x

رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر: نتائج المؤتمر الاقتصادي «صفر» (حوار)

السبت 09-04-2016 22:26 | كتب: محمد عباس |
هانى توفيق، رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر هانى توفيق، رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر تصوير : اخبار

قدر المهندس هانى توفيق، الخبير الاقتصادى، رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر، حجم الاستثمارات المباشرة في مصر بنحو 6 مليارات دولار في «2015-2016».

وقال «توفيق»، في حوار لـ«المصرى اليوم»، إن هذه الاستثمارات «ضحية المناخ الاستثمارى في مصر»، نظرًا لما واجهته من معوقات، وتحديات بيروقراطية، وضعتها في موقف حرج، خلال عمليات الترويج للاستثمارات المختلفة.

وأشاد بقرار خفض الجنيه مقابل الدولار بسوق الصرف مؤخراً، ووصفه بأنه قرار سليم، وتابع أن نتائج المؤتمر الاقتصادى السابق كانت «صفر»، وتعتبر مخيبة للآمال إلى حد كبير.. وإلى نص الحوار:

■ صوت المستوردين مرتفع هذه الأيام بسبب نقص النقد الأجنبي، هل تعتقد أن قرار البنك المركزي الأخير بتخفيض سعر صرف الجنيه أمام الدولار حل المشكلة؟

- هناك تعارض مصالح واضح بين المستوردين وسعر الدولار في مصر، فكلما زاد سعر الدولار أو انخفض قيمة الجنيه تضرر المستوردون بسبب ارتفاع قيمة بضائعهم المستوردة، الأمر نفسه يسير بالعكس بالنسبة للمصدرين، ولا يمكن الالتفات إلى ارتفاع صوت المستوردين، بسبب نقص الموارد الدولارية، ولا يهم صوت المستوردين، لكن المهم الوصول إلى سعر توازني للجنيه مع عملات الدول الأخرى، قائلًا: «طرحت حلا لربط الجنيه بسلة عملات مختلفة، بحيث تكون نسبة العملة داخل السلة حسب نسبة الشراكة الدولة، بمعنى أن لو علاقتي بأوروبا 30% كشريك تجاري يبقى اليورو يشكل 30% من نسبة السلة، وهكذا بالنسبة لباقي العملات داخل السلة».

■ لماذا التحمس لتعويم الجنيه رغم مخاطره؟

- أرفض تعويم الجنيه، وطالبت بتخفيض الجنيه لأسباب عديدة، منها المحافظة على القيمة التنافسية مع الشركاء التجاريين، فمثلا الصين حاربت العالم كله لتخفيض عملتها المحلية، فتحولت من دولة تشتهر بتجارة الأفيون، إلى ثانى أكبر اقتصاد في العالم، نتيجة أنها خفضت عملتها، وبالتالى أصبحت بضائعها رخيصة.

■ ماذا عن رؤيتك للعرض والطلب على النقد الأجنبى.. وكيف يمكن السيطرة على السوق الموازية السوداء؟

- الدولار والجنيه «زى اتنين بيحبوا بعض هيتقابلوا هيتقابلوا سواء شاء المسؤولون أو رفضوا»، وبالتالى لا يمكن السيطرة على سعر الدولار بإجراءات بوليسية أو أمنية مثلما يحدث الآن، لكن السيطرة تكون بترشيد الطلب على الدولار.

■ هل ترى أن غلق شركات الصرافة هو الحل للسيطرة على السوق الموازية «السوداء»؟

- غلق شركات الصرافة لا يكون حلًا على المدى الطويل، ولابد من البحث عن حلول سريعة مثل الـ«hot many»، لكن في الوقت نفسه لابد من خطة لتشغيل هذه الأموال، بعيدًا عن الأكل والشرب والدعم والاستيراد باستثناء مستلزمات الإنتاج، حتى تتمكن الحكومة من سداد الأموال وفوائدها لمستحقيها.

■ توقعت أن يصل سعر صرف الدولار في السوق السوداء لـ12 جنيهًا خلال الأيام المقبلة؟

- نعم هذا ليس توقعي وحدي، فإنه طبقًا لتقرير لــ«جي بي مورجان»، أكبر بنك استثمار في العالم، قال إن سعر الجنيه المصري لابد من تخفيضه بنسبة 35%، تم منهم 14% ويتبقى 21%، وتم حساب ذلك من خلال معادلات رياضية دقيقة، بما يقدر قيمة صرف الدولار في السوق السوداء بـ12 جنيه، لكن قرار الخفض هو في النهاية قرار «سيادي سياسي»، ولا يجوز أن يخضع للحسابات والتقارير.

■ ما ضمان ألا تتكرر مشكلة أزمة الدولار الفترة المقبلة؟

- لابد من تقليل الطلب وزيادة العرض، ويتم تقليل الطلب من خلال ترشيد استيراد السلع الاستهلاكية، ويمكن زيادة العرض من خلال «آلية التحوط»، في الوقت نفسه علينا استغلال مشروعات محور قناة السويس بشكل أمثل.

■ في رأيك: من أين دبر المركزي 2.4 مليار دولار عطاءات استثنائية في 10 أيام؟

- يعتقد كثيرون أن عطاءات البنك المركزي هي إعطاء فلوس للبنوك، وهذا خطأ، فكل العطاءات الأخيرة عبارة عن حسابات بنوك مكشوفة، لتغطية سلع وصلت بالفعل في الموانئ، وهذه العطاءات مصدرها الودائع الأجنبية للبنوك نفسها، فكل بنك محلي أخذ تقريبا بقدر ما أعطى للبنك المركزي كوديعة.

■ كرئيس للجمعية المصرية للاستثمار المباشر، هل ترى أن المناخ الاقتصادى الحالى في مصر يشجع على جذب الاستثمارات الأجنبية؟

- مصر تمتلك أشياء كثيرة تشجع على الاستثمار الأجنبى، فمثلا تعدادها السكانى تجاوز الـ90 مليون نسمة يأكلون ويشربون ويتعلمون ويتعالجون ويسافرون للسياحة الداخلية ويستهلكون سلعا وخدمات تنتج محليا، وبالتالى هناك سوق كبيرة وضخمة تشجع المستثمرين الأجانب على الاستثمار في السوق المصرية، لكن هذا غير كاف.

ولابد من توافر مقومات الأمان، إلى جانب استقرار السياسات المالية والنقدية، والقضاء على الفساد بقدر الإمكان، وأن يتم إنشاء جهازين جديدين، أحدهما لمكافحة الفساد، والثانى للاستثمار، ويكونان تابعين لرئاسة الجمهورية مباشرة.

■ عودة وزارة قطاع الأعمال العام بعد غياب أكثر من 12 عامًا في التعديل الوزارى الأخير.. كيف ترى ذلك؟

- وزارة قطاع الأعمال تحتاج 3 وزراء، وكعضو في لجنة إدارة أصول الدولة، التي شكلها أشرف سالمان، وزير الاستثمار السابق، وهى معنية بقطاع الأعمال العام، هناك شركات قابلة للخصخصة، وهى تحتاج خصخصة إداراتها، وزيادة رؤوس أموالها. وشركات تحتاج لإعادة هيكلة، وهى عليها مديونية، ويجب النظر في تحويل مديونياتها لرأسمال.

■ هناك مستثمرون عرب انتقدوا مناخ الاستثمار في مصر.. هل ترى أن لديهم حقا أم تحركهم مصالح شخصية؟

- طبعا عندهم حق، فمصر تحتل الربع الأخير في تقرير التنافسية الدولي، الذي يبين مدى سهولة الأعمال في مصر بالمقارنة بدول أخرى، وأكرر الحل بتبعية أجهزة مكافحة الفساد والبيرواقرطية لرئاسة الجمهورية، لأن إحنا محتاجين ثورة ضد البيروقراطية والفساد، فمثلا نظام «الشباك الواحد» يسحب صلاحيات من المحليات والوزارت والأجهزة المختصة، خاصة منح الأراضي وتراخيص البناء والتشغيل وما إلى ذلك، وبالتالي هناك مقاومة للنظام الجديد، وحلها بتبعية «الشباك الواحد» لرئاسة الجمهورية، والتعامل يكون إلكترونيًا فقط، ودون تدخل العنصر البشري، لأنه وراء كل مفسدة، والمثل يقول: «عض قلبي ولا تعض رغيفي».

■ ما أبرز معوقات الاستثمار برأيك؟

- مصر دولة تستهلك أكثر مما تنتج، وتستورد أكثر مما تصدر، ما أدى لضعف معدل الادخار، وبالتالي انخفاض الاستثمار، إلى جانب ضعف حوافز الاستثمار في مصر بالمقارنة بالصين والجزائر، فمثلا شركة «مرسيدس» انسحبت من مصر، وذهبت إلى الجزائر، بسبب الحوافز الاستثمارية.

■ هل واجهت الاستثمارات المباشرة مشكلات في مصر؟

- نعم، فعدم استقرار السياسات المالية والنقدية، ووجود سعرين لسعر صرف العملة، إلى جانب المناخ الطارد للاستثمار، منها الفساد والبيروقراطية، كلها مشكلات واجهت الاستثمارات المباشرة.

■ ما حجم هذه الاستثمارات؟

- 6 مليارات دولار حجم الاستثمارات المباشرة في مصر في «2015-2016»، ولعل انخفاض أسعار البترول أثر على الاستثمارت العربية في مصر، التي وصلت في عام 2009 لـ18 مليار دولار في عهد محمود محيي الدين، وزير الاستثمار الأسبق.

■ كيف ترى دور جمعيات الأعمال في تنمية الاستثمارات؟

- لا دور لجمعيات الأعمال في الجذب المباشر للاستثمارات لمصر، لكن يقتصر دورها على تهيئة البنية الأساسية والبيئة التشريعية لجذب المستثمرين في المجالات المختلفة.

■ هل ترى أن رجال الأعمال والمستثمرين في حاجة إلى تشكيل حزب سياسي يدافع عن مصالحهم؟

- ده سؤال «خبيث»، لأن افترضنا إن رجال الأعمال مصلحتهم غير مصلحة البلد، لكن مصلحة رجال الأعمال هي مصلحة الدولة، في الوقت نفسه لا مانع إن رجال الأعمال يعملون في العمل السياسي بدرجة لا تتعارض مع العملين مع بعض.

■ هل ترى أن رجال الأعمال المصريين خذلوا الرئيس؟

- والله مش عارف مين فيهم خذل التاني، فمثلا الرئيس عبدالفتاح السيسي طالب من رجال الأعمال مساندته في مبادرة صندوق «تحيا مصر»، لكن رجال الأعمال فاجأوا السيسي بطرح مشاكلهم خلال اجتماعهم معه، مما خيب آمال السيسي وقتها، والدليل أنه توجه إلى القوات المسلحة لتنفيذ المشروعات القومية الجديدة، ما يدل على أن هناك حالة نلاحظها جميعا من «عدم الارتياح» بين الرئيس السيسي ورجال الأعمال المصريين.

■ طالب بعض المستثمرين بتطبيق الضريبة التصاعدية.. ما رأيك؟

- مبدأ الضريبة التصاعدية متعارف عليه ومحمود، إنما لا يتواءم مع تجربتنا الشخصية في مصر، فهي تطبق عندما تكون هناك رقابة على المجتمع الضريبي، فمثلا نلاحظ أن حصيلة الضرائب في العالم تصل لـ30% من الناتج القومي الإجمالي، لكن في مصر لا تصل إلى 10%، وبالتالي عندنا عجز 600 مليار سنويا في التحصيل الضريبي، مما دعاني للقول أكثر من مرة أن منظومة الضرائب في مصر «فاشلة».

■ ما تقييمك لزيارات السيسي الخارجية وآثارها اقتصاديا؟

- الشق السياسي في زيارات السيسي الخارجية مهم جدا، لأنه أظهر مصر كدولة معتدلة، وأظهر قبولا لرئيسها في الدول الأخرى، أما بالنسبة للشق الاقتصادي لم يظهر حتى الآن.

■ المشروعات القومية الجديدة.. كيف تراها؟

- هناك انفراد من الرئيس عبدالفتاح السيسي في سلطة تحديد أولويات الإنفاق الحكومي في ضوء موارد الدولة الضعيفة، فمثلا مشروع قناة السويس الجديدة كان «غلطة»، واتعمل بسرعة، لأنه مكلف، لا سيما في ضوء التباطؤ العالمي المتوقع، الذي يتعارض اقتصاديا مع الإسراع بالتنفيذ، وبالنسبة لمشروع العاصمة الإدارية الجديدة أرى أنه «رفاهية زائدة، ومش وقته»، ولا أولوية له الآن، فالبلاد كلها تلجأ لإنشاء عواصم جديدة في حالة رخاء وانتعاش، أما في حالتنا كان يفضل استغلال هذه الأموال في تشغيل المصانع المغلقة، وتشغيل الشباب العاطل، وتوفير فرص عمل وإنتاج في توقيت يعاني فيه البلد نقص السيولة.

■ هل ترى أن الحكومة ترتاح إلى الاقتراض الخارجي؟

- الاقتراض الخارجي مازال في الحدود الآمنة بالنسبة لموارد الدولة الدولارية والناتج القومي الإجمالي، وأرحب بالاقتراض طالما يسعى إلى الإنتاج والتشغيل والتصدير، أما إن كان بهدف الأكل والدعم فهو «مرفوض».

■ الدين الداخلي يزيد باستمرار، هل لديك مخاوف؟

- الحقيقة إحنا عايشين على حساب ولادنا، لأن علينا أكتر من 2.5 تريليون جنيه دين داخلي وخارجي، أكيد فيه مخاوف دائمة.

■ ما رأيك في رفض مجلس النواب لقانون الخدمة المدنية؟

- قانون الخدمة المدنية يخدم المجتمع المصري، ورفضه أعتبره أول مساوئ الديمقراطية في مصر، فأنا غير مؤمن بالديمقراطية، فطالما هناك أمية وفقر تأكد أن الصوت الديمقراطي «غير صحي»، والصين نموذجا، بدون ديمقراطية، ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

■ ما المانع من تملك رجل أعمال لبنك؟

- كنت أفضل أن يكون هناك متقدم لشراء «سي آي كابيتيال» من المؤسسات الدولية، بالإضافة إلى رجال أعمال، في الوقت نفسه لو تساوى العرضان في السعر، سوف أختار المؤسسات الدولية، لأن فيها قيمة مضافة، وكنت أتمنى دخول البنك الأهلي في المنافسة دون توجيه من طارق عامر، محافظ البنك المركزي، كما يقال.

■ كيف تقيم أداء الحكومة الحالية؟

- الحكومة المصرية تبذل مجهودا كبيرا في الاتجاه الخاطئ، وتشير لذلك بيانات الإنتاج والتشغيل والتصدير وأزمة الدولار، الحكومة تعمل كثيرا لكن النتائج «غير مقبولة»، بالمقارنة بحجم العمل، وذلك على الأرجح بسبب البيروقراطية وتفشي الفساد المقاوم للإصلاح، فمثلا وزيرا الاستثمار والتخطيط اللذان عاشرتهما عن قرب يشتغلان 18 ساعة في اليوم.

■ البعض يقول إن أداء صناعة صناديق الاستثمار ضعيف.

- طبعا، فصناديق الاستثمار ضحية المناخ التي تعمل فيه، فهى تنمو مع البورصة وتنخفض معها أيضاً، وبالتالى هي متأثرة بأداء السوق والبورصة.

■ ما رؤيتك لزيادة حجم صناديق الاستثمار في السوق المصرية؟

- «حسن السوق ولا حسن البضاعة».. فالبورصة المصرية تعمل بأدوات وآليات القرن التاسع عشر، وتعمل بشكل آني حتى الآن، على عكس كل بورصات العالم المتقدمة، لزيادة حجم صناديق الاستثمار لابد من نشاط السوق المصرية.

■ بيان شريف إسماعيل أمام البرلمان.. ما رأيك فيك؟

- العبرة ليست بالخطة العامة في برنامج الحكومة، لكن بالخطط الفرعية التي تؤدي إلى الرقم الإجمالي، وكان يجب أن يكون هناك داخل كل خطة فرعية برامج قصيرة الأجل، وأن يتم إنشاء 34 لجنة داخل الوزارات، لمتابعة صحة تنفيذ ما جاء بالبيان، لكن البيان كان «كلامًا على ورق».

■ مبادرة «صبح على مصر بجنيه».. كيف تراها؟

- في رمضان قبل الماضي قلت للرئيس عبدالفتاح السيسي الدول لا تنشط وتنمو بالتبرعات والأعمال الخيرية، وأتمنى أن السيسي يركز في إنشاء صناديق الاستثمار، فمثلا شهادات الاستثمار لقناة السويس حصيلتها وصلت لـ60 مليار جنيه على عكس المبادرات الأخرى، إلى جانب أن هناك إهدارًا للمال العام داخل مؤسسات الدولة، فمثلا مصر فيها أكبر عدد من السفارات في العالم، وعلينا استغلالها من خلال إرسال الشباب المدرب من خريجي الجامعات الأجنبية لجذب الاستثمارات من دول السفارات.

■ كيف نخرج من الأزمة الاقتصادية الراهنة؟

- هناك مؤامرة دولية لـ«تركيع مصر»، مثل تدويل قضية مقتل المواطن الإيطالى، وسقوط الطائرة الروسية، والتفجيرات المدبرة هنا وهناك، ورغم ذلك علينا أن نبدأ بتشجيع الاستثمار المباشر، والقضاء على الفساد وتهيئة المناخ المناسب للاستثمار، وتوفير برامج تتوافق مع «اقتصاد الحرب».

■ ما الوقت الذي تحتاجه البلاد للخروج من الأزمة؟

- لو قمنا بكل ما سبق، بعد 6 أشهر من الآن سيبدأ ظهور نتائج هذا الإصلاح الاقتصادى، على الرغم من أن نتائج المؤتمر الاقتصادى السابق كانت «صفر»، وتعتبر مخيبة للآمال إلى حد كبير.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية