x

ياسر أيوب الصعيد الذي لا يتآمر عليه أحد ياسر أيوب السبت 23-04-2016 22:13


الهوس والولع بحديث المؤامرة.. والارتماء فى أحضان الماضى القريب والبعيد.. والتعامل مع كل الأشياء بمنطق أو قانون رد الجميل.. كل ذلك أصبح أسس الثقافة والفكر الجماعى المصرى حالياً.. ففى كل المجالات من سياسة إلى اقتصاد وإعلام ومجتمع وكرة قدم.. وعلى كل المستويات من أعلاها إلى أدناها.. بات من السهل والأكثر راحة وأماناً هو الحديث عن المؤامرات الداخلية والخارجية تبريراً لأى خطأ أو عجز أو إهمال أو فشل.. وأصبح ممكناً ومتوقعاً وطبيعياً جداً اتهام كل من يعارض أو ينتقد أو يعتب ويشكو بأنه جاحد وحاقد وناكر للجميل.. ملاحظة لا أظنها جديدة أو خافية على كل من يستخدم عقله فى زمان بلادنا الحالى، لكننى أحببت التوقف أمامها الآن حتى لا يظن جمال علام، رئيس اتحاد الكرة، أننى أقصده هو وحده أو أهاجم شخصه دونا عن الآخرين..

فقد فوجئت برئيس اتحاد كرة القدم.. الصعيدى.. يصرخ معلناً ومؤكداً وجود مؤامرة على أندية الصعيد.. ثم قال جمال علام أيضاً أنه من الضرورى مشاركة الصعايدة فى مجلس إدارة اتحاد الكرة من باب رد الجميل للصعيدى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الذى منح المصريين جميعهم الحرية.. وهو تفكير فى غاية الغرابة لكل من يهدأ ويتأمل معانيه ودلالاته.. لكنه فكر طبيعى وعادى جداً فى السياق المصرى الحالى كله.. وكان جمال علام قد قال ذلك بعد مشاركته فى اجتماع لرابطة أندية الصعيد.. ولم يشرح الرئيس بالضبط ما هى المؤامرة التى تحدث عنها، ومَنْ الذى يتآمر على أندية الصعيد.. فالمهم أن تكون هناك مؤامرة وليس من الضرورى تقديم أى تفسير أو دليل أو متهم بهذا التآمر.. لم يشرح جمال علام أيضاً ما هو المقصود برد الجميل لعبدالناصر فى انتخابات اتحاد الكرة المقبلة..

وبدلاً من كل هذا العبث أود التأكيد لجمال علام وكل الصعايدة بأنه لا أحد يتآمر عليهم إنما هم الذين يتآمرون على أنفسهم.. هم الذين بإرادتهم صنعوا واقعهم الحالى بكل همومه وجروحه.. هم الذين يسمحون لأى عابر سبيل بالتلاعب بهم ويمنحون ثقتهم لكل من يطرق بابهم دون تدقيق ومراجعة.. وبعيداً عن أى مؤامرات أو «جمائل».. أؤمن بأن الصعيد مسروقة منه معظم حقوقه فى كل مجالات الحياة، وأن له ألف حق للغضب والحزن وللحياة أيضا دون رد جميل لأى أحد، لأن أهل الصعيد أنفسهم يستحقون الحياة والأحلام والعدالة والنور دون جمائل أو مجاملة..

ويستطيع الصعيد استعادة كثيراً من تلك الحقوق دون شرط الجلوس على أرصفة الأيام انتظاراً لمن يمنح الصعيد بعض هذه الحقوق من باب الهبة والشفقة والعطف والمجاملة.. وفى الانتخابات المقبلة يستطيع الصعيد أن يفرض مرشحيه الثلاثة بشرط الاتفاق عليهم أولا وعدم الاستجابة لأى ضغوط ومساومات.. يستطيع الصعيد أن يجبر القاهرة وأخواتها على الإصغاء إليه بشرط أن يكون صوته واحداً وواضحاً وحاسماً وقوياً.. يستطيع الصعيد أن يكون حاضراً بشرط أن يريد أبناؤه إنهاء هذا الغياب الطويل.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية