تابعت مقال ياسر رزق، رئيس تحرير جريدة «الأخبار»، تحت عنوان «دعم المصدرين وبدائل أنفع لمجتمع منهك»، ثم رد وزير الصناعة والتجارة طارق قابيل على أهمية دعم الصادرات، وبعد ذلك تعقيب ياسر رزق، والسؤال هنا هو: «هل الأفضل لمصر أن تعطى دعما للمصدرين أم توجهه للفقراء؟».
من الواجب أن يبرر وزير الصناعة طلب الحكومة زيادة دعم الصادرات من 3 إلى 5 مليارات جنيه سنوياً، لكنى أرى أنه لابد أن يطلب ويصر على طلبه بزيادة الدعم للتصدير ليكون من 3 إلى 5 مليارات جنيه، بل إلى 30 مليار جنيه سنوياً، لماذا؟، لأن زيادة الصناعات التصديرية هى الحل الوحيد للخروج من أزمتنا الاقتصادية الحالية.
دعم الصادرات الصناعية هو ليس دعم المنتج المصدر، ولكن ممكن أن يأخذ صورا أخرى، مثل دعم الفائدة (كما فعلت مبادرة الرئيس بإعطاء فائدة بـ5%، علماً بأن البنك يدفع فائدة 12% للمودعين)، ودعم للمرافق ودعم للمعدات (المغرب أعطت رينو 10% منحة لا ترد من تكلفة المعدات، وحوافز أخرى حتى تفتح مصنع رينو بالمغرب)، ودعم للتسويق ودعم للشحن وغير ذلك. كل هذه الأنواع من الدعم تساعد التصدير الذى هو الشريان الذى سيساعد مصر على البقاء فى المنافسة الدولية.
دعم الصادرات يا سادة بأنواعه المختلفة يعطى بالجنيه، لكنه يجلب الدولار للدولة، فيحافظ على سعر الصرف للعملات الأجنبية، فيحافظ علينا من ارتفاع الأسعار والغلاء المستمر.
ولابد أن يطلب وزير الصناعة أيضاً زيادة ميزانية ترفيق المناطق الصناعية من 400 مليون جنيه سنوياً إلى 10 مليارات جنيه سنوياً، ولابد أن يطلب أسطولاً من الكفاءات للعمل معه، ويصر ويلح حتى تستجيب الدولة له.
نعم هذه هى الحقيقة، وهذا ما يجب أن يصر عليه وزير الصناعة بكل قوة، ودون صناعات تصديرية لن تتقدم مصر على الإطلاق.
وهل الصرف على ترفيق المناطق الصناعية وجذب الكفاءات للصناعة وتحسين بيئة الاستثمار بأقصى سرعة، وإعطاء حوافز كثيرة وكبيرة، أهم من الصرف على مترو الأنفاق والصرف الصحى والتعليم؟.. نعم، أهم حالياً مليون مرة.
نحن مقبلون على زيادة مستمرة فى سعر الصرف للدولار ما دمنا لا نفهم ذلك. بدأ مبارك عصره بدولار يساوى 80 قرشاً، وانتهى عصره بـ 5.7 جنيه لكل دولار، وحالياً وصلنا لـ10 جنيهات للدولار بالسوق السوداء، لماذا؟، لأننا نصدر بـ 22 مليار دولار ونستورد بـ 70 مليار دولار، بينما تصدر فيتنام الآن بـ150 مليار دولار، وتركيا بـ158 مليار دولار، وتايلاند بـ 228 مليار دولار، وماليزيا بـ 234 مليار دولار، وكلها دول بها عدد سكان أقل من مصر أو مثلها.
نحن أعطانا الله رئيساً عنده إرادة حقيقية لتحقيق النجاح وتطوير اقتصادنا. ولكن بدون التركيز التام على الصناعات التصديرية ودعمها، ووضع أهداف واضحة وصريحة يتم قياسها بصورة سنوية وشهرية وأسبوعية، فنحن لن نحقق ذلك النجاح على الإطلاق.
هل الفقراء أولى بالدعم من الأغنياء؟ طبعاً، الحقيقة أن دعم الصناعة والتصدير يؤدى إلى دعم للفقراء، لأنه يزيد حجم الأموال التى تدخل مصر ويخلق فرص عمل. طبعاً مهم إصلاح منظومة دعم الصادرات، كما قال ياسر رزق، فكل منظومة فى مصر بها خلل، نظرا للنقص الحاد للكفاءات.
فنحن مصرون على عدم جذب الكفاءات للجهاز الحكومى، بالرغم من أن تقرير ديلويت الذى صدر هذا الأسبوع وأعطى مصر المركز الـ37 من 40 دولة فى التنافسية فى الصناعات التحويلية (أى الصناعة)، قال إنه يوجد 12 عاملا تؤثر على قرار المستثمر لاختيار دولة عن الأخرى. وإن العامل الأول فى كل التقارير التى ظهرت منذ عام 2010 فى جذب الاستثمارات هو تواجد الكفاءات.. أشكر ياسر رزق على فتح الحديث فى هذا الموضوع المهم جدا.
والصرف على مترو الأنفاق والتعليم وغير ذلك مهم جدا، لكن حالياً الصناعات التصديرية يجب أن تكون فوق الجميع إذا أردنا النجاح، والكفاءات تستطيع حساب العائد على كل هذه الاستثمارات، لكن عدم وجود الكفاءات يجعلنا نعيش فى ظلام، بينما يتقدم الآخرون.