قال الكاتب الكبير، بهاء طاهر، إن الرئيس عبدالفتاح السيسى أنقذ الدولة من السقوط فى يد الإرهاب، مطالبا الشعب بالتحلى بالصبر لحين الانتهاء من المشروعات التى وعد الرئيس بتنفيذها، ومشيرًا إلى أن بعض المبادرات والممارسات الأخيرة تسببت فى غضب الشارع، وأبرزها مبادرة «صبح على مصر بجنيه»، قائلا: «بلا خيبة، ما تصبح هى الأول على الغلابة بساندويتش فول».
وأضاف طاهر، فى حواره لـ«المصرى اليوم»، أن الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، صاحب رؤية وعلى خلق عظيم، وأن المشيخة تحتفظ للدين الإسلامى بوسطيته واعتداله، مطالبا بوقف الهجوم على الأزهر وشيخه، لأنه لا فرق بين الأفراد والمؤسسات، ولافتا إلى أن مصر متماسكة وأكثر استقرارا مقارنة بما وصلت إليه بعض الدول العربية مؤخرا.
وأكد الأديب الكبير أنه يرفض إعادة العلاقات مع «حماس» لأنها جزء من «الإخوان»، وأن ترجمة المؤلفات الإسرائيلية تطبيع ثقافى، موضحا أن العلمانية تحقق الوعى العام للمجتمع، وأن الديمقراطية أعظم سلاح ضد الإرهاب، ولافتا إلى أن المشروع الثقافى القومى أهم من خطة الحكومة للنهوض بالاقتصاد.. وإلى نص الحوار:
■ بداية هل تأخر الأزهر الشريف فى تجديد الخطاب الدينى؟
- المسؤولية هنا مجتمعة، بمعنى أنه لا يمكن أن نحمل الأمر كله لمؤسسة الأزهر أو وزارة الثقافة فقط، لكن أريد هنا أن أشير لدور الدولة، لأن تجديد الخطاب الدينى يحتاج لوقت أكبر وإمكانيات عدة، أبرزها الميزانية لتحقيق الرؤية والإصلاح المطلوب، وذلك من خلال استبدال الثقافات التى لا تمت لنا بصلة، وتتسبب فى غياب الوعى الثقافى الحقيقى لمجتمعنا، وتمكين الشباب ومنحهم الفرصة ولو قليلا، إضافة إلى دور الإعلام والمؤسسة التعليمية.
■ لكن هناك انتقادات شديدة للأزهر والشيخ أحمد الطيب متعلقة بهذا الشأن؟
- الشيخ أحمد الطيب مفكر دينى وشخصية عامة يجب الحفاظ عليها، بصراحة شديدة أنا أعشق هذا الرجل، ومتحمس له كثيرا، وعندما التقيت به وجدته صاحب رؤية وعلى خلق عظيم «مش عارف بيهاجموه ليه»، وبالنسبة للمؤسسة لا أفرق بين الأفراد والمؤسسات، فالأزهر هو الطيب والعكس، وأدعو الجميع من خلالكم للوقوف إلى جانب شيخ الأزهر وتأييده ودعمه، لتظل المؤسسة مركز الاعتدال والوسطية فى مواجهة الإرهاب، الذى يحيط ببلادنا.
■ يقولون إن الأزهر يدرس المذهب الوهابى وإنه بذلك يعد بيئة حاضنة للإرهاب.. ما رأيك؟
- أرفض هذا الكلام بشدة، وأكرر، أزهرنا حصن أمين للفكر الإسلامى المعتدل، وعلينا أن ندعمه ونحافظ عليه، لأنه منارة الدين الإسلامى فى العالم.
■ ما رأيك فى دعوات تنقية الأحاديث بما يسهم فى تجديد الخطاب الدينى؟
- أرى أنها تطاول على الدين والسنة النبوية، وتقف وراء هذه الظاهرة أجندات خارجية للهجوم على الدين الإسلامى، وخلق فتن جديدة بين السنة والشيعة، ولا أحد ينكر أن الشيعة تيار دينى فكرى موجود فى مصر، ولو أتيحت له السيطرة على البلاد لفعل.
■ ما تقييمك لأداء وزير الثقافة؟
- أظن أن الرجل يخطو خطوات جيدة رغم الموروث الضخم من الفساد والبيروقراطية فى وزارة الثقافة، وأرى أن تتاح له الفرصة كاملة لتحقيق خطته وبرنامجه، لأن حلمى النمنم شخص عاقل ويتصرف فى المجال الثقافى بحكمة عالية دون تهور، ويحاول إثبات ذاته، ومن الظلم أن نسأله عن الإصلاحات أو الإنجازات، لأن الفترة قصيرة لا تكفى لتحقيق إنجاز ثقافى ملموس، لذلك من الإنصاف ألا نسأله عن الماضى وكوارثه، لأن الحساب لا يكون إلا على الحاضر والمستقبل.
■ هل هناك آليات بعينها لإعادة تأهيل المواطن وإعداده ثقافيا فى رأيك؟
- الأمر بسيط للغاية، على الدولة التفكير قليلا فى أدوات تطوير التعليم ومحو الأمية، وبعدها يأتى دور التثقيف بأيدى أهل الثقافة فى بلادنا، وذلك عبر إعادة تجارب رائعة مثل تجربة الثقافة الجماهيرية فى تاريخنا الحديث، والتى كانت تجوب الأقاليم فى عهد وزير الثقافة الأسبق، ثروت عكاشة، واستطاعت أن تحقق نقلة فعلية، لكن لم تستمر طويلا للأسف، فالبيروقراطية أوقفت هذه الخطوة وقضت عليها، لكن من الممكن أن تستأنف هذه التجربة من خلال نشر القوافل الثقافية، لكى يحدث التغيير المنشود فى كل أنحاء مصر.
■ لماذا اندثرت تجربة الثقافة الجماهيرية رغم نجاحها؟
- أرى أن الثقافة الجماهيرية أهم فروع الوزارة، لكن آليات تفعيلها للأسف تخضع لميزانية الوزارة، ولأنها غير كافية بالأساس فشلت الوزارات المتعاقبة فى تحقيقها، وآخر من فعلها كما قلت ثروت عكاشة، فالرجل كان يملك رؤية وأدوات مكنته من نشرها فى ربوع مصر، وأنشأ مؤسسات ثقافية قائمة إلى الآن، وساهمت فى بلورة ثقافة المجتمع، لكن للأسف «مش هنخلق ثروت عكاشة تانى».
■ فى رأيك هل الدولة أغفلت دور الثقافة فى مواجهة قوى التطرف والإرهاب؟
- منذ زمن بعيد ودور الثقافة والتنوير سابق على الهجمات الظلامية بشكل عام، وكانت دائما تؤكد رفضها المطلق لكل الدعوات الإرهابية والتخريبية، وسلاحنا الأقوى والأكثر فاعلية ضد الإرهاب يكمن فى نظام تعليمى حقيقى يكفل إعادة تأهيل المجتمع، لأن من يلجأ إلى الإرهاب شخص جاهل وليس لديه رؤية أو ثقافة اجتماعية حقيقية، وتجفيف الإرهاب من المنبع يستلزم نشر الثقافة والتعليم، وهذا ما لا تهتم به نظم كثيرة، وآخرها نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك الذى عمم الجهل، أما الآن فنحن فى حاجة إلى مشروع قومى، يدعم الاهتمام بالتعليم لنهضة الأمة من كافة النواحى وليس فقط الإرهاب.
■ هل اهتمت الحكومة بالمشروعات الاقتصادية على حساب التعليم والثقافة؟
- بالطبع، والآن أخشى تفشى ظاهرة التطرف بين الشباب، وكان لزاما على الحكومة تدشين مشروع قومى ثقافى عام لبلورة المنظومة الثقافية والتعليمية فى بلادنا، فأرى أنه أهم من قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة، وكان من الأفضل أن يسبقهما، كما أن الديمقراطية تلعب دورا أصيلا فى تجفيف منابع الإرهاب، لكن أين هى فى بلادنا؟!
■ لماذا لم تتحقق الديمقراطية حتى الآن؟
- الديمقراطية أعظم سلاح ضد الإرهاب، والسبب الرئيسى فى حرمان الشعب منها يكمن فى عدم وجود مؤسسات قوية تعبر عن المجتمع المدنى، والموجودة على الساحة ضعيفة وهشة لا تستطيع تحقيق خطتها وأهدافها وفرض رؤيتها من خلال قيادات فكرية منوطة بإحداث التغيير، لذلك شعبنا محروم من العدالة، لأنها لن تأتى إلا بتحقيق الديمقراطية أولا.
■ على ذكر الديمقراطية.. هل تصلح العلمانية للتطبيق فى مجتمعنا؟
- بالطبع، العلمانية تكفل للمجتمع تحقيق الوعى العام والديمقراطية، ونفتقدها فى مصر لأن قوى المعارضة أقوى وأكبر بكثير، وتستخدم أساليب قريبة من الإرهاب، وأقول للجميع لن تتقدم خطواتنا إلا بتطبيق مبادئ العلمانية.
■ لكنك قلت مسبقا إن الأمية ليست عائقا أمام تحقيق الديمقراطية؟
- قلت هذا فعلا، لكن هناك فرق، زرت الهند مرات عديدة، ووجدت شعبها يتمتع بقدر عال من الديمقراطية رغم الفقر والأمية، وأحوالهم أفضل من مصر بكثير، وهنا أؤكد أن الأمية ليست عائقا أمام تحقيق الديمقراطية، وهذا ما أسس له نهرو وغاندى، فحزب المؤتمر الهندى رسخ للديمقراطية رغم الفقر والأمية، ومازالت الهند تضرب مثالا رائعا فى تحقيق الديمقراطية التى سهلت تطبيق العدالة.
■ هل تتوقع أن الرئيس عبدالفتاح السيسى سيتمكن من تنفيذ وعوده خلال العامين المقبلين؟
- مازالت أنادى بمساندة الجيش والرئيس، «اصبروا شوية» على السيسى، وانظروا إلى الدول العربية التى مزقها الصراع والحروب الأهلية، ونحمد الله أن مصر متماسكة وأكثر استقرارا مقارنة بسوريا والعراق مثلا، ويذكر للسيسى أنه جنب مصر سيناريو التشرذم الذى يحدث فى الدول المجاورة شرقا وغربا وجنوبا.
■ لكن البعض يقول إن الأوضاع تزداد سوءا والشعب غاضب خاصة بعد مرور عام تقريبا على المؤتمر الاقتصادى؟
- الأمر يحتاج لوقت طويل، وبطبعى أحب التفاؤل، وأتمنى أن تكون مصر الآن سائرة فى سكة السلامة، لكن أرى أن بعض الأفعال والممارسات الأخيرة تسببت فى هذه الموجة، ولما سمعت عن مبادرة «صبح على مصر بجنيه»، ضحكت وقلت: «بلا خيبة، ما تصبح هى الأول على الغلابة بساندويتش فول»، وأرجو ممن ينتابهم غضب بسبب تأخر عائد المشروعات الاقتصادية أن يفرقوا بين النظام والدولة، لأن إسقاط الدولة ليس من مصلحة المصريين.
■ هل تقرأ الأدب الإسرائيلى؟
- نعم، لكن المترجم من العبرية إلى الإنجليزية فقط، وأرى أن لديهم ماكينة دعاية هائلة خاصة فيما يتعلق بترشيحات الجوائز، لكن حقيقة ليس لديهم كتاب كبار يستحقون «الشو الإعلامى» أو الاهتمام والمتابعة.
■ هل توافق على إعادة العلاقات مع قطر وحركة حماس؟
- جماعة الإخوان تكرر دائما أنها جزء من حماس، والأخيرة تقول الكلام نفسه، وهذا يكفى لوقف الحديث فى هذه النقطة، أما قطر فعليها أن تلفظ قيادات الجماعة الإرهابية، ولو فعلت فستكون هناك تحركات إيجابية تسمح بالتفكير فى الأمر.
■ ماذا عن كرة القدم والموسيقى فى حياة بهاء طاهر؟
- قال مبتسما: لا أحب الكرة، لكن أنا أهلاوى!!، ربما بالفطرة أو لأنى عضو بالنادى نفسه منذ 30 عاما، ومن أولى القصص فى حياتى، واحدة اسمها «المظاهرة» نشرت فى سبعينيات القرن الماضى، وكانت عن كرة القدم، وقلت رأيى فى هذه النقطة بكل صراحة، أنا لا أحب الكرة ولا أتابع الدورى المحلى أو الدوريات الأجنبية.
وبخصوص الموسيقى، فأنا أعشق الكلاسيكية منها، وأستمع لها بشكل دائم وأساسى، وأتذكر أنى كنت أذهب فى شبابى إلى مكتبة الفن فى شارع قصر النيل، وأكتب للمسؤول عن المكتبة فى ورقة صغيرة اسم المقطوعة التى أريد أن أسمعها أولا، وبعدها أجلس أقرأ كتبا فنية وأنا أستمع للمقطوعة وسط تماثيل محمود مختار، كما أجلس بجوار الراديو مساء كل يوم للاستماع لحفلة الست «أم كلثوم»، على إذاعة الأغانى الساعة 11 مساء، فأنا من عشاقها ولا يمضى يومى دونها أبدا، فضلا عن الاستماع إلى مقطوعات فرقة الموسيقى العربية، وملوك التواشيح والتلاوة، وأحب الشيخ محمد رفعت والمنشد ياسين التهامى.
■ بمناسبة الإذاعة كيف كانت تجربتك فى الراديو؟
- عملت بإذاعة البرنامج الثانى «البرنامج الثقافى الآن»، 18 عاما، وكنت مخرجا للدراما ومذيعا، وكنت من مؤسسيه، وامتدت فترة العمل من 1957 حتى عام 1975، وأعتز بهذه التجربة للغاية، لأنها أفادتنى كثيرا فى حياتى، والآن أنا مستمع جيد للإذاعة، وأستمع للبرنامج العام صباحا، والبرنامج الثقافى ليلا.
■ ما سر تأخر مسلسل «واحة الغروب» حتى الآن؟
- يجيب مبتسما: اسألوا المنتج، الإنتاج والميزانية السبب فى تأخير العمل، لكن عرفت مؤخرا أن فريق العمل استقر على عرضه فى رمضان 2017، وأنا أثق تماما فى قدرات السيناريست مريم ناعوم.
■ قلت مسبقا إن هناك حنينا يراودك للترجمة.. هل هناك أعمال جديدة؟
- للأسف لا، وفعلا اشتقت للترجمة، لكن ليس هناك مشروع جديد، أو فكرة عن كتاب بعينه.
■ فى رأيك لماذا تراجعت معدلات القراءة فى مصر؟
- هذه الظاهرة أسمع عنها منذ الصغر، والآن أنا تخطيت الـ80 عاما ومازالت متواجدة، ولا أعرف سببها حتى اللحظة، لكن الكتب فى المكتبات توزع جيدا، ودور النشر تزيد بمعدلات غريبة، وهنا السؤال: الشعب يقرأ أم لا، ولماذا هذه السمعة السيئة تطاردنا إلى الآن، وأرى أن اختفاء المكتبات العامة سبب رئيسى فى هذه الكارثة.
■ هل المرض يزعجك أكثر أم الموت؟
- الموت طبعا، كلنا يخاف من شبح الموت، لكن يرافقنى دائما إيمانى بأنه لن يصيبنى إلا ما كتبه الله، وفى النهاية لا حيلة لى أمام هذه الحقيقة.
■ دائما زوجتك بعيدة عن الأضواء علما بأنها ترافقك أينما ذهبت؟
- يجيب مبتسما: سنتفيكا أنا ستا سوفا، هى الحب والغرام، ورئيس جمهورية هذا المنزل، لو سألتها عن كل أمورى الحياتية فستجيبك، المواعيد، الزيارات، الندوات، حتى عصاى الصغيرة التى أَتوكَأ عليها، باختصار سنتفيكا هى «الخير والبركة».