قال محمد العبار، رئيس شركة إعمار القابضة الإماراتية، إن مصر من أسرع البلاد التى بدأت تتعافى من تداعيات الأزمة العالمية، وبدأت مؤشرات الأداء الاقتصادى فى القطاعات الأساسية تسترد عافيتها، مما أعطى الشركات العاملة دفعة جديدة من قوة الأداء، واستشهد على ذلك بعدد من المؤشرات.
وأضاف العبار، فى حواره لـ«المصرى اليوم» خلال زيارته القصيرة لمصر ولقائه رئيس مجلس الوزراء، أن حجم استثمارات شركته فى مصر يصل إلى 5 مليارات دولار، تم ضخ 7.5 مليار جنيه منها حتى الآن فى مراحل العمل الأولى فى 3 مشروعات هى مراسى سيدى عبدالرحمن، المقرر أن يبدأ تسليم المرحلة الأولى منه فى ديسمبر المقبل، ومشروع «مفيدا» بالقاهرة الجديدة، ومشروع «أب تاون كايرو» بالمقطم، والمقرر أن يبدأ تسليم المرحلة الأولى منه منتصف 2011، فى حين لم يبدأ العمل فى المشروع الرابع الذى تمتلكه الشركة أمام القرية الذكية على طريق مصر - الإسكندرية الصحراوى بعد، والمقرر أن يشمل إقامة فندق ومركز للمؤتمرات، وإلى نص الحوار:
■ عندما قررت «إعمار القابضة» دخول السوق المصرية كان ذلك منذ 5 سنوات.. ولا شك أن الظروف والمناخ كان مختلفاً فكيف ترى الأوضاع الآن؟
- السوق المصرية أعتبرها من الأسواق الممتازة، وهذا الكلام مبنى على مؤشرات، ودعنى أقول إن «إعمار القابضة» موجودة ولها استثمارات فى 16 دولة، منها الولايات المتحدة الأمريكية فى 5 ولايات والهند 22 ولاية وتركيا وسوريا والمغرب والأردن إلى جانب دبى وأبوظبى، ولذلك فإننا نرصد، بالأرقام، مؤشرات الأداء فى هذه الأسواق، ونحن كشركة لها استثمارات وحجم أعمال فى مصر ندرك ونرصد بدقة حركة السوق، والحقيقة أن مصر استطاعت أن تتعامل مع الأزمة العالمية وتستوعب آثارها بنجاح، وكانت من أسرع الدول التى بدأت تتعافى من هذه الآثار.
■ ما المؤشرات التى رصدتها فى هذا المجال؟
- على سبيل المثال زيادة حجم تجارة التجزئة فى السوق المصرية بنسبة لا تقل عن 25٪، وكذلك زيادة حجم المبيعات فى مشروعات الشركة فى مجال الاستثمار العقارى بنفس النسبة تقريباً 25٪ هذا العام، إلى جانب معدلات النمو فى كثير من القطاعات سواء التشييد والبناء أو الاتصالات والسياحة وغيرها، ولذلك أعتبر السوق المصرية من أقوى الأسواق من حيث معدلات النمو المستقرة.
وأنا مثلاً لم أجد غرفاً فى أحد الفنادق الخمس نجوم بالقاهرة للموظفين المرافقين لى فى الزيارة، أليس هذا مؤشراً جيداً على حركة السياحة.
■ كيف كانت تداعيات الأزمة العالمية على مشروعاتكم الموجودة فى كثير من الأسواق، وهل بدأت هذه الأسواق تتعافى؟
■ الأزمة العالمية كانت آثارها محدقة وخطيرة على الاقتصاد العالمى، ولم ينج من تداعياتها أى اقتصاد، ولكن اختلفت هذه التداعيات فى مستواها وحجمها، ولكنى أؤمن بأن الإنسان بطبيعته قادر على التعامل مع المشكلات وتجاوزها بعقلة وابتكاره وفكره، وهناك كتاب مهم صدر مؤخراً فى الخارج يناقش سلوك الإنسان فى مواجهة أخطائه وتصحيحها والتعلم منها، وأعتقد أن الاقتصاد العالمى بدأ يتعافى من آثار هذه الأزمة.
■ هل بدأت دبى تتعافى من هذه التداعيات؟
- أعتقد أن المؤشرات تؤكد ذلك، فمثلاً زيادة نسبة تجارة التجزئة 25٪ هذا العام، وحجم مبيعات المشروعات العقارية بدأ يتحرك ونمو حركة السياحة بنسبة 14٪، كما أن التعلم والاستفادة من دروس الأزمة هو المهم، وحاليا أعتقد أن مصر ودبى فى قمة الأسواق الجاذبة للاستثمار.
■ لكن ما رأيك فى الإجراءات التى أعلن عنها البنك الفيدرالى الأمريكى بتخفض قيمة الدولار، بشراء سندات فيدرالية وضخ دولارات بالأسواق؟
- هذه الإجراءات أعتقد أنها تدخل ضمن السياسات التحوطية والحرص الشديد من الانتكاس لأن المخاطر ستكون صعبة وقوية على الاقتصاد العالمى، والمهم أن هناك تعاوناً وتنسيقاً بين الدول الكبرى على عبور هذه الأزمة بنجاح.
■ بمناسبة تأكيدك أن مصر فى قمة الأسواق الجاذبة للاستثمار حالياً؟ ما العقبات التى رصدتها أو واجهتها شركتكم خلال استثمارها وعملها فى مصر؟
- لا شك أن هناك بعض العقبات خاصة عند إصدار التراخيص فى المحليات، ولكن أؤكد أنها تجد سبيلها للحل بسرعة، فليس مهماً أن تكون هناك مشاكل تواجه المستثمرين، ولكن المهم أن تكون الحكومة والمسؤولون على استعداد للاستماع لهذه المشاكل وسرعة حلها وإزالتها، وهو ما يحدث فى مصر، وأقول للمحليات فى مصر أرجوكم الرفق، ولكن أؤمن بأنه لا عمل دون مواجهة الصعاب والتعامل معها دون كلل أو ملل، و«متعودين على ذلك».
■ ما أبرز التحديات التى يمكن أن تضع يدك عليها؟
- أعتقد أن المشكلة التى كانت ستقف حجر عثرة بالفعل أيام الاستثمار وتؤثر على مستقبل قرارات الشركات فى الاستثمار فى مصر، هى قضية «مدينتى» ولكن أعتقد أن القيادة السياسية والحكومة تعاملتا معها بسرعة، وأتمنى أن تنتهى هذه القضية وتغلق تماماً.
■ ما رأيك فيما يتردد حول حالة عدم اليقين والاستقرار وتأثير ذلك على قرارات تدفق الاستثمار للسوق المصرية؟
- حتى أكون صريحاً معك، فنحن العرب تعودنا على جلد الذات والنقد المبرح لأنفسنا، فمثلاً حاولنا إقامة مشروعات فى «تورنتو» بكندا فوجدنا الحصول على رخصة مبدئية يستغرق 5 سنوات، فقررنا الانسحاب، وكذلك فى كاليفورنيا تستغرق التراخيص نحو 6 سنوات، وما أريد قوله هنا هو أن الأوضاع لدينا سواء فى مصر أو دبى جيدة، والمشاكل الموجودة لا تعوق الاستثمار وهناك فرص واعدة وكافية، ومعدلات النمو تطمئن، ومصر دولة مستقرة على مدى 7 آلاف سنة، وستظل كذلك فلديها مؤسسات، وسكانها 80 مليوناً لديهم طموحات، وسياسات تستهدف تحسين مستويات المعيشة ودفع التنمية، والمحافظة على الاستثمار وتشجيعه، وأنا شخصياً لا أجد أى تأثير فيما يتردد أو يسمى حالة عدم اليقين إطلاقا، ولا أتخذ قرار الاستثمار بشكل عاطفى ولكن بناء على مؤشرات السوق بجميع عناصرها، وأستطيع أن أقول إن السوق المصرية مستقرة وواعدة.
■ شركتكم موجودة فى العديد من الأسواق العربية والعالمية فلماذا لم تستمر فى استكمال مشروعاتها بالجزائر، هل بسبب الإجراءات الأخيرة للتضييق على الاستثمار الأجنبى؟
- الحقيقة أننا خرجنا من الجزائر قبل القرارات والإجراءات الأخيرة التى اتخذتها فى مواجهة الاستثمار الأجنبى، وربما كان سبب خروجنا أننا وجدنا أنهم غير مستعدين لاستقبال استثمارات خارجية.
■ لكن ما رأيك فى الإجراءات التى تتخذها الحكومة الجزائرية ضد الشركات المصرية خاصة «أوراسكوم تليكوم»؟
- أنا أستغرب هذا الأمر، لأن مصر فضلها على كل الدول العربية والعالم العربى كله ولا تستحق أن تعامل الشركات المصرية بهذا الشكل، وعيب ما يحدث الآن فى الجزائر ضد «أوراسكوم تليكوم» خاصة أنها مصرية، وأيضا يمتلكها رجل أعمال مصرى محترم، وملتزم فى كل أعماله ومشروعاته هو نجيب ساويرس، وبالتأكيد دخل السوق الجزائرية بهدف التنمية هناك، ولا يستحق ما يجرى له الآن هناك، والحقيقة أن من أفضل الشركات التى نتعامل معها فى مشروعاتنا شركة «أوراسكوم» من حيث الالتزام.
■ ما حجم استثمارات شركتكم فى مصر، وهل لديكم نية للتوسع خلال الفترة المقبلة؟
- حجم استثماراتنا فى مصر سيصل فى المراحل النهائية للمشروعات الأربعة فى «مراسى» و«مفيدا» بالقاهرة الجديدة، و«أب تاون كايرو» بالمقطم، وكذلك المشروع المقابل للقرية الذكية على طريق مصر - الإسكندرية الصحراوى، إلى نحو 5 مليارات دولار، وحجم الاستثمارات التى تم ضخها حتى الآن فى تنفيذ المراحل الأولى بالمشاريع الثلاثة الأولى يصل إلى 7.5 مليار جنيه، وبالفعل لدينا نية قوية للتوسع فى السوق المصرية وإقامة مشروعات جديدة، ونتفاوض حالياً على شراء بعض الأراضى الجديدة، ولكن لن نكشف عنها الآن.
■ كم حجم القروض المصرفية للشركة فى تنفيذ مشروعاتها بمصر؟
- نعتمد على التمويل الذاتى من الشركة الأم فى دبى، والقروض نسبتها ضئيلة جدا، و«إعمار» معروف أنها لم تقم بتحويل درهم أو دولار واحد خارج مصر.
■ أسعار المشروعات العقارية للشركات العربية التى دخلت السوق المصرية، متهمة بالارتفاع؟
- أولاً نحن فى «إعمار» نحدد الأسعار وفق التكلفة فى البنية الأساسية، والخدمات الشاملة بالمشروع، ونوعية البناء ثم هامش ربح معقول، ولكننا لا نرحب إطلاقاً برفع الأسعار بشكل مبالغ فيه لأننا ندرك تماماً العواقب الوخيمة كذلك، وهناك فى علم الاقتصاد والسوق عبارة مهمة وهى ضرورة مراعاة مستويات القدرة الشرائية.
■ هل تعتمد «إعمار» فى تسويق مشروعاتها فى مصر على الطلب الخارجى فى الأسواق الخليجية أم السوق المحلية فقط؟
- نعتمد بشكل أكبر على السوق المصرية ونؤمن بأن أفضل وسيلة تسويقية هى تسليم وحدات المراحل الأولى بنفس المواصفات والشروط التى أعلنا عنها، فالواقع خير وأفضل وسيلة للتسويق.
■ ما الأسواق التى لديكم أكبر استثمارات فيها؟
- الهند وهى سوق واعدة وبها فرص جيدة، و«إعمار» موجودة فى 22 ولاية فيها.