نذكر جميعاً أن الرئيس كان قد اجتمع بالوزراء العشرة الجدد، بعد أن أدوا اليمين أمامه، فى التعديل الوزارى الأخير، ولكننا لا نعرف ماذا بالضبط قال لهم!
ويمكن تخمين ما قاله الرئيس، وكيف أنه لفت انتباه كل واحد فيهم، إلى أنه جاء كوزير فى الحكومة، ليبنى على ما بناه الوزير السابق عليه، لا ليهدمه ويبدأ من عند الصفر!
ومن جانبى، كنت قد أشرت إلى هذه النقطة، فيما يخص ملف الاستثمار تحديداً، وقلت إن المطلوب من داليا خورشيد، التى جاءت فى مكان أشرف سالمان، أن تضيف إلى ما بناه الرجل فى مكانه، لا أن تبدأ من عند اليوم الذى دخلت فيه هى الوزارة، فالتراكم، كفكرة، لن يتحقق فى كل وزارة على حدة، ولا على مستوى البلد كله، إلا إذا آمن كل وزير وكل مسؤول بهذه الفكرة تماماً، ثم عمل بها بشكل مباشر.
ولكن الواضح أن الوزراء العشرة خرجوا من عند الرئيس، ليفعلوا فى غالبيتهم بعكس ما سمعوا منه على طول الخط، ولا أعرف ما إذا كان ذلك قد استوقف مؤسسة الرئاسة أم لا!
فوزير النقل، مثلاً، ألغى قرارات ومشروعات وزير النقل السابق.. ووزير المالية طرد قيادات الوزارة الذين عملوا مع الوزير السابق عليه.. ووزيرة الاستثمار أنهت عمل طاقم مكتب سالمان بالكامل، بما يعنى أنها، منذ اللحظة الأولى، قررت القطيعة التامة مع كل ما قام به وزير سبقها، وبقى فى الوزارة عامين كاملين!
هذه قرارات صدرت عن الوزراء الثلاثة، على سبيل المثال، لا الحصر، ونشرتها أكثر من صحيفة، ولم يكذبها أحد منهم، بما يعنى أنها صحيحة!
وما يقلق فى الموضوع كله أن الوزراء العشرة جاءوا إلى مواقعهم قبل أيام فقط من إلقاء بيان الحكومة الذى سوف يكون عليهم أن ينفذوه مع سائر زملائهم القدامى فى الحكومة، وسوف يكون على أعضاء الفريقين من الوزراء، القديم منهم والجديد، أن يقولوا لنا شيئاً واضحاً، عن العلاقة التى يجب أن تقوم بين بيان الحكومة، ورؤية «2030» التى أعلنها الرئيس قبل بيان الحكومة بشهر.
إن رؤية «2030» تقول إننا، بعد 14 عاماً من تاريخ إعلانها، سوف نكون من بين أكبر 30 اقتصاداً فى العالم، وهذا معناه، أننا سوف نسعى إلى تحقيق هذا الهدف، خطوة خطوة، لأنه ليس من المعقول أن نأتى فى عام 2029، مثلاً، لنقول إننا فى العام المقبل سوف نكون من بين أهم 30 اقتصاداً فى العالم.. ليس معقولاً ولا يدخل أى دماغ!
وإذا كنا جادين حقاً فى بلوغ هذا الهدف، فلابد أن تكون العلاقة بين بيان الحكومة، ورؤية رئيس الدولة لـ«2030»، واضحة وأن نعرف ماذا على وجه التحديد سوف نحقق فى اتجاه هذا الهدف، عند انتهاء العمل بالبيان الحالى للحكومة.. ثم ماذا سوف نحقق عاماً بعد عام.
كنت قد تفاءلت ببيان الحكومة، ومازلت، غير أن قرارات الوزراء الثلاثة جاءت لتبعث على التشاؤم، وحين بدا أن قراراتهم لم تستوقف مؤسسة الرئاسة التى جاءت بهم، فإن التشاؤم قد كسب أرضاً مضافة!