تلاحقت الكثير من الأحداث الساخنة في المشهد السياسي المصري بين عامي ١٩٢٢ و١٩٢٣؛ ففي ديسمبر ١٩٢٢ تم نفي سعد زغلول وصحبه، وفي فبراير ١٩٢٢ صدر تصريح فبراير الذي ألغى الحماية البريطانية على مصر، وفي أول مارس ١٩٢٢ كلف الملك فؤاد عبدالخالق ثروت بتشكيل الوزارة، وفي ١٥ مارس ١٩٢٢ أعلن الملك فؤاد استقلال مصر، وفي ١١ أبريل ١٩٢٢ تشكلت لجنة لوضع الدستور لمرحلة ما بعد الاستقلال، ولم يشارك في هذه اللجنة كل من حزبي الوفد والوطني ذلك أنهما طالبا بلجنة وطنية لصياغة الدستور.
وفي ١٢ أبريل صدر الأمر الملكي بنظام وراثة العرش، وفي ٢١ أكتوبر ١٩٢٢ تسلم عبدالخالق ثروت نص الدستور، وفي ٣٠ أكتوبر ١٩٢٢ تأسس حزب الأحرار الدستوريين في فندق شبرد، وفي ٢٩ نوفمبر ١٩٢٢ استقالت وزارة ثروت، وفي اليوم التالي تم تكليف محمد توفيق نسيم باشا بتشكيل وزارة جديدة، ثم كان عام ١٩٢٣ الذي كان أشبه بموسم قطف الثمار؛ ففي فبراير استقالت وزارة نسيم، وفي مارس تألفت وزارة يحيي إبراهيم باشا، وأرسل لها عبدالعزيز باشا فهمي خطاباً مفتوحاً يطالب فيه رئيس الحكومة بعدم نسخ الدستور لصالح الملك، وفي ٣٠ مارس تم الإفراج عن سعد زغلول باشا، و«زي النهارده» في ١٩ أبريل ١٩٢٣ صدر الأمر الملكي رقم ٤٢ لسنة ١٩٢٣ بوضع نظام دستوري للدولة المصرية.
يقول الدكتور محمد عفيفي، أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة القاهرة، إن هذا الدستور أكثر الدساتير نموذجية في تاريخ الدساتير وإذا كان الوفد وصف لجنة الثلاثين في البداية بأنها لجنة الأشقياء واعترض على أشياء في هذا الدستور إلا أنه عاد ودافع عنه حين أراد وزير الخارجية البريطاني، صمويل هور، استبداله بدستور 1930، وخرجت المظاهرات العارمة تقول «يسقط هور ابن الثور»، وهو أقرب للصيغة البلجيكية، وأقول إن زوبعة الوفد كانت من قبيل الاحتراف السياسي للحصول على أعلى قدر من المثالية الدستورية.