على مدار 5 سنوات، منذ قيام ثورة 25 يناير، وحتى الآن، شهدت المناهج التعليمية عددا من عمليات الترقيع، و«القص واللزق» بشكل لا يليق بدولة قامت بثورتى تغيير. ومع تبدل الأنظمة السياسية، وتشكيل الحكومات المتتالية، فقدت المناهج الدراسية، رؤيتها ووظيفتها الأساسية فى تنوير العقول وزرع القيم وتنمية الفكر. ومع كل تغيير سياسى تشهده مصر، تتحسس وزارة التعليم المناهج، تارة بالحذف، وتارة بالإضافة، لتنال رضا الحاكم بغض النظر عن تشويه الحقائق وتزييف التاريخ.
فى الوقت الذى انقسم فيه الشارع المصرى والإعلام وغالبية مؤسسات الدولة حول اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، سادت حالة من الارتباك بين طلاب المرحلة الابتدائية حول مصير الدروس الخاصة بجزيرتى تيران وصنافير بمناهج الدراسات الاجتماعية، وهل هما تتبعان مصر أم السعودية.
ويعتبر حذف اسم الدكتور محمد البرادعى، نائب رئيس الجمهورية السابق، من المناهج أحد أشكال تزييف الواقع، حسبما يرى خبراء التربية، الذين أكدوا أن المناهج الدراسية، تتم صياغتها لأغراض سياسية، خاصة أن وزارة التعليم مصرة على إحراج نفسها، وإحراج الدولة بالتدخل السياسى فى المناهج الدراسية بشكل فج ومزر.
مرت المناهج الدراسية بعدد من عمليات الحذف والإضافة منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن، وفيما يلى قائمة بأبرز المحذوفات السياسية فى كافة الصفوف التعليمية، على الرغم من إعلان وزارة التعليم أن المحذوفات جاءت بهدف تخفيف الحشو ورفع العبء عن الطلاب، فبعد ثورة يناير تم حذف إنجازات الرئيس الأسبق حسنى مبارك وزوجته وحذف كونه صاحب الضربة الجوية الأولى بحرب أكتوبر وتم اختصار إنجازاته فى سطر واحد باعتباره أحد المشاركين بحرب 1973، وحذف عبارات تم اعتبارها إساءة لرجال الأعمال، وقوات الأمن من مناهج الدراسات الاجتماعية للصف السادس الابتدائى، وتضمن الجزء المحذوف «بسبب التجاوزات والفساد الإدارى، ظهرت طبقة من رجال الأعمال، وما تلاها من انتشار الرشوة والمحسوبية ما أدى إلى اندلاع ثورة 25 يناير.. الداخلية لم تقم بمهمتها فى حماية المجتمع، وقوات الأمن استخدمت العنف ضد المتظاهرين».
وفى منهج مادة الفلسلفة، للصف الثالث الثانوى النظام القديم، تم حذف «فلسفة الثورات.. نموذج تطبيقى ثورة 25 يناير»، وحذف درس «ثورة العصافير» بمادة اللغة العربية للصف الأول الابتدائى، الذى يشرح قصة الثورة بشكل يتلاءم مع عقلية الأطفال وتدور حول ملك يحبس العصافير، ويمنع عنها الطعام، حتى صرخت بصوت أزعج الملك «ارحل ارحل»، وحذف درس «حقوق المرأة وشخصية درية شفيق» بمادة الفلسفة للصف الثانى الثانوى، كما تم حذف الوضعيين سارتر، والاستدلال الرياضى فى المنطق، لطلاب الصف الثالث الثانوى. وفى منهج الصف الأول الثانوى، تم حذف درس «الثورة الحقيقية»، وحذف «الأدب والثقافة فى مصر الإسلامية»، ونص «سيد قرارك»، من منهج اللغة العربية للصف الثانى الثانوى، ومشهد من مسرحية «مصرع كليوباترا» لطلاب الصف الثالث الثانوى.المزيد
تسبب تجدد الدعوات لعدد من أعضاء مجلس النواب وعلى رأسهم الدكتورة نادية هنرى، نائب رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار، بإلغاء مادة التربية الدينية من المناهج الدراسية واستبدالها بمادة الأخلاق لمنع التمييز الدينى والتطرف بين الطلاب، فى حالة من الجدل بين رجال الدين الاسلامى والمسيحى وخبراء التربية باعتبارها كارثة تدمر الأجيال حال تطبيقها.
وهاجم القمص صليب متى، راعى كنيسة مارجرجس بشبرا، دعوات إلغاء مادة التربية الدينية واستبدالها بمادة الأخلاق، مؤكدا أن الأخلاق والسلوك يتم اكتسابها فى المنزل ومن خلال مادة التربية الوطنية، أما العبادات ومعرفة الأديان يتم من خلال التربية الدينية، وعندما يدرس الطفل تعاليم دينه فى المدرسة يصبح شخصا سويا، وليس من حق أى شخص منع الأفراد من تعليم دينهم طالما يتم تدريسه بشكل سليم ومعتدل.
وأضاف «متى» أن تعاليم التربية الدينية والفرائض والقيم ثابتة فى الإسلام والمسيحية وغالبية السلوكيات والآداب متطابقة، وإلغاء التربية الدينية له بالغ الأثر على النشء وجعله عرضة للاستقطاب والتطرف أو يصبح فريسة للإلحاد.
وأوضح «متى» أن تدريس التربية الدينية يجب أن يتم من مختصين من الأزهر والكنيسة كتيار وسطى معتدل وبلغة تنويرية مبسطة تواكب العصر والعودة للنص المقدس والقران وعدم الاعتماد على التفسيرات المحرفة للنصوص، مشيرا إلى أن الدين يطور المجتمع وليس العكس، ويجب التركيز على قيم المحبة والوطنية والبعد عن التمييز والموضوعات الخلافية التى تثير الطائفية.المزيد
قال الدكتور حازم راشد، مدير مركز تطوير المناهج بوزارة التربية والتعليم، إنه لم يتلق أى تعليمات من أى أجهزة فى الدولة خاصة بتسييس المناهج، موضحا أن تطوير المناهج يتم من خلال لجنة قومية مشكلة من 150 أستاذا جامعيا وأكاديميا فى ضوء المؤشرات الدولية للمناهج. وأضاف راشد، فى حواره لــ«المصرى اليوم»، أن مركز تطوير التعليم ملتزم باتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية ولا مجال للاجتهاد فى ذلك، لافتا إلى أن الدكتور البرادعى شخصية وطنية جديرة بالاحترام، وأن حذفه خطأ غير مقصود، وإلى نص الحوار:
■ ما هو الدور الذى يقوم به مركز تطوير المناهج بالعملية التعليمية؟
- يتلخص دور المركز فى 3 نقاط رئيسية، الأولى هى وضع السياسات العامة للمناهج لجميع المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، ولجميع المواد، السياسة العامة ينبثق عنها مصفوفة المدى والتتابع، وهى خريطة تبين ما الذى يجب أن يصل إليه كل طالب فى نهاية كل منهج، بحيث يكون المنهج كالبناء متصلاً بما قبله وما بعده، والثانية هى وضع قواعد ومواصفات مسابقات تأليف الكتب الدراسية حتى لا تتم بشكل عشوائى وتحكيم المناقصات التى تتم فيها المسابقة لتحدث فى أجواء من الشفافية والوضوح، والثالثة هى التعاون مع أجهزة الدولة لخدمة التعليم مثل جهاز التعبئة العامة والإحصاء ونشر الوعى بين التلاميذ والأساتذة عن طريق دليل الأنشطة للتوعية بأهمية التعداد السكانى الذى سيحدث خلال شهور، وكذلك صندوق الوقاية من المخدرات وإدخال مواد تعليمية بالمناهج بأضرار تعاطى المخدرات وهكذا.
■ ما الأسس والمعايير التى يتم على أساسها تطوير وتعديل المناهج؟
- هناك مجموعة من الأسس العامة والخاصة يتم التطوير وفقا لها، أهمها أن يكون المنهج مبنياً على مادة علمية سليمة، وأن يراعى المدى والتتابع بحيث يحقق كل صف نوعا من النمو للصف الذى يسبقه، وأن تراعى المناهج المرحلة العمرية للطالب الدارس لها، وأن يحدث نوع من التناسق والتكامل بين المواد بحيث لا يكرر موضوع واحد بين عدد من المواد سواء التاريخ أو اللغة العربية أو التربية الدينية، وهناك أسس نوعية لمناهج محددة لبعض المواد مثل الكيمياء أو الفيزياء أو الأحياء لابد أن يرتبط المنهج بالتطورات العلمية الحديثة لنفس المنهج، وكذلك مناهج الدراسات الاجتماعية يجب أن ترتبط بمشكلات المجتمع مثل الزيادة السكانية.
■ هل التطوير والتعديل بالمحتوى يكون باستيراد مناهج دول أخرى وتمصيرها أم باقتباس أجزاء محددة؟
- المنهج ابن بيئته، وكل دولة أدرى بمشكلات مجتمعها، ونحن كمركز تطوير المناهج ننفتح على الآخرين ونستفيد من مناهج الدول الأخرى دون النقل الحرفى للمناهج، وهناك فرق بين الانغلاق والانفتاح غير الواعى، لأن النقل الأعمى أضراره أكثر من فوائده، وليس من الوارد نقل طريقة تدريس الدين فى الغرب وتطبيقه بمصر، ولكن يمكن ذلك فى المواد ذات الصبغة العالمية مثل العلوم والرياضيات، والتى لا يمكن تجاهل تطورها، وبناء على ذلك تم تشكيل اللجنة القومية للعلوم والرياضيات وتتكون من 150 أستاذا أكاديميا متخصصا وعدد من خبراء المواد والتربية، وتقوم اللجنة بمقارنة مناهج العلوم والرياضيات المصرية ومناهج عدد من الدول المتقدمة لتحديد موقعنا من العالم وطرح رؤية محددة للنهوض بمناهجنا.المزيد
قالت شيماء على ماهر منسق حملة «مناهجكم باطلة» إنه تم الاتفاق مع مسؤولى الحملات الإلكترونية ضد وزير التعليم وعلى رأسها حملة «تمرد على المناهج الدراسية» و«ثورة أمهات مصر على المناهج التعليمية»، على تقديم بلاغ للنائب العام وطلب لاستجواب وزير التربية والتعليم بمجلس النواب وتكثيف الاستغاثات لرئاسة الجمهورية للمساعدة فى الضغط على الدكتور الهلالى الشربينى، وزير التربية والتعليم بعد تجاهل مطالبهم بتخفيف المناهج، وحذف الحشو والتكرار من المناهج قبل امتحانات الفصل الدراسى الثانى.
وأضافت شيماء فى حوارها لـ«المصرى اليوم» أن أولياء الأمور يطالبون بلقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى لسماع مقترحاتهم الخاصة بإنشاء صندوق تبرعات لتطوير التعليم على غرار صندوق تحيا مصر للمساهمة فى الإنفاق الجيد على التعليم وتدريب المعلمين، مشيرة إلى أن وزير التعليم خالف القانون بإعلان جدول امتحانات الفصل الدراسى الثانى قبل الانتهاء من تدريس المنهج المقرر، وكذلك عدم تنفيذ الخريطة الزمنية للتيرم الثانى، والتى تم الإعلان عنها مع بدء العام الدراسى، وخالف اتفاقه مع أولياء الأمور بتخفيف المناهج، رغم اعترافه بأنها تحتوى على الحشو والتكرار.. وإلى نص الحوار:
■ ما سبب إنشاء الحملة ضد المناهج؟ ولماذا فى هذا التوقيت من الفصل الدراسى الثانى؟
- للتعبير عن المشكلات التى تواجهنا فى التعليم والمناهج، وهى عبارة عن آراء أمهات مصر اللاتى فاض بهن الكيل جميعا ومناقشة حلها والعمل على توصيلها للمسؤولين، وسبب إطلاق الحملة فى التيرم الثانى وليس من بداية العام هو قصر المدة الزمنية للتيرم الثانى وطول المنهج، والكم لا يتناسب مع الكيف، وتعرض التلاميذ والأمهات لضغط عصبى شديد، بسبب إرهاق الطلاب نفسيا وجسديا وعدم قدرتهم على «لم المنهج» بسبب طوله وقصر الوقت وانعكس ذلك على أولياء الأمور.المزيد