، كما أوشك المخرج حسام الجوهرى على الانتهاء من تصوير فيلم بعنوان «رد فعل» بطولة محمود عبدالمغنى وعمرو يوسف وحورية، وجار التحضير لفيلم بعنوان «بنات فى الجيش».
المنتج محمد السبكى يشارك فى هذه النقلة السينمائية بفيلمين أحدهما بطولة غادة عبدالرازق بعنوان «بونسواريه»، ويشارك فى بطولته مى كساب وهو إخراج أحمد عواض، والثانى «الفيل فى المنديل» لطلعت زكريا إخراج أحمد البدرى، بينما بدأت شركة «مصر للسينما» تصوير فيلم «صرخة نملة» بطولة عمرو عبدالجليل ورانيا يوسف، وإخراج سامح عبدالعزيز، كما تحضر لبعض الأفلام ذات التكلفة المنخفضة.
ويحضر المنتج أحمد السبكى فيلم جديد تأليف أحمد عبدالله وإخراج محمد على، وينتمى إلى هذه النوعية، كما يحضر لفيلم آخر بطولة سعد الصغير مع المخرج إسماعيل فاروق، فى حين انتهى المنتج هانى وليم من فيلم «دقى يا مزيكا» بطولة دينا وريكو ومروى عبدالمنعم وإخراج أحمد عويس، كما بدأ المخرج مازن الجبلى تصوير فيلم «هاللو كايرو» بعد أن انتهى من تصوير فيلم بعنوان «سفارى» بطولة أحمد بدير وسليمان عيد وعلاء مرسى.
وتستعد قناة «بانوراما أفلام» لإنتاج فيلم بعنوان «يانا يا هو» بطولة ديانا كرزون ونضال الشافعى وإخراج تامر بسيونى، كذلك يجهز المنتج صفوت غطاس لإنتاج عشرة أفلام من هذه النوعية خلال الفترة المقبلة، كما قام بعض المنتجين مؤخرا بتقديم مجموعة من هذه الأفلام مثل فيلم «ميكروفون» إخراج أحمد عبدالله، والذى حصل مؤخرا على جائزة التانيت الذهبى فى مهرجان قرطاج، وفيلم «الطريق الدائرى» بطولة نضال الشافعى وفيدرا وتأليف وإخراج تامر عزت، وتم اختياره مؤخراً للعرض فى المسابقة العربية للمهرجان وأيضا فيلم «حاوى» إخراج إبراهيم البطوط، والذى حاز على الجائزة الأولى فى مهرجان الدوحة تربيكا، الذى انتهت فعالياته منذ أيام، وأخيرا فيلم «الشوق» بطولة روبى وشقيقتها كوكى وسوسن بدر وتم اختياره للعرض فى المسابقة الدولية لمهرجان القاهرة السينمائى
من جانيه يقول المنتج والموزع محمد حسن رمزى، أكد أن انهيار التوزيع الخارجى وارتفاع أسعار النجوم وارتفاع تكاليف الأفلام اضطر شركات الإنتاج لتقديم أفلام منخفضة التكلفة تعتمد على الموضوع وليس النجم، وقال رمزى لا أنكر أننا أخطأنا فى إنتاج بعض الأفلام خلال الفترة الماضية، وذلك لأن كل الأفلام كانت تباع للفضائيات، أما الآن فأصبحت قنوات art لا تشترى الأفلام أما روتانا فأصبحت تختار عدداً قليلاً جداً وبأسعار منخفضة، أما القنوات المحلية أمثال «الحياة» وغيرها من قنوات الأفلام لا تمثل مصدر دخل قوياً، وهذا ما جعل المنتج يدخل فى مغامرة كبرى ويفكر فى طرق أخرى لإنتاج أفلام جيدة وفى الوقت نفسه منخفضة التكلفة
وأضاف رمزى: هذه النوعية من الأفلام لديها مميزات خطيرة أهمها إعادة الجمهور إلى روح السينما الحقيقية وإفراز نجوم جدد، بالإضافة إلى موضوعات مختلفة ولكن إذا قدمنا أفلام «زبالة» سنبعد الجمهور عن السينما، ولذلك أعتبر أن هذه المرحلة هى سلاح ذو حدين وهى مرحلة انتقالية مهمة جداً جداً فى هذه الفترة، لأننا بصراحة أصبحنا غير قادرين على دفع أسعار النجوم فى ظل الأجور الخيالية التى فرضتها الدراما التليفزيونية مؤخراً، والتى جعلتنا عاجزين تماماً عن مسايرتها سينمائياً، خاصة بعد أن وصلت إلى 15 و20 مليون جنيه، لذلك فمن حق هؤلاء النجوم أن يصابوا بجنان ويرفضون تخفيض أجورهم فى السينما، وهذا ما اضطرنا إلى تحقيق نقلة مختلفة فى السينما لإفراز جيل جديد.
واستطرد رمزى: أفلام النجوم أصبحت تشكل خطورة كبيرة على شركات الإنتاج فى ظل الظروف الحالية، كما أنها أصبحت غير مضمونة إطلاقا، لأننى قدمت أفلاما لنجوم مثل فيلم «الديلر»، ووصلت تكلفته إلى 27 مليون جنيه، ولكنه سقط وتعرضت من خلاله لخسائر باهظة، كما أن المؤشرات تؤكد أن الأفلام قليلة التكلفة أكثر ربحا وأقل مخاطرة، لأنه سبق وقدمنا فيلم مثل «إسماعيلية رايح جاى»، وكانت ميزانيته منخفضة جدا، ولكنه نجح فى أن يحقق 27 مليون جنيه، كذلك فيلم «صعيدى فى الجامعة الأمريكية» بلغت تكلفته مليون جنيه وحقق 28 مليون، كما أنه أفرز جيلاً من النجوم لذلك فهذه الأفلام هى الحل الآن، والمهم أن نهتم بجودة هذه الأفلام وأن نتعامل معها مثل الأفلام الكبيرة وإذا كان هناك فيلم يحتاج ميزانية كبيرة فلن نتردد فى ذلك، لأننا إذا فشلنا فى ذلك سنخسر جمهوراً كبيراً وستتعرض دور العرض لخسائر باهظة.
أما المنتج المنفذ إيهاب أيوب فيؤكد أن صناعة السينما شهدت ارتفاعاً رهيباً فى الأسعار خلال السنوات العشر الماضية جعلت شركات الإنتاج تعجز عن تعويض ما تنفقه على الأفلام، وشرح «أيوب» فروق الأسعار التى شهدتها الصناعة بقوله: إيجار الكاميرا الواحدة ليوم واحد الآن وصل إلى 2200 جنيه، فى حين كان لا يزيد على 750 جنيها، كما وصل ثمن علبة خام السينما 1440 جنيهاً بعد أن كان 460 جنيهاً، وقد قفز إيجار الفيلا فى اليوم الواحد من ألفين إلى 25 ألف جنيه، وأصبح أجر مدير التصوير فى الأسبوع الواحد يتراوح بين 18 و35 ألف جنيه بعد أن كان يتراوح بين 5 و8 آلاف جنيه، ويتراوح أجره بين 900 ألف ومليونى جنيه، بالإضافة إلى استحداث مهن عديده منها «اللودر»، الذى يقوم بجمع علب الخام، بعد أن كان يقوم بها مساعد المصور، كما أن بعض مديرى التصوير أصبحت مهمتهم الإشراف فقط ويعتمدون على مصورين لتصوير الأفلام بعد أن كان مدير التصوير يقف على الكاميرا بنفسه، هذا بخلاف النجوم الذين يصطحبون مساعدين لهم يحصلون على أجور، وكل هذه الأعباء كانت حملاً قاسياً على الصناعة، وكان الاتجاه البديل هو الاعتماد على مواهب بديلة وضخها إلى سوق العمل للحد من هذه الأجور، فأصبحت معظم الأفلام الجديدة تعتمد على ممثلين ومخرجين جدد أمثال معتز التونى وأحمد رشوان وتامر عزت ومريم أمين وأحمد سمير فرج وحسام الجوهرى وغيرهم لأن أجور هؤلاء المخرجين تتراوح بين 50 و400 ألف جنيه فقط، وقد حان الوقت لإعطاء هؤلاء المخرجين فرصة بعد أن احتكرت بعض الأسماء المعروفة الصناعة خلال الفترة الماضية.
أوضح «أيوب» أن هناك اتجاهاً عاماً من شركات الإنتاج لاتباع سياسة الترشيد والاعتماد على تقديم موضوعات مختلفة تجعل هذه المرحلة تحمل العديد من المغامرات لكنها تبدو مضمونة لأن خسائرها ستكون قليلة إذا كانت هناك خسائر، لأن هناك أفلاما ستحقق مكاسب مقابل بيعها للقنوات الفضائية وقبل عرضها تجارياً، وقال: المرحلة التى تمر بها الصناعة الآن فرضت على السوق وعلى الشركات، ولم نخترها بإرادتنا لأننا أصبحنا أمام أزمة كبيرة هى ارتفاع الأسعار، وكان الحل الوحيد اختيار جيل بديل، وبصراحة أرى أن معظم الشركات أحسنت الاختيار، وأن معظم التجارب التى يتم تصويرها الآن جادة ومختلفة مثل «أسماء» لهند صبرى و«بيبو وبشير» لمنة شلبى و«auc» لأكرم فريد و«678» لمحمد دياب و«الشوق» لخالد الحجر، وهذا يؤكد أن السينما تسير فى اتجاه إيجابى ونجحت فى التخلى عن نظرية النجم.