«لم، ولن يموت».. جملة بسيطة ومكثفة لخّصت بها الإعلامية نهال كمال زوجة الشاعر الكبير الراحل عبدالرحمن الأبنودى وضع «الخال» الآن فى ذاكرة المصريين والتاريخ، وخرجت على لسانها فى الحال أمام مقبرته بمنطقة التعاون، التى تبعد أمتارا قليلة عن منزله بمحافظة الإسماعيلية، وهى تحمل باقات الورود، كما تعودت على زيارة رفيقها وحبيب عمرها أسبوعيًّا.
قالت أرمِلة الشاعر الكبير، فى حوارها لـ«المصرى اليوم»، قبل ساعات من ذكرى ميلاده وأيام من الذكرى الأولى لوفاة فارس وشاعر العامية فى مصر والوطن العربى: «إن الأبنودى يعيش معى فى كل لحظة، وفى كل وقت، وما زال يعيش ويحيا بداخلى وداخل مصر كلها.. يعيش الخال فى ذاكرة الوطن بأشعاره وأغانيه، ودواوينه».
وأكدت أنه خالد كخلود نهر النيل والأهرامات، مشيرة إلى أنه كان عاشقا لتراب هذا البلد، وعندما كان يكتب قصيدة أو ديوان شعر كان يكتبه لمصر، وحتى لو كان المنتج عاطفيا، لأن الأبنودى ظل يعشق هذا الوطن حتى آخر لحظات حياته، وكان يردد دائما أن الشعب المصرى لا يقدر عليه أحد.
وقالت الإعلامية الكبيرة إن ذكرى وفاته تتزامن مع ميلاده، وفى العام الماضى كان الأبنودى قد احتفل بعيد مولده فى 11 إبريل، وكان يشعر بأنه عيد ميلاده الأخير، ثم وافته المنية بعد ذلك بـ10 أيام، وفى حوارنا معها فتحت نهال قلبها وداخل «الكتبخانة»- صومعة «الخال»- وفيها كان يكتب أشعاره وكتاباته، وإلى نص الحوار:
■ لماذا لم ترَ «الأعمال الكاملة» للخال النور حتى الآن؟
- سألت الدكتور هيثم الحاج رئيس الهيئة العامة للكتاب عن تأخر نشر الأعمال الكاملة لزوجى الراحل، فأجاب بأن الدكتور أحمد مجاهد، رئيس الهيئة السابق، أعطى الأصول إلى الدكتور جابر عصفور لكتابة مقدمة لها ثم نشرها، وعندما سئل عصفور عنها أجاب ببساطة: «ضاعت»، وهو ما تسبب فى تأخير نشرها، إلا أن الحاج وعدنى بإعادة النشر فى ذكرى وفاة الأبنودى، مثل جوابات حراجى، والأحزان العادية، المربعات، الميدان، ووجوه على الشط.
■ بعد رحيله.. فيما تفكر أسرة الخال لتخليد ذكراه؟
- عقب وفاته سافرت إلى إسبانيا لحضور حفل تكريمه، وكان الأبنودى حريصا على اصطحابى وبناته فى كل سفرياته الخارجية، وتمت ترجمة أعماله باللغة الإسبانية، مثل «الخواجة لامبو مات»، ويامنة، والأحزان العادية، فضلا عن قراءة أشعاره خلال الحفل باللغة الإسبانية، وصولا إلى الاحتفاظ بأعمال الخال بالمكتبة الوطنية بإسبانيا، ولأول مرة بدأ رحلتى فى الكتابة بعد الوفاة، فلم أكن أستطيع أن أفعل ذلك فى ظل وجوده، ولكن بعد عدد كبير من طلبات محبى الأبنودى، وجدت أنه من واجبى تجاه الأجيال الجديدة أن أروى تفاصيل ما شاهدته على مدار عمرى مع الخال ليعرفه الجميع، فبدأت فى كتابة «حكايات نهال عن الخال» ونشرها بإحدى المجلات الأسبوعية عن حياة الأبنودى وما لم ينشر من مواقفه السياسية وحياته العامة.
■ كيف كان هذا العام بدون الأبنودى؟
- صدقنى.. هو لم يرحل وموجود معى فى كل الأوقات، فمعظم أوقاتى أقضيها مع أشعاره وأغانيه وأصدقائه ومحبيه، فهو لم يتركنى، وأعيش معه وليس بدونه، كما يعتقد الناس، فهو لم يفارقنى أبدا.
■ قبل أى شىء.. من هو الأبنودى؟
- اسمه نسبة إلى قرية أبنود، فهى مَن صنعته، وكان دائما يردد أنه مدين إلى قريته، وهذا نوع من الاعتراف بالجميل والعرفان بأن هذه القرية كانت سببا مهما فى اكتساب خبرته منذ الصغر، حيث كان يرعى الأغنام، ويخرج مع الحصادين، وكان يخرج مع والدته الحاجة فاطمة قنديل ليسمع أغانى الفلاحين، ولذلك كانت أبنود متأصلة بداخله أينما رحل وأينما ذهب حتى عند قدومه لمحافظة الإسماعيلية، وكان يتمنى نقل قرية أبنود لها.
■ كان الأبنودى يتمنى افتتاح متحف «السيرة الهلالية» قبل وفاته.. فما فكرة إنشاء المتحف.. وما أهميته بالنسبة للخال؟
- على مدار 30 عاما كان الأبنودى يقصد الشعراء الشعبيين فى جميع أنحاء وربوع وقرى مصر ليجمع السيرة الهلالية بمجهوده الشخصى، وذلك من خلال مسجل أهداه له الراحل عبدالحليم حافظ، وكان الخال يعتبر السيرة الهلالية «إلياذة العرب» ورمزا للتراث العربى، وشعر بأنه من الضرورى وجود مركز فى أبنود لمن يريد دراسة التراث الشعبى والذى، من خلاله جمع كل مجلدات السيرة الهلالية ليكون متحفا للسيرة الهلالية، وذلك تكريما لقرية أبنود، لأنه كما ذكرت كان الأبنودى يرى أن لقريته فضلا كبيرا لما وصل له، ولذلك اختار القرية لتكون مقرا للمتحف ومكتبة للأطفال وغرفة للباحثين لدارسى التراث الشعبى، وهذا نوع من الوفاء والعرفان لقريته.
■ فى رأيك ما سر اختلاف وتميز «الشاعر الصعيدى» عن بقية الشعراء؟
- منذ قدوم الأبنودى للقاهرة وكتابته للأغانى كتب مفردات الصعيد بنفس اللهجة، حيث كان يرى أنها الأقرب للعربية الفصحى وأنها للقبائل العربية التى هاجرت واستقرت فى صعيد مصر، وحينما كان يسافر للدول العربية كانت لهجته واضحة ومفهومة للجميع، لأنه كان يستخدم المفردات التى كان يستخدمها الإنسان المصرى البسيط والتى يستطيع فهمها كل مواطنى الدول العربية، وسر اختلافه عن بقية الشعراء أنه صادق ومخلص ويعشق مصر لدرجة أنه كان يقول دائما إن مصر تسبح فى دمه وهى معشوقته الأولى فكانت متأصلة فى كل ما يكتبه حتى وإن كانت أغانى وأشعارا عاطفية، فتراب مصر هو عبدالرحمن الأبنودى.
■ وكيف كانت طقوسه فى الكتابة؟
- عندما كان يقبل على كتابة عمل كان يحب الهدوء فكانت الأصوات حتى الخافتة تزعجه لأنه كان ينفر من الأصوات التى قد تخرجه عن تركيزه أثناء الكتابة، فكان يشعر بالتوتر ولكنه فى بقية الأحيان البعيدة عند كتاباته يكون شخصا عاديا يستمع لأى شىء دون أن يكون منزعجا، ويضحك مع الجميع، وحينما كان يستيقظ من نومه لا يتحدث مع أحد كان يشرب فنجان القهوة خاصته ويقرأ الأخبار اليومية وكان يكتب أشعاره أو أغانيه فى أى مكان، فيمكنه الكتابة فى الشرفة أو حتى على سلالم المنزل فليس له مكان محدد، وكنا نشعر بعدم بوجوده، وخلال انتهائه من كتابة أشعاره أو أغانيه كان يعود الإنسان الطبيعى الذى يعشق الضحك والهزار.
وكنت دائما أول من أقرأ كتاباته وكان يقول دائما إننى على قائمة القراء وحينما يكتب المقالات كان بعض الأحيان يرفض أن أراها بمداعبة منه ويقول «كنتى تعملى لدى الحكومة ولن يعجبك ما أكتبه حتى لا تكونى رقيبا على مقالاتى».
■ بصراحة.. من أكثر امرأة أحبها؟
- والدته الحاجة «فاطمة قنديل» فلا يمكن لأحد أن يكون منافسا لها فى قلبه وأيضا جدته لأنهما صنعتا الأبنودى على الرغم من أميتهما كما كان للعمة «يامنة» دور هام فى حياته، وكتب الأبنودى لها قصيدة، أما أنا كزوجة فكنت محظوظة لأننى عشت مع هذه الشخصية الجميلة والعظيمة وكان الكثير من الناس يرون أن موضوع زواجنا لن يكتمل لأننى كنت من محافظة الإسكندرية وهو من الصعيد، فالبعض تخيل أنها قد تكون نزوة وحينما مرت وتزوجنا وأنجبنا «آية ونور» واستمر الأبنودى فى كتابة أشعاره كانت لهذا عقيدة ثابتة وهى أن حياتنا مستقرة وجميلة بعيدة عن الشوائب التى كان يعتقدها الناس ورأى الجميع أن التجربة كانت ناجحة، وكانت بدايتها عن طريق الحاجة فاطمة لأن الأبنودى كان يرانى ابنته، ولكنها حينما رأتنى قالت له تزوج منها وكان رده عليها بأننى ابنته لأنه كان أستاذى وما كان هناك فكرة للارتباط فوجهته للارتباط بى وكانت تقول له «خدها يا ولدى» وكان الأبنودى يتحدث لى خلال الهاتف وكنت أسأله عن والدته لأننى كنت غير متوقعة أن يتم هذا الارتباط وأخبرنى حينها أن والدته تريد أن يرتبط بى وأنا حينها أجبته «ليه لأ؟».
■ ومرّ القرار بسهولة؟
- واجهنا العديد من الصعوبات وكانت كحرب لأن العائلة كانت غير متقبلة للموضوع فالجميع كان يرفض هذا الارتباط، وكان أبسط الأشياء فى تفاصيل الزواج هو اختلاف مواعيد النوم، فقد كان الأبنودى يستقبل ضيوفه بأى وقت وكان المنزل عبارة عن دوار العمدة وأنا كانت لى حياتى المختلفة المنظمة بمواعيد حتى فى أوقات الخروج والعمل والأكل، وكانت المفاجأة فى حياتى الجديدة معه التى كانت مليئة بالمفاجآت قدوم الضيوف إلى المنزل بأى وقت، ولكن هناك جانبا مضيئا فى شخصيته متمثلا فى أنه كان يساعدنى فى المطبخ لأنه كان على دراية كبيرة بالأعمال المنزلية واكتسب كل ذلك من والدته حتى تفاصيل المنزل كان يعتنى بها وكان يرتب المكتبة بشكل خاص وأيضا الصور كان يضعها على الحائط بطريقة معينة فكان المنزل مملكة الأبنودى.
■ ما أبرز عاداته؟
- قراءة الجرائد كل يوم وفنجان القهوة من البن المحوج وكان نوعا معينا يرسله له صديقه من الكويت، وكان يعشق الطبيعة، أشجار المانجو، فكان بشكل يومى ينزل للحديقة ليرى أشجار المانجو ويعالج الأشجار التالفة منها ويضع الأسمدة وكان يعرف أى شجرة سوف تثمر ثم يتحدث للشجر بشكل دائم فكانت حياته متمثلة فى الزراعة لأنه لم ينس يوما قريته ونشأته منذ الصغر بين الحقول.
■ هل هناك ما يستحق أن يروى عن الأبنودى الأب؟
- تجربة الأبوة للخال الأبنودى كانت الأغرب من نوعها لأنه أنجب البنات فى عمر الـ 50، وكان بين «آية» و« نور» 7 أعوام، وكان دائما يقول لن أعيش لبناتى طويلا، فكان لديه هاجس الموت وخاصة أنه كان يدخن كثيرا وكان إحساسه الدائم أنه سيفارق الحياة ولكنه كان سعيداً أن «آية» تمت خطبتها وعندما رحل كانت «نور» فى السنة الدراسية الأخيرة فى الجامعة وسارت الحياة غير ما توقعها ولكن هذا كان توقعه لما كان يعانى من المرض، لأنه ظل يعانى المرض إلى ما يقرب من 17 عاما، وكان الأبنودى لديه طاقة غريبة للتعامل مع المشاكل فكان دائما متفائلا، فكنت نادرا ما أراه حزينا، وكانت المرة الوحيدة التى بكى فيها الأبنودى عندما توفيت والدته الحاجة فاطمة قنديل، وبخلاف ذلك كان يستطيع التغلب على نفسه، وحتى فى فترة حكم الإخوان لمصر أصابته بحالة من الحزن الشديد على مصر، وكان حزنه بدون يأس وحتى الفترة الأخيرة فى حياته والتى اشتد فيها مرضه كان متمسكا بالحياة وبالقلم ليكتب حتى وهو على فراش المرض بالمستشفى فكانت لديه طاقة حب وعطاء غير محدودة وكان لا يعرف معنى للهزيمة مثلما كتب أغنية «عدى النهار» فبالرغم من الهزيمة إلا أنه كان متفائلا جدا وقال أبدا بلدنا للنهار وهو الوحيد الذى كان لديه أمل فى الوقت الذى كان فيه الشعب المصرى يائسا.
■ الأبنودى ونهال.. كيف أثر كل منهما فى الآخر؟
- تغيرت حياتى بالكامل بعد زواجى من الأبنودى فكنت أتعجب من حالى، حيث كنت إنسانة تبدلت أحوالها بعد الزواج لأن الأبنودى كانت له طريقة خاصة فى السيطرة على أى شخص يجلس معه، فكنت أنا المحظوطة بالتواجد معه فى عش الزوجية، فتقريبا عشت معه ما يقرب من 28 عاما، تأقلمت على كل شىء، فقد أعاد صياغة شخصيتى ونظرتى للعالم، وأعاد الفهم والصورة عن الشعب المصرى وأنه شعب سلبى فأكد أن الشعب المصرى هو حضارة 7000 عام ولذلك غير إحساسى بالحياة، وكنت أتعلم منه يوميا ولذلك كنت أشعر أننى وُلدت من جديد وكان يقول دائما إننى أثرت فى حياته أنه ولد من جديد حينما بدأ حياته معى حتى صديقه الكاتب منير عامر قال إنه كان يعرف الأبنودى منذ سنوات طويلة وإنه حينما تزوج من نهال اختلفت حياته تماما وكأنه شخص جديد بميلاد جديد، وعندما كنت أؤدى عملى وأنجح به كان يشجعنى وكان حنونا جدا بطبعه، فكنت أخبره أنه يحب الشعب المصرى بأكمله فقد كان ودودا ومحبا للجميع وكنت أرى أننا جزء من هذا الحب الكبير الذى فى قلبه، فكان يرى أن جميع الصغار أبناؤه وكانت النصائح دائما من قلبه.
■ وماذا عن وصيته لبناته؟
- كان أبا ديمقراطيا جدا بخلاف الطبيعية الصعيدية وترك لهم حرية اختيار حياتهم ومجال دراستهم بل كان فقط الاختلاف فى الأفكار ورؤيتهما لحياتهما الشخصية والفكرية فكان يحدث اختلاف فى الآراء ولكنه كان دائما إيجابيا ويقول لكل منا رأيه يحتفظ به دون أن يفرض رأيه، وكان فخورا بهما، ولم يكن يوما يفكر فى إنجاب ولد كعادات الصعيد فكان دائما يقول أنا أعشق البنات وهن الأقرب لقلبى، وحتى عندما أخبرته العمة «يامنة» عن إنجاب الولد، كان رده أنه لا يريد إنجابه فهو يكتفى ببناته.
■ كيف كان يتعامل مع مرضه وإلى أى حد تغيرت حياته بعد ذلك؟
- الأبنودى شخصية لا تعرف اليأس أبدا وكان يتصرف بحذر فقط وكانت له مقولة مشهورة «أنا المريض عبدالرحمن الأبنودى أعطيه أدويته وحاجته حتى أكون بطبيعتى» ولذلك كان يفصل بين عبدالرحمن الشخص الطبيعى والشخص المريض ولذلك زامن المرض وتعايش معه حتى أصبح المرض صديقه على مدار 17 عاما فكانت بداية مرضه منذ عام 1998 وحتى وفاته وهو يعانى دون تذمر، بل كان كثير الحديث عن الموت وكان يذكر أن المرأة ترتدى الأبيض فقط يوم زفافها ولكن بعد ذلك تتلون باللون الأسود لكثرة من يموتون فى عائلتها، وخاصة أن عقيدتهم فى الصعيد أن الموت ملازم للحياة وكانت والدة الأبنودى قد أنجبت 12 أخا وأختا ولم يعش منهم سوى 6 فقط وكانت والدته تقف على باب المنزل وتقول «أين الموت الجبان؟ لم يأت»، كما بنى الأبنودى مقبرته حتى لا ينفر الناس منها وكان يصمم لها معظم الوقت وحتى يكون بها هواء نقى وأماكن يستظل بها الناس حيث زراعة الأشجار بجوار المقبرة فكان يرى الموت شيئا طبيعيا.
■ وكيف كانت رحلة مرضه الأخيرة؟
- قبل دخوله غرفة العمليات كان ينادى على «آية ونور» ويقول أريدهما بجوارى وكان يفقد تركيزه بأنه متواجد فى المستشفى وحتى اللحظة الأخيرة كان يفكر فى العودة للإسماعيلية وكان يتحدث لمحمود الذى كان يعتبره عمودا من أعمدة المنزل لتحضير الطعام وخاصة الأطعمة التى تحبها البنات وكأنه يستعد للذهاب لتناول الغداء، وكنت أستبعد دائما فكرة موته وخاصة حينما طلب الدكتور الإمضاء على إقرار عملية بالمخ حينها شعرت بالخوف وكان بداخلى إحساس بأننى من الممكن أن أفقده وكان قلبى حينها مقبوضا وكان اسمى واسم محمود هو آخر ما نطق به الأبنودى، وكانت وصيته مكتوبة عن العزاء وأن يأتى الناس لتعزيتى بالمكتبة ومن سيكون فى الديوان خلال العزاء ولكن لم ينفذ كل هذا لأن الأعداد التى أتت لتقديم العزاء كانت كبيرة جدا وحينها تقدم الرئيس عبدالفتاح السيسى بالعزاء مباشرة عقب الوفاة خلال الهاتف وقال إن القوات المسلحة هى من ستتولى إقامة العزاء وهذا وفر علينا الكثير لأن إقامته بالمكان هنا كان ستحدث فوضى لضيق الحيز المتواجد به المنزل ولذلك لم نستطع إقامة العزاء كما جاء فى الوصية ولكن عملية الغسل تمت بالإسماعيلية بالفعل كما طلب وأراد لأنه كان يريد أن يودعه البسطاء من الناس ومن أصدقائه وكانت وصيته أيضا أن يكون منزله مفتوحا للإعلام.
■ ولماذ اختار الغسل والدفن بالإسماعيلية؟
- لأنه مر بتجربة دفن أصدقائه فى الصعيد «أمل دنقل ويحيى الطاهر» فكان يرى أنه من الصعب أن يتم ذلك وسيكون مشقة كبيرة على الناس وكان يقول أريد أن أكون قريبا منكم فمدفنه هنا على بعد أمتار من المنزل وزيارتنا له سهلة جدا ولذلك كان الأبنودى يحب المكان ولذلك كان شديد التعلق بالإسماعيلية.
■ وما هى تفاصيل المكالمة بينك وبين الرئيس السيسى؟
- لم تكن المكالمة الأولى للرئيس لأنه أجرى عدة مكالمات قبل وفاة الأبنودى للاطمئنان على صحته ولكن عقب الوفاة مباشرةُ أبلغنى مدير المستشفى بأن السيسى يريد أن يعزينى وكان الأبنودى يوصينى باستقبال كل مكالمات العزاء لدرجة أننى مازلت حتى اليوم أتعجب كيف كنت قوية لفعل هذا عقب وفاته ومن أين كانت قوتى وصلابتى حينها ولكنها كانت أمانة أنفذها، وخلال المكالمة أبلغنى الرئيس السيسى أنه يعزى مصر بأكلمها لفقدان شخص كان ذات قيمة وقامة وقال لى: «الأبنودى ابن مصر ووفاته وجعت قلب مصر كلها»، وكنت أشكره على الاهتمام بعلاج الأبنودى، فقال الأبنودى ابن مصر وهذا كان أقل ما يقدم له ومصر هى من عالجته ثم قال إن القوات المسلحة هى من ستقيم العزاء، وبصراحة كانت زيارة الرئيس السابق المستشار عدلى منصور لتقديم العزاء مفاجأة كبرى لنا فقد كان الأبنودى محبا لمنصور وكان دائما يقول إنه تولى إدارة البلاد فى ظروف عصيبة جدا ولكنه لديه حنكة لقيادة مصر لبر الأمان ولذلك شرفت بتواجد شخصية عظيمة مثله فى العزاء.
■ بالمناسبة، هناك أشعار لم يتم نشرها بعد للخال، هل سيتم دمجها فى ديوان واحد؟
- كل فترة أنشر شيئا جديدا من إنتاجه، حتى يرى الناس أشعاره الجديدة، وحينما أنتهى من نشر كل جديد مما كتبه حينها قد أفكر فى تجميع هذه الأشعار فى ديوان واحد وهى التى لم تنشر فى حياته وسيكون هناك موقع لنشر كل ما يتعلق بالأبنودى أشعاره وأغانيه وحياته وصور نادرة من حياته وستكون بمثابة شىء للأجبال القادمة وكان هناك أعمال لم تصدر له بعد، كان يحضر لها قبل وفاته ولكنها سوف تصدر قريبا عن الهيئة العامة للكتاب. وسيكون هناك احتفالية فى الأيام المقبلة معدة من قبل وزارة الثقافة.
■ هل كرمته الدولة بالشكل الذى يليق بتاريخه ومجده؟
- سأحكم على هذا من خلال احتفالية ذكرى وفاته، وفى ظل ما سيتم تنفيذه من وعود وزارة الثقافة ومحافظة الإسماعيلية وهيئة قناة السويس، خصوصا وأنه تقرر فى 21 إبريل تنظيم احتفالية كبرى بمحافظة الإسماعيلية يتم خلالها حسب معلوماتى إزاحة الستار عن ميدان كبير بالمحافظة يحمل اسم الخال بحضور وزير الثقافة والفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس ومحافظ الإسماعيلية اللواء ياسين طاهر، فضلا عن أن وزارة الثقافة تعتزم طباعة عدد من الإصدارات التى تضم أعمال الخال وعرضها فى معارض الكتاب المقبلة.
■ أخيرا.. ما هى رسالتك للشاعر العظيم؟
- كان هناك بيت شعر يقوله فى مسلسل عبدالله النديم «هتتونسى بحس مين يا مصر فى غيابى»، وأنا أريد أن أقول له «مصر لم تؤنس بأحد فى غيابك» وأنت دائما موجود بأشعارك وبروحك ولا أحد يستطيع أن ينساك لأن الشعراء الحقيقيين خالدون.