x

«الصغيرة الزاهدة»: نعمة.. «ثلاثينية» تبحث عن الهدوء فى دار مسنين

السبت 02-04-2016 23:21 | كتب: نورهان مصطفى |
نعمة نعمة تصوير : طارق وجيه

بصُحبة سنوات عُمرها الثلاثين، تُفضل أنّ تجلس بشرفتها دون أن تزعجها ثرثرة طلاب المدرسة المجاورة، أو صوت التليفزيون الذى يعلو صوته دائمًا فى الغرفة المجاورة لها، تقوم بجولات يوميّة بين الشُرفة وغرفتها، تمُر أمام التليفزيون فيما تُردد دائمًا أصوات الأغنيات التى تُذاع فى المناسبات، تحفَظ عن ظهر قَلب كلمات أغنية «ستْ الحبايب»، تُناجى بها أمها التى توفيت منذ فترة قريبة وتركتها وحيدة، لا تعرف عن العالم سوى شقتها فى منطقة حدائق القبة، ومشاوير الصباح إلى مخبز العيش ودُكان البقال المجاور.

نعمة، ورغم صغر سنها، تعيش داخل دار لرعاية المُسنين، وتحديدًا منذ أن لحقت والدتها مؤخرًا بوالدها، لتتركها وحيدة فى شقة الأسرة: «والدى ووالدتى ماتوا بقالهُم كتير، مش فاكرة إذا كُنت صغيرة ولا كبيرة».

كان فلك يومها يدور حول المهام المنزلية التى اعتادت عليها منذ وفاة والدتها ووالدها، وظلّت تفعل ذلك لأشهر دونَ أن يسأل عنها أحد سوى شقيقتها الكُبرى التى تزوجت بعيدًا وتركتها للخيال والأحلام، لتُصبح نعمة حرفيًا «مقطوعة من شجرة»، وزاهدة فى سنوات عُمرها.

«قالولى تعالى نوديكى دار رعاية»، بذاكرةٍ مشوّشة تحكى نعمة كيف جاءت إلى هُنا، فكانَ «دار المسنين» هو سبيلها الوحيد فى حياتها لتشعُر بالحياة وسط السيدات ممن فى عُمر والدتها الراحلة، والتى تتذكرها بحُزن قائلة: «والدتى كانت بتاخُدنى معاها وتفسحنى، وبعد ما ماتت، أنا بقيت أقعد لوحدى».

«أمى لسّه بتزورنى فى المنَام»، جملة تُرددها نعمة دائمًا، فهى تحفظ الأحلام غيبًا لتتلوها على رفيقاتها فى الدار عندما يأتى الصباح، تغزل حواديتها من الخيال، فيبتسم الجميع، وينزل كلامها بردًا وسلامًا على نُزلاء الدار، لا تملّ من رؤية والدتها فى المنَام، وتؤكد دائمًا أنها قالت لها فى ليلة أمس: «وحشتينى يا نعمة»، ثم ربتت على كتفيها، فتبتهج وتحفظ وعدًا بأن تبقى على صِلة مع الأرواح التى لا ينقطع وصلها: «بستنى أمى كل يوم تسأل عليّا فى المنام».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية