x

محمد علي إبراهيم أسرار جسر الملك سلمان.. العسكرية والجغرافية ( 1 – 2 ) محمد علي إبراهيم الأحد 17-04-2016 21:22


بدعوة كريمة من الزميل الأستاذ محمد السيد صالح، رئيس تحرير المصرى اليوم، أطل من هذه النافذة المحترمة على القراء بعد إقصاء وتوقف من «الجمهورية».. أرجو أن أكون إضافة متواضعة بين عمالقة الفكر والصحافة..

في 15 يوليو 2007 جاءنا اتصال من رئاسة الجمهورية بالاستعداد للسفر للبحرين.. كان واضحا أن الرئيس الأسبق مبارك يسعى لدعم البحرين معنويا وعسكريا في مواجهة إيران، خاصة أن الزيارة لن تستغرق سوى ساعات.. الحكاية بدأت بمقال كتبه حسين شريعة مدارى القيادى الإيرانى، كرر فيه القول بتبعية البحرين لإيران.. أثناء وجودنا هاتفت المفكر والصديق د. على فخرو وزير التعليم الأسبق بالبحرين.. قال «التنافس العربى الإيرانى في ساحات مثل لبنان وفلسطين هو صراع نفوذ سياسى ومذهبي أما بالنسبة للمنامة فالمسألة تتعلق بالسيادة والاستقلال.. أنهم يدفعونا للاستعانة بأى أحد لهذا هرع مبارك إلينا.. ولا أخفيك أن إسرائيل عرضت المساعدة».. ظلت الجملة راسخة في ذهنى.. هل ستدافع الدولة العبرية عن العرب.. ياله من زمن!

في الصباح خرج وزير الخارجية الإيرانى منوشهر متقى يقدم التوضيحات والطمأنة للبحرين.. كان مبارك لم يغادر بعد.. بمجرد سفرنا هبطت طائرة وزير الخارجية الإيرانى في المنامة طالبا لقاء الملك حمدين عيسى عاهل البحرين.

مدلول القصة أن إسرائيل مستعدة للدفاع عن الخليج.. لم نفهم وقتها العرض الإسرائيلى.. لكن الأمور بدأت تتضح شيئا فشيئا.. في آخر اجتماع لقادة الخليج مع الرئيس أوباما في كامب ديفيد بعد توقيع الاتفاق النووى مع إيران أكد أن واشنطن لن تحارب خارج أرضها مرة أخرى وعليكم الاعتماد على أنفسكم.

في الوقت ذاته كانت مصر تتعرض لضغوط أمريكية- كادت تنجح 2012- لمبادلة الأراضى مع إسرائيل وفلسطين وهى الخطة القديمة المعروفة باسم «جيرولاند» أو نزع جزء من سيناء لتوطين الفلسطينيين فيه والسيطرة على مدخل البحر الأحمر مقابل التنازل عن جزء من صحراء النقب لمصر وبهذا يتم فصل سيناء وملحقاتها عن مصر.

المؤامرة ببساطة تقسيم الوطن العربى من جديد وذلك من خلال «كشفه» أمام عدوين تقليديين.. إيران وإسرائيل.. تلتهم الأولى ما تشاء من قطوف الخليج «البحرين والإمارات والمنطقة الشرقية بالسعودية»، وتنتزع إسرائيل سيناء حلمها القديم وتحشر الفلسطينيين وتضع «خازوقا» عربيا في خاصرة مصر وتملك البحر الأحمر بالكامل تعربد فيه كيفما شاءت.. تدافع عن إثيوبيا، وتحمى حلايب وشلاتين في خط عرض 22.. باختصار تقطع المية والنور عن مصر.

على الناحية الأخرى تقسم إيران الخليج طبقا لنسبة التواجد الشيعى فيه.. من ثم تحصل على البحرين واليمن والمنطقة الشرقية بالسعودية بالإضافة إلى سوريا ولبنان شمالا، أما العراق فقد سقطت ثمرتها في حجر إيران منذ زمن.

وهكذا أصبح مشروع جسر الملك سلمان الذي يربط مصر بالسعودية مجرد مشروع إقليمى عربى- وضع تحت عربى ألف خط- له مضمون وهدف استراتيجى محدد.. ولننس هل تيران وصنافير سعودية أم مصرية مؤقتا ونركز في الاستراتيجية!

بداية أقول إن حديث المفكر البحرينى البارز على فخرو لى قبل عشرة أعوام تظهر أهميته الآن أكثر من أي وقت مضى، فدول الخليج ترى أن إيران أشد خطرا وتهديدا من إسرائيل ومعها الحق.

وقبل أن يتهمنى أحد بالتأييد أو المعارضة لضم الجزيرتين للسعودية وبناء جسر الملك سلمان، يهمنى التأكيد على الأوضاع الديموجرافية «السكانية» لدول الخليج، حيث إن بها نسبة تزيد على 50% من الشيعة المعارضين لملوكهم وحكامهم.. الحكومات الخليجية مطالبة الآن بإرساء أسس مواطنة حديثة تضم الجميع لينتهى للأبد إحساس المواطن بأنه «درجة ثانية».. ليس سرا أن تتزايد المخاوف بتحول هؤلاء الشيعة إلى أداة للتدخل في الخليج كله كما يحدث في اليمن الآن.. وهو ليس غائبا عن عقل كل حكام المشرق وغالبيتهم أجيال جديدة لا يشعرون بالعداء التقليدى من إسرائيل مثلما يخشون التمدد الشيعى الإيرانى.

ستسألنى ما الفارق بين إسرائيل وإيران؟ أعود وأرجع لكلام على فخرو منذ 9 سنوات في المنامة! إسرائيل ليس لديها رابط بسكان الخليج وأكثر ما تطمع فيه هو روابط اقتصادية وتجارية.. إيران جار مباشر يستطيع غلق الخليج أمام تصدير البترول في دقائق.. أما إسرائيل فليس لها حدود مع دول الخليج.. طهران تتدخل صراحة في العراق وسوريا ولبنان واليمن أي في الدائرة المحيطة بالسعودية.. أما إسرائيل إذا تدخلت في لبنان فهى تقاوم التدخل الإيرانى وتدافع عن نفسها.

وقبل أن يتهمنى أحد بالترويج لتطبيع إسرائيلى مع الخليج، فإننى أقول إن هناك حاجة لإنشاء تحالف إقليمى خليجى تشترك فيه إسرائيل- ولو ظاهريا- لدرء الخطر الإيرانى.

استقراء الأحداث بعقلانية يقول إن مصر تريد أن تغلق نهائيا ملف الإرهاب ومعه ضغوط التقسيم أو مبادلة الأراضى التي تظهر كل فترة.. من ثم نلاحظ أن السعودية وافقت فورا على انضمامها للملحق الأمنى لاتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية الأمر الذي يشى بأنه ستكون هناك تعهدات سعودية مكتوبة لإسرائيل باحترام حرية الملاحة في خليج العقبة.

هذا الجسر الغرض منه ليس تجاريا وسياحيا فقط، كما ذكرت معظم الأقلام لكن ستكون له وظيفة استراتيجية في إطار التحالف السعودى المصرى الخليجى الحالى.. التحالف ربما يمتد لمصالحة مصرية مع تركيا وحماس بجهود سعودية ضمانا لتعزيز التحالف العسكرى التركى السعودى لنقل القوات التركية على الجسر بالتوازى مع قناة السويس.. الأمر الذي من شأنه أن يدفع بقوات تركية ومصرية في ساعات قليلة إلى السعودية.

غير أن هذا التحالف التركى الخليجى لن ينجح إلا بموافقة مصر.. وبصراحة وبدون لف ودوران.. خط الدفاع الأساسى عن السعودية وأماكنها المقدسة هي مصر الكنانة وحصن العروبة.

إذن التحالف السعودى التركى لن يكتمل إلا بمصر.. خامس أكبر قوة عسكرية في العالم.. الأمن القومى المصرى كما درسنا من المحيط للخليج.. السعوديون لعبوا في الفترة الأخيرة دور «المحفز» على التصالح سعيا وراء ردع إيران وتدعيم نفوذ المملكة في الشرق، ولذلك يسعون بكل قوة لتشكيل تحالف من مصر وتركيا وفلسطين وإسرائيل، ولاحظ أنهم هم الذين أخرجوا حماس من حضن إيران الدافئ.. ورغم كل هذا كان من حق الراى العام المصرى أن يعرف ويعى ويجد من يحترمه ويصغى إليه.

وفى الحلقة القادمة اتكلم عن بداية المناقشات المصرية السعودية وأسس التفاوض ولماذا ظللنا 6 أعوام مختلفين وهل هددت الرياض القاهرة وما هو الطرح النهائى الذي حل الغموض وقرب وجهات النظر؟!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية