فى آخر أيام الرئيس عدلى منصور فى الحكم، كتبت فى هذا المكان أخاطبه وأقول إنه لا يجوز أن يكون رجل قانون فى وزنه على رأس الدولة، ثم لا يأخذ القانون مجراه، فى جامعة النيل.. أو فى غيرها طبعاً!
وتلقيت يومها اتصالاً من السفير إيهاب بدوى، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية فى حينها، وسفيرنا النشط هذه الأيام فى باريس، وفهمت منه أن الرئيس مهتم بالموضوع، وأنه لن يغادر قصر الرئاسة حتى تكون يد القانون هى العليا فى الجامعة المغتصبة فى ذلك الوقت، من جانب الدكتور أحمد زويل، حامل جائزة نوبل!
وإذا كنت قد أضفت إلى اسم الدكتور زويل أنه حاصل على «نوبل»، التى هى أعلى جوائز العالم، وإذا كنت قد وضعت علامة تعجب بعد الجملة، فإنى أقصدها تماماً، لأنى لا أتصور، حتى هذه اللحظة، أن يكون الإنسان حاملاً لهذه الجائزة الرفيعة، ثم يسمح لنفسه بأن يغتصب حقوق الآخرين.. لا أتصور حتى الآن.. فإذا كانت هذه الحقوق تتمثل فى مؤسسة تعليمية كاملة الأركان، صار فعل الاغتصاب مضاعفاً!
وكان أن أوفى الرئيس منصور بوعده، قبل أن يغادر القصر، وكان أن عادت الجامعة لطلابها، وأساتذتها إلا مبنى واحداً من مبانيها تعهد صاحب نوبل بأن يعيده فى سبتمبر 2015.. وقد جاء سبتمبر، ثم مضى سبتمبر، ثم صرنا بعد سبتمبر بالستة أشهر، أو أكثر، دون أن يكون هناك حس، ولا خبر، ودون أن يبدى صاحب نوبل مجرد النية فى إعادة الحق لأصحابه، ودون أن يدرك أن التصميم من جانبه على هذا المسلك يسىء إليه، ويسىء إلى الجائزة التى يحملها أبلغ إساءة!
إننى كما خاطبت الرئيس منصور، فى وقته، فإننى أخاطب الرئيس السيسى، الآن، لأنى أظن أنه لا يرضى بإهدار جنيه واحد من المال العام.. فما بالك يا سيادة الرئيس بـ600 مليون جنيه جرى إنفاقها من المال العام على هذه الجامعة، التى تمثل أول جامعة أهلية فى البلد، ثم انتهى الحال بهذا الرقم كله مالاً مهدراً، لا يستطيع أصحابه أن يستفيدوا منه، لأن صاحب نوبل يضع يده على المبنى التعليمى تحديداً من مبانى الجامعة ويغلقه بالضبة والمفتاح، وكأنه يقصد عن عمد تعطيل الجامعة عن أداء دورها فى مجتمعها، وقت استيلائه عليها، كلها، ثم بعد رحيله عنها، باستثناء المبنى الأهم الذى صار وكأنه مسمار جحا فى المكان!
الرئيس لن يرضى عن إهدار 600 مليون جنيه مالاً عاماً، على سبيل القطع، فضلاً عن أن يرضى عن إهدار جنيه واحد منها، فلاتزال الـ600 مليون ثروة معطلة، ولابد أن الرئاسة قادرة، بالتالى، على أن تطلب من صاحب نوبل، أحد مستشارى الرئيس، أن ينصرف بإحسان من المكان، وأن يترك الجامعة فى حالها وأن يرحل عن مبناها الذى لا تعليم فيها بدونه، وأن يتقى شر أولياء أمور الطلبة الذين التحقوا بها ولا يجدون مكاناً يتلقون علومهم فيه!
مستشار الرئيس لابد أن يكون أبعد الناس عن مثل هذه الأمور.. وإذا لم يبعد عنها من تلقاء ذاته، فمقام الرئاسة يجب أن يبعده فى الحال، حتى لا تبدو الرئاسة وكأنها طرف فى موضوع هى أبعد جهات الدولة عن أن يستدرجها أحد مستشاريها لتكون طرفاً فيه!