عزيزى نيوتن
بين مصطلح «رأى عام» ومصطلح «غوغائية» خيط رفيع اسمه «العقلانية».. ارحموا أنفسكم يا سادة، فالسيادة الفعلية على جزيرتى صنافير وتيران وخليج العقبة هى لإسرائيل، والسيادة الشكلية للقوات الدولية. ليس مهماً إذن لمن تكون السيادة القانونية، لمصر أم للسعودية أم حتى لبوركينا فاسو!!.. ما حدث أن مصر وضعت يدها على الجزيرتين عام 1950 باسم حمايتهما من إسرائيل. لكن ما حدث أننا لم ننجح يوماً فى حمايتهما أو حماية أنفسنا. ودخلنا بهما معركتين على سبيل البلطجة وقطع طريق الملاحة، وخرجنا من كلتيهما بالخسران المبين. الآن نحن لا نحمى شيئاً، ولا نملك من أمر الجزيرتين شيئاً، وإن كان قد تم بالفعل بيعهما، فالصفقة هكذا أشبه بصفقة «بيع الترماى»، علماً بأننى لا أصدق كل ما يقال عن مليارات سعودية لمصر.. السعودية الآن فى أسوأ حالاتها المالية، وكل ما يقال عن مليارات يتفضلون بها علينا هو بيع للوهم لا أكثر.
يا عزيزى الإعلامى الذكى المجتهد إبراهيم عيسى: نعم ما نشرته وزارة الخارجية من وثائق حول الجزيرتين لا يرتقى لمستوى اتفاقات أو معاهدات أو وثائق دامغة لملكية السعودية لهما. لكن فى غياب أى وثائق لأى من الطرفين حول الموضوع، تعد الوثائق المنشورة «قرائن» و«شهادات»، تشير كلها إلى الحقيقة التى لا ينكرها إلا «مكابر واخد الموضوع عافية وتجرمة»!!
السيادة المصرية لم تهدر بتسليم الجزيرتين، لكن أهدرها هذا الاستقبال الأسطورى لطويل العمر ملك الوهابية!!.. تغضبون على السيادة الوطنية من أجل جزيرتين وأنتم غير منتجين إلا فى التناسل.. تغضبون وأنتم تعيشون على التسول. تغضبون من أجل جزيرتين غير مأهولتين، ومدنكم تسد طرقاتها تلال القمامة. تغضبون وأنتم كذابون وفهلوية وأونطجية. تغضبون وأنتم أسرى أفكار وثقافات بائدة تجاوزها العصر. تغضبون وأنتم تنتقلون من العبودية لسيد إلى العبودية لآخر.. اغضبوا إن كان لديكم بقية من كرامة على جمودكم وتخلفكم، وعلى إهداركم لإنسانيتكم بأنفسكم، وباستمرائكم الخنوع لمن يدوس أعناقكم معتمراً الكاب العسكرى أو عمة الشيخ أو القسيس.. ربما لأننى لا أستشعر سيادتى فى وطنى، لم تُجرح مشاعرى السيادية لتخلى «أسيادى» عن جزيرتين غير مأهولتين محل نزاع!!
كل ما يزعجنى فى قضية الجزيرتين هذه، أن من يحكموننا يتصرفون وكأننا أقنان فى إقطاعية يمتلكونها بمن عليها، وليس لنا إلا تلقى ما ينعمون به علينا، وألا نكف عن التسبيح بحمدهم ليل نهار!!
كمال غبريال