x

علاء الغطريفي خدلك موقف من 25 إبريل! علاء الغطريفي الأحد 24-04-2016 22:31


يحاول الجميع اليوم أن يسجل موقفا، لعل وعسى أن يستقل قطارا من قطارين يرى أن أحدهما قد يربح الجولة، ومن ثم يجنى مكاسب، أو على أضعف تقدير يهرب من جحيم الملاحقة والمعايرة على مواقع التواصل الاجتماعى أو قنوات اليوتيوب إذا خالف أحد القطارين، فالتطرف حاكم على الجهتين، لا أسعى هنا لارتداء ثوب الحكيم، ولكن اللحظة تقتضى شيئا لنرى الأمر من زاوية أخرى بعيدا عن استقطاب «التايم لاين».

فكما يقول «جورج أورويل»: «اللغة المستخدمة فى السياسة ترمى إلى أن تكسو الأكاذيب ثوب الصدق، فتجعل القتل العمد عملا جديرا بالاحترام وتظهر الهواء الخالص بمظهر الجسم الصلب». بالتأكيد، هناك فارق بين من يملك كل شىء ومن لا يملك شيئا سوى صوته، ولكن هذا لا يبرر أن يكون الخطاب صفريا حتى ولو رضى عنه قطاع من الكتلة الحية، فالرفض لا يعنى الإزاحة، فالرفض احتجاج فى حد ذاته، وندعم هذا الرفض لأنه من أجل الأرض، والتظاهر حق، والقمع خطيئة، والقصة يلزمها رشد.

السلطة الحالية لم تر بديلاً عن أحاديتها، بل التزمت إنكاراً عبر شهور، وتمسكت بمبدأ «أكيد هنبقى كويسين» مع الإحالة للمستقبل والالتزام بنهج وحيد يعتمد الأسمنت حلا بديعا للتأجيل، دون التأسيس لمرحلة حقيقية لتغيير الواقع، فوصلنا إلى ما وصلنا إليه..!

الصورة العامة لهذا المجتمع وهو يعيش لحظات إبريل 2016 تتشكل من ملامح قد يعتبرها البعض تقدير موقف، وفق اللغة الرسمية للدواوين والأجهزة، ولكننى أعتبرها مجرد ملاحظات:

- الانقسام حاضر بقوة لا يمكن نكرانه، وللأسف قد تجاوز فكرة الاختلاف وامتد إلى الطعن فى الوطنية والتشكيك فى النوايا مع اتهامات العمالة، ويقابلها على الجهة الأخرى نعوت العبيد والخنوع والانقياد والخراف.

- وأد فكرة يناير فى التغيير والإلحاح المدعوم رسميا للدعاية المضادة لدعاوى الإصلاح دفعانا إلى حالة أشبه بمن يعيش فى منزل ويهاجمه البرد القارس فى شتاء يناير فسألوه: كيف تترك بابك مفتوحا؟ فقال: لقد أغلقت النافذة..!!

- اللغة السائدة فى المجتمع أصبحت واحدة، هى الشك وفقدان اليقين والطمأنينة على الأحوال والمستقبل برمته.

- لا يمكن أن ننسب كل شىء إلى سبب وحيد، فقد تكاملت الأسباب لما نحن فيه «الجميع مسؤول ولكن تقع المسؤولية بشكل أكبر على السلطة التى رغبت فى الاستئثار دون التشارك».

- الأوضاع هشة، ومن ثم لا يمكن تقبل مغامرة أخرى دون رؤية واضحة، مبارك ومرسى سقطا بفعل الضرورة ووضوح الهدف المضاد.

- غياب مشروع سياسى يمكن أن تقتنع به الجماهير أو تسانده كتلة حية، فالمطالب الإنسانية العامة حقيقة لا يمكن تجاوزها، والمناداة بها حق وواجب، لكنها ليست بمفردها طوق النجاة، فهى تحتاج إلى حاضنة سياسية لتكون واقعا وثقافة عامة.

- لا يوجد تعبير شعبى عام يمكن البناء عليه لفكرة تغيير السلطة القائمة، فالدعوة للمظاهرات ترتدى ثوبا يشير إلى مطلب وحيد يتعلق بالأرض وما يتداخل معه من مطالب أخرى لا يمكن أن يصنع ظهيرا لمبدأ التغيير.

- مخاطر التعامل مع الظروف الحالية من السلطة بمنطق التخويف والترهيب فقدت صلاحيتها، فتلك الدعاوى الهشة والاجتماعات السرية - التى تذكرنا بفترة مبارك - تتناسى غلياناً يتعلق بالمعيشة قبل أى حديث عن الاختلاف السياسى.

- روح الثورة فى قلوب الشباب مازالت قوية راسخة، وعبرت عنها مواقع التواصل التى أنضجت فكرة النضال بمعيار الإتاحة فى ظل خيانة وسائل الإعلام التقليدية لفكرة التعددية والتنوع وسعيها لتكون وسائل تابعة للسلطة.

- تراجع فى شعبية الرئيس حتى بين أشد المؤيدين له «النساء وكبار السن».

- أداء المؤسسات العامة دليل على تراجع غير مسبوق، دفع الناس للمقارنة بالماضى «فترة مبارك».

- النظام الحاكم يتمتع اليوم بسمعة سيئة فى الأوساط الدولية، فيما يخص الحريات العامة، وبالأخص حرية الرأى والتعبير «مصر تحتل المركز 159 فى مؤشر حرية الصحافة العالمى».

- التناغم بين مؤسسات الدولة غائب، بما يمثل خطرا على استقرار الحكم نفسه، فلا يمكن أن تغفل ما حدث خلال شهور من انكشاف حاد عند التعامل مع الأزمات.

- سيطرة الماضى على المؤسسات العامة والبرلمان تدفع إلى مزيدٍ من الإحباط واليأس فى نفوس المصريين.

- يعيش المجتمع حاليا حالة من الفراغ تصنع تشوشا فى التفكير العام، أضر بالروح المعنوية للمواطنين.

- هناك حالة سخط عام بين المصريين على جماعات الظلام السياسى، التى ترغب فى استئثار اللحظة لصالحها، رغم أنها انتهجت العنف واستهدفت مصالح البلاد والعباد.

- لا يقبل المصريون أن يدفعوا ثمن البقاء والاستقرار من كرامتهم حتى فى لحظات الاحتياج والعوز.

- الحاجة إلى حوار عام يشمل الأحزاب والقوى السياسية ومؤسسات الدولة يمثل ضرورة لا تلزمها مكابرة أو انتظار أو انحراف بالهدف.

وختاماً، تيران وصنافير مصريتان.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية