على ناصية شارع البركة بمدينة أسوان، تجلس منصورة، أو كما تحب أن ينادوها بـ«أم هراس»، مفترشة الأرض بجوارها سعف النخيل تمارس مهنتها التي توارثتها عن أبيها، تبيع لزبائنها أقباطاً ومسلمين. «أم هراس» 55 سنة، تنتظر هذا التوقيت من كل عام لبيع سعف النخيل في مهنة اليومين، كما تقول، حيث تذهب بنفسها قاطعة 130 كيلو إلى مركز إدفو شمال أسوان لإحضاره من المزارعين، وعلى الرغم من عجزها ومرضها بالسكر، إلا أن ذلك لم يمنعها من ممارسة عادتها التي ظلت تمارسها على مدار 44 عاماً.
«الرب واحد والدين للجميع» و«مسلمين أقباط كلنا واحد».. هكذا تبدأ حديثها، وتضيف «أم هراس»: «توارثت هذه المهنة عن والدى الذي كان يبيع السعف أمام إحدى كنائس الأقصر في كل عام بمناسبة أحد السعف، وكنت أجلس بجواره، وكان وقتها لا يتجاوز ثمن السعف التعريفة، وتعلمت من والدى وبدأت أمارس هذه المهنة منذ أن كان عمرى 9 سنوات لتصبح مصدر رزق خلال اليومين اللذين يسبقا أحد السعف، حيث يقبل على شرائه الأقباط ليقوموا بغزله وتضفيره سواء قلوب أو خواتم وغيرهما من الأشكال».
وبحسب «أم هراس» هناك مواصفات خاصة بالسعف، فيجب أن يكون من قلب النخلة، والأفضل أن تكون النخلة ذكر، حيث يمتاز قلب النخلة الذكر باحتوائه على فرعين أو ثلاثة.
رغم بساطة حالها وسعيها وراء لقمة العيش وتدبير نفقات لها ولأولادها، لكنها لا تتوانى لحظة عن إهداء السعف لأى شخص بسيط لا يملك ثمنه «نبيع القلب بسعر من 3 إلى 5 جنيه ومكسبى بسيط من 50 قرش إلى جنيه واحد، فأنا مابدورش على ربح بقدر ما هي عادة، وأحياناً اللى معهوش فلوس باديله السعف ببلاش علشان يفرح».