x

طارق الشناوي «قبل زحمة الصيف».. هزمه «مايوه» هنا شيحة طارق الشناوي الإثنين 18-04-2016 21:10


قبل العرض كانت (الميديا) كلها تتحدث عن مايوه هنا شيحة الذى اعتبر هو عنوان الفجور، وتعالت الأصوات أين أنت يا رقابة؟ وكأنها أول فنانة مصرية فى تاريخنا ترتديه على الشاشة، قطعنا الخط الفاصل بين الشخصية الدرامية ومن يمثلها، المؤكد أن تصنيف الرقابة للفيلم ((فوق 18)) لعب دورا فى زيادة شغف الجمهور، وهنا تلعب مشاعر النهم دورا عكسيا،الخيال دائما يتطلع لما بعد ما شاهدوه فى ((البرومو))، وجاءت النتيجة عكسية، أقرب لصدمة، دعاية الفيلم تركز فقط على تلك اللقطات بينما يذوب المايوه تماما فى خضم كل أحداث الفيلم.

شاهدت (قبل زحمة الصيف) فى مهرجان (دبى) ديسمبر الماضى، ولأننى لا أكتب بأثر رجعى فكان ينبغى معاودة المشاهدة، كان الحضور فى صالة العرض أقل كثيرا من متوسط وأكثر قليلا من متواضع، ووجدت أمامى محمد خان 25 فيلما، كعادته محتفظا بشبابه يبث طاقة إيجابية فى الكادر، وإن كان هذا لا ينفى مسؤوليته عن ركاكة السيناريو، مقتل الفيلم أن من قطع التذكرة من أجل المايوه وتوابعه سيجد القليل، ومن أراد أن يرى قصة سيكتشف أنه ليس هناك حكاية ولا عقدة ولا حبكة، ومن يبحث عن موعظة حسنة، لن يجد موعظة لا حسنة ولا سيئة.

الجمهور متعدد المشارب بالطبع ومحمد خان أحد العناوين المضيئة فى السينما لما دأبنا أن نصفهم بمخرجى الواقعية السحرية، مع الرفقاء داود والطيب وبشارة، أفلام خان فى الأغلب يجمعها نغمة لها جمهور ولكنها بالتأكيد ليست نغمة جماهيرية.

إذا كانت المرأة وجدت من يتبنى قضاياها بالإبداع نزار (الشعر) وإحسان (الرواية) فإن خان فى هذه الحالة هو (السينما).

لسنا بصدد شريط قصة ولا مناظر، إنها أشبه بمن يدون يومياته، فهو لا يتعمد أن يضيف إليها محسنات بديعية، ولكنها ومضة تقتطع من الزمان أربعة أيام، قبل أن يبدأ الصيف ليتحول الشاطئ العام إلى خاص، وبشخصيات محدودة، هنا شيحة مطلقة فى نهاية الثلاثينيات ولديها أبناء فى مرحلة المراهقة، ماجد الكدوانى رجل فى الخمسينيات من عمره، محب للحياة والنساء والأكل، لم يعد لديه سوى تلك النظارة المكبرة التى كانت مثلا هى بطل فيلم (من النافذة) لألفريد هيتشكوك، بطولة جيمس ستيوارت وجريس كيلى، كان الرجل القعيد بعد وضع جبس فى قدمه من خلال النظارة يتلصص على الجيران ليقتل الوقت بحكايات من شرفة إلى شرفة حتى يجد نفسه متورطا فيها، بينما ماجد الكدوانى لديه تشبث ببقايا الرغبة الجنسية، مع إحساسه بأنه يودع زمن القُدرة لينضم إلى فريق الفُرجة، وحتى تكتمل الدائرة عليك أن ترى فى تلك اللحظة زوجته لانا مشتاق لا تهتم بأنوثتها وفى لقطة موحية تتوجه ليلا للثلاجة تلتهم بنهم ملاعق من المربى، العلاقة بينهما مقطوعة وجدانيا ولكن يربطهما الابن المسافر برسائل على الموبايل، هناك البغبغان، الذى يضعه محمد خان، ولم يعرف كيف يستثمره دراميا، بينما أحمد داوود، حارس القرية، يتلصص بلا نظارة على جسد هنا، الاشتهاء عن بعد من الشباك أو بحاسة الشم عندما يعانق ملابسها، السيناريو أول تجربة لغادة شهبندر، شاركتها فى الحوار نورا الشيخ كان البحث عن وسائل للجمع بين هنا وماجد هو الهدف وهو أيضا نقطة ضعف السيناريو، هناك بالطبع نظرات وتلميحات ولمسات يمارسها ماجد المفروض أنه يخشى زوجته فكيف يفعل كل ذلك تحت عينيها؟، يكسر السيناريو حالة الملل بدخول الوجه الجديد هانى المتناوى الذى يؤدى دور ممثل لم يستطع أن يحقق النجومية، المفروض أنه يؤدى دور ممثل بلا حضور، ولكن لا يعنى ذلك يفتقد هو الحضور، وهو خطأ المخرج. ويبقى التساؤل لماذا تهيم به هنا شيحة، ألمح الفيلم إلى أن لديها نهما جنسيا، ولكنه لسبب غير منطقى، لم يكمل هذا الخط، فمثل هذه الشخصيات من الممكن لو وقعت تحت تأثير الخمور تمارس الجنس مع أى عابر، وإذا أضفنا الإحباط الذى عاشته بسبب انفصالها عنه بعد أن تركها، فكان المنطق يفرض أن تمارسه مع الحارس، استبدل المخرج هذا اللقاء بحلم من داوود وهو يحاول أن يغازل جمهوره ليمنحه شيئا مما ينتظره وفى نفس الوقت لا يحاسب دراميا عليه فهو مجرد حلم من طرف واحد.

الفيلم فى عمقه حديث عن المكبوت، تجد فيه ألقا فى الصورة التعبيرية التى يحققها فيكتور كريدى، من خلال لقائه الأول مع خان وموسيقى ليال وطفة، التى برعت فى تعميق الإحساس، كما أن خان مع مونتاج دينا فاروق أجاد توظيف لحظات الصمت، ويبقى فى الحقيقة أن المخرج كثيرا ما يقدم مفاجأة غير منطقية مثلا ما الذى يدعو الممثل المتناوى إلى أن يمارس الجنس مع هنا، وهو يرتدى الباروكة تكتشف أن المخرج أراد أن يفاجئ المتفرج وليس فقط الأبطال فى مشهد فقدانه الباروكة، كما أن ماجد يهوى التلصص بالنظارة على النساء فكيف يُبلّغ عن شاب وشابة أجنبيين يمارسان الجنس على الشاطئ، الحوار بين ماجد وزوجته لانا مشتاق كثيرا ما يدخل تحت باب الثرثرة، كما أنه لم يستطع استثمار الببغاء دراميا، ولم يجد سوى أن يجعل داوود يفتح باب القفص ليلتهمه القط.

هنا شيحة مع خان تستطيع أن ترى طاقة تعبيرية وحضورا طاغيا لم تصل إليها من قبل سينمائيا وإن كانت قد حققتها تليفزيونيا فى (موجة حارة) و(السبع وصايا)، ماجد الكدوانى حضور مشع قادر على أن يحيل اللمحة العابرة الى إحساس عميق، كانت له ومضاته الكوميدية الهادئة التى تتوافق مع بناء الشخصية، أحمد داوود ثانى خطوة سينمائية ناجحة له بعد (أولاد رزق).

الفيلم سيجد حظا أوفر فى الفضائيات بعد أن يغادر كما هو متوقع فى نهاية هذا الأسبوع الشاشات، الفيلم جُرح مرتين، الأولى بالسيناريو، والثانية بالجمهور عندما اختصره فقط فى مايوه هنا شيحة!!.

(خارج النص)

■ لم تهدأ إيطاليا ولن يهدأ العالم حتى يعرفوا مصير الباحث الإيطالى ريجينى، بينما نام المصريون ولا يزالون قريرى العين بعد غياب الصحفى والكاتب الكبير رضا هلال قبل 8 سنوات، ولم يعد حتى أحد يجرؤ على ترديد السؤال، لو كان رضا يحمل جنسية لن أقول أوروبية ولكن أفغانية، هل كان استمر لُغز اختفائه أم كُنا سنخشى غضب العالم!!

■ من الذى يصدق أن شعبولا هو بديل الجريدة الناطقة لأحداث مصر السياسية، يعد الآن أغنية تواكب زيارة الرئيس الفرنسى هولاند، يوجد جزء فاعل فى الدولة ماشى (على قديمه) من زمن مبارك إلى زمن السيسى (وإيييييييييييييه)!!

■ غادة عبدالرازق حلقت شعرها (ع الزيرو) فى مسلسلها (الخانكة) بينما محمد رمضان جعله (زلبطة) فى (الأسطورة)، وكأننا فى مزاد ومين يزود، فهل سيضطر مصطفى شعبان فى (أبوالبنات) أن يتخلص تماما من رأسه!!.

■ سيد زيان غاب عن مسرح الحياة عشر سنوات، ثم غاب تماما قبل أيام عن الحياة، هل سنعاود اكتشافه الآن ونستدعيه من الأرشيف؟

■ كثيرا ما اختلفت مع عمار الشريعى وهو بيننا وتجادلنا، لم أكن أرتاح الى عمار وهو ينشد لمبارك متملقا (اخترناه اخترناه وإحنا معاه لمشاء الله) ولكنى عاشق ولهان ومتيم بألحانه وهو يشجينا بكلمات سيد حجاب وصوت عفاف راضى (بتسأل يا حبيبى)، بدّد عمار جزءا من طاقته فى الغناء للسلطة، وما تبقى منه للزمن هو ما قدمه مخلصا للوطن والحب والجمال.

■ هل تتغير خريطة النجوم الرمضانية؟ نعم هناك تغييرات متعددة، والشاطر فقط هو القادر على الإمساك بالتغيير، الجيل الذى لم يُعدّ توصيفا جديدا يليق به صار يحتل الشاشة، وأتصور أن الثلاثة الكبار عادل والفخرانى ومحمود، سيواصلون البقاء على القمة الرقمية، بينما يسرا وليلى وإلهام تواجدن هذا العام، ولكن إذا أردن الاستمرار مجددا عليهن أن يحددن بدقة الخطوة القادمة، أرى فى السنوات الأخيرة أرض التليفزيون وهى تهتز تحت أقدامهن.

■ عندما قدموا لبيكاسو إحدى لوحاته عليها توقيعه، قال لهم نعم هذا توقيعى ولكن اللوحة مزورة، رسمتها لأنى كنت فى احتياج لنقود، هل بين نجومنا من لديه شجاعة بيكاسو؟!

■ (أبدا لم يكونوا أطفالا) للمخرج محمود سليمان، ومن إنتاج المركز القومى للسينما المصرية، حصد الفيلم العديد من الجوائز الذهبية، وفى كل مهرجان خارج الحدود صار عنوانا لنا وللسينما المصرية، الغريب أن مهرجان السينما التسجيلية والذى يفتتح غدا فى الإسماعيلية قرر معاقبة المخرج على تفوقه واستبعد فيلمه تماما من العرض؟!!

■ شبابيك الفنان الرائع الكبير حلمى التونى، التى منحها لنا فى آخر معارضه حيث تُطل علينا النساء الجميلات من الشبابيك العربية الأصيلة، مساحة نقاء نرنو إليها وهى بحق وحقيق تطبطب وتحنو علينا فيدخل النور والبهجة إلى قلوبنا العطشانة!!

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية