يسعى صانعو السياسات المالية في العالم، إلى تخطي الأزمات التي يمر بها الاقتصاد العالمي بقوة القطاع البنكي، مؤكدين على أن البنوك مازالت أكبر من أن تفشل برغم كل ما مرت به.
وعلى مدى العقود التي سبقت الأزمة المالية العالمية في عام 2008، تعلمت البنوك كيفية تجنب وتمييع لوائح التنظيم الصارمة التي فُرضت بعد الانهيار الكبير في عام 1929، إلا أن البنوك المصرية تعد الأقل تأثرًا بالأزمات المالية العالمية، ورغم المشكلات الاقتصادية التي تواجهها مصر والقطاع المصرفي بشكل كبير، إلا أن النظام المصرفي المصري مازال قويًا ليتحمل تللك الصدمات، فعدلت وكالة التصنيف الائتماني «موديز» من توقعات النظام المصرفي من سلبي إلى مستقر، مما يعكس توقعاتها أن موقف التمويل والسيولة للبنوك سيظل قويًا وسط تحسن ظروف التشغيل خلال العام الجاري.
وقالت وكالة «موديز» في بيانها خلال يوليو الماضي: «نحن نتوقع أن النظام المصرفي في مصر سوف يستفيد من تحسن ظروف التشغيل، مما أدى إلى ارتفاع ثقة المستهلكين والشركات، والتي بدورها ستدعم نمو القروض وجودة الأصول».
وحققت البنوك المصرية معدلات نمو قوية بنحو 35% خلال السنوات الثلاث الماضية، وبلغ حجم القطاع المصرفي بنهاية العام الماضي بنحو 2 تريليون جنيه، وأطلقت البنوك خلال الأشهر الماضية عدة مبادرات كالعقارات والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، ومبادرات لدعم السياحة.
وقال طارق فايد، وكيل محافظ البنك المركزي المصري، في بيان له، فبراير الماضي، إن البنك المركزي يلعب دورًا هامًا في دعم الإنتاج من خلال مبادرة لتنشيط التمويل المقدم لقطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بزيادة القروض لـ20% من إجمالي محفظة القروض، بقيمة 20 مليار جنيه في غضون 4 سنوات.
في حين تعاني البنوك الأمريكية من تقلص الأرباح خاصة مع تصاعد المخاوف بشأن النمو الصيني، إضافة إلى تشديد السياسة المالية للفيدرالي الأمريكي، غير أنها مضطرة لتقليص المصاريف على غرار تقليل أعداد العاملين، وسيتم إعلان تقارير الأرباح للبنوك الأمريكية خلال الأسبوع الجاري.
وتوقع لين كوربن، المحلل الاقتصادي ببنك «ستاندرد تشارتر»، في حديثه لـ«المصري اليوم»، انخفاض بنحو 20% في المتوسط في أرباح البنوك الأمريكية الست، قائلا: «ستقدم البنوك الست الكبرى أسوأ النتائج في أكثر من 10 سنوات بما في ذلك مجموعة جولدمان ساكس».
وقال الاحتياطي الفيدرالي والمؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع، الأربعاء الماضي، إن 5 بنوك من أكبر 8 بالولايات المتحدة ليست لديها خطط «موثوق بها» حول كيفية مواجهة أزمة مالية جديدة دون بث الفزع بين جموع المواطنين.
من ناحية أخرى، قال بنك «جي بي مورجان»، في بيان، الخميس الماضي، إن البنك سيدعم مخصصات قروض الطاقة المتعثرة- بسبب التخبط الذي يشهده القطاع منذ بداية العام الجاري- بقيمة 500 مليون دولار خلال العام الجاري، إضافة إلى قيمة سابقة بنحو 529 مليون دولار تم تخصيصهم خلال الفصل الأول المنتهي في مارس الماضي.
وفي سياق متصل، قلص بنك «جولدمان ساكس» من نفقاته في الربع الأول، إضافة إلى خروجه من بعض الأسواق، الأمر الذي أدى إلى انتشار القلق في جميع أنحاء القطاع المصرفي الأمريكي، ووضع مسألة الاستدامة في مواجهة الركود الاقتصادي الوشيك، ويوحي ذلك إلى احتياج القطاع المصرفي الأمريكي إلى توفير دعم أكبر من الحكومة، إذا ما أرادت تجنب الفوضى المالية الهائلة.
ويتزامن ذلك مع حملة الانتخابات الرئاسية، والتي هيمن عليها في بعض الأحيان النقاش حول مقدار المخاطر التي لا تزال البنوك العملاقة تشكلها على الأمن الاقتصادي في البلاد، حيث دعا السيناتور بيرنيساندرز، من ولاية فيرمونت، إلى تقسيم البنوك الكبرى، الموقف الذي لقى معارضة شديدة من جانب منافسته الأوفر حظًا من الحزب الديمقراطي، هيلاري كلينتون.
ودعا واضعو السياسات المالية من المنظمين داخل الولايات المتحدة البنوك الكبرى، لإظهار قدرتهم على تخطي إفلاس منظم، وهو عبارة عن تدريب يقترحه المنظمين لاجتياز البنوك العاملة لبعض اختبارات قدرة التحمل لإظهار العيوب داخل النظام البنكي ومحاولة تجنبها في حال حدوث مشكلات مالية أو اقتصادية بالفعل. ودعا المنظمون لذلك الاختبار لإظهار «هل ستكون البنوك بحاجة إلى الإنقاذ من الحكومة أو من دافعي الضرائب (المواطنين الأمريكيين)».
وفي رسائل مطولة أرسلت إلى البنوك خلال هذا الأسبوع، أشارت الهيئتان الرقابيتان إلى المخاطر التي نجمت عن التواصل العالمي ومدى التعقيد الذي تشكله البنوك العملاقة، والتي تضخمت أعمالها وأحجامها عما كانت عليه قبل أزمة 2008 المالية، حيث قالت الجهات الرقابية المصرفية في خطابها المرسل إلى بنك «جيه بي مورجان» إن «الترتيبات الحالية قد تعود بآثار سلبية خطيرة على الاستقرار المالي في الولايات المتحدة».
وعلى صعيد أوروبا، تصاعدت المخاوف بين أوساط القطاع المالي بشأن التوقعات الاقتصادية المتعثرة، على خلفية التباطؤ الصيني والاستفتاء المزمع إقامته لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 23 يونيو المقبل.
وتراجع التفاؤل في القطاع البنكي في أسرع معدل منذ 2011، والتي تعكس خلفية الأسواق المضطربة والمخاوف من التباطؤ الاقتصادي العالمي، مما يعكس التوقعات المتشائمة من احد القطاعات الرئيسية في المملكة المتحدة، والتي تمثل حوالي 10% من الناتج المحلي الإجمالي، وتستعد البنوك الإنجليزية لخفض المزيد من فرص العمل مع تداعي انخفاض الارباح وارتفاع النفقات.