تضمن الخطاب الحكومى، أمام مجلس النواب، الأحد، اتخاذ إجراءات لزيادة معدل النمو ليتراوح بين 5 و6% خلال السنوات المقبلة، ما ينعكس على معدل التشغيل ويسهم فى خفض البطالة لنحو 10 و11%، فيما وصف خبراء اقتصاديون هذا البيان بأنه «شعارات.. وأشبه بدس السم فى العسل».
وقال رضا عيسى، الباحث الاقتصادى: «إن البيان الذى ألقته الحكومة أمام البرلمان مجرد شعارات تم استهلاكها، وسمعناها عدة مرات من الحكومات السابقة، منذ عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك».
وأضاف: «البيان الحقيقى للحكومة لدى البنك الدولى، فكل التفاصيل والأرقام والخطط التى تنتوى الحكومة تنفيذها هى ما وضعته فى اتفاقها لاقتراض 3 مليارات دولار، وهى ما ستنفذه بالفعل وتحت أى ظروف».
وأوضح أن كلام الحكومة عن تخفيض الدعم وخروج ملايين المواطنين من تحت مظلته، بدعوى وصوله إلى مستحقيه، فضلا عن الحديث حول ربط الإنتاج بالأجر لتبرير خفض ميزانية الأجور مجرد تبريرات للقرارات التى وصفتها الحكومة قبل ذلك بـ«المؤلمة»، مضيفا أن تلك التبريرات تشبه «دس السم فى العسل».
وحول خطة تخفيض الدعم من خلال خفض عدد المستفيدين من السلع التموينية، بالإضافة إلى خفض الدعم على الكهرباء والذى بدأته الحكومة العام الماضى وأعلنت تنفيذه على 5 سنوات، قال عيسى إن ما تفعله الحكومة أشبه بـ«الحرث فى البحر»، والمواطن سيجد نفسه محاصرا بارتفاع الأسعار نتيجة ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه، وفرض ضريبة القيمة المضافة، وكذلك خفض الدعم وخروج عدد كبير من تحت مظلته، بالإضافة إلى مزيد من الخصخصة بأشكال مختلفة، مشددا على أن تلك الخطة سيكون لها ثمن اجتماعى كبير.
وقال الدكتور فؤاد أبوستيت، أستاذ الاقتصاد والتمويل بجامعة حلوان، إن زيادة معدل النمو تحتاج إلى زيادة معدل الاستثمار الداخلى والأجنبى، لكن لابد من إجراءات حكومية لتيسير مناخ الاستثمار الذى كان مجال شكوى خلال السنوات الماضية، وما زال.
وأوضح، لـ«المصرى اليوم» أن المستثمرين يواجهون مشاكل فى إنهاء الإجراءات، ورغم صدور قانون الاستثمار الجديد، فلم يدخل حيز التنفيذ نتيجة عدم صدور لائحته التنفيذية.
ودعا إلى سرعة تيسير مناخ الاستثمار، فضلا عن وضع حوافز جاذبة للمستثمرين بناء على خطة تنمية واضحة للتركيز على إقامة اسثتمارات فى الصعيد وغيره من المناطق التى تحتاج إلى التنمية.
وأشار إلى استمرار مواجهة المستثمرين لمشاكل رغم التعهدات الحكومية بحلها، داعيا إلى إيجاد تنسيق كامل بين أعضاء الحكومة لإنجاز التعهدات الرسمية الواردة فى البيان.
ولفت إلى أن الحكومة تعمل، فى ظل تحديات خارجية تتمثل فى ركود يسود السوق العالمية وحالة من عدم الاستقرار فى الأسواق العربية والتى تستحوذ على جانب من الصادرات المصرية، فضلا عن تواجد عدد كبير من العمالة المصرية فيها، إضافة لتحديات داخلية تتمثل فى مواجهة الإرهاب فى سيناء.
وفيما يتعلق بتوفير فرص عمل وتخفيض البطالة، قال إن خلق فرصة عمل حكومية تحتاج لنحو 75 ألف جنيه، ولا بد من العمل على خلق فرص عمل فى قطاعات إنتاجية تركز على التصدير لإيجاد عائد من النقد الأجنبى.
وأكد الدكتور سيف الله فهمى، رئيس المجلس الوطنى للتنافسية، أن الأهداف التى حددتها الحكومة قابلة للتنفيذ، لكنها تحتاج إلى فريق فنى حكومى يضم كفاءات لتنفيذها.
وأشار إلى أن الأهداف الاقتصادية تتوافق كلها مع محتويات «استراتيجية مصر 2030»، والتى تضم توقيتات زمنية للتنفيذ، وهو ما يجب التركيز عليه من خلال مجلس النواب، لتتم محاسبة الحكومة بداية من اليوم على مدى الالتزام بتنفيذ الأهداف، ما يضمن إحداث تغييرات حقيقية على أرض الواقع.
وأوضح أن بيان الحكومة به أهداف تتضمن زيادة معدل الادخار المحلى ليتراوح بين 9 و10% بدلا من 6% فى الوقت الحالى، فضلا عن زيادة الاستثمار الأجنبى ليتراوح بين 18 و19% بدلا من 15% حاليا.
وقال شريف قاسم، أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، إن آلية ربط الأجر بالإنتاجية لا بد أن تتزامن مع تطوير الماكينات وآليات العمل بالمصانع، وألا تكون متهالكة، حتى يكون هناك إمكانية لزيادة الإنتاج، فهناك مصانع لديها العمال وخطوط الإنتاجن، لكن لا تستطيع تحقيق المستهدف بسبب عدم تحديث خطوط الإنتاج أو إدخال التكنولوجيا الحديثة بالصناعة، وهى عوامل يجب ألا يتحملها العامل.
وأضاف «قاسم» أن السياسة المالية والنقدية هى السبب الرئيس فى ارتفاع الأسعار، وانخفاض القيمة الشرائية للأجور، موضحا أن مشكلة التضخم فى الأساس هى الفجوة بين العرض والطلب، حيث يكون الطلب أكبر بكثير من العرض، وينتج عنه ارتفاع فى الأسعار، ومن ثم يجب العمل على الطرفين بزيادة القدرة على التصدير وتنشيط السياحة، وتقوية القدرات على الإنتاج ووقف استيراد السلع التى لها مثيل محلى، فضلا عن أهمية إحكام الرقابة على الأسواق، وتطبيق شروط حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، وضمان عدم هيمنة القطاع الخاص على الأسواق بشكل مطلق، ووضع خطة إنتاجية ملزمة.
من جانبها، قالت الحكومة فى بيانها إنها تتعهد بتحقيق التنمية المستدامة بوصفها هدفا استراتيجيا فى برنامجها، من خلال تحقيق معدلات مرتفعة للنمو الاقتصادى، ليحقق متوسطا فى حدود 5 إلى 6%، حتى نهاية 2017/ 2018، والتأكد من امتداد آثاره لكافة فئات المجتمع، لإحداث نقلة نوعية وتحسين مستويات المعيشة.
وتابعت أنها تستهدف تطبيق سياسات للدعم ذات كفاءة أفضل للوصول إلى الفئات الأولى بالرعاية، مشددة على أنها تضع فى أولوياتها الإنفاق على خدمات التعليم والصحة، وتطوير خدمات الطرق والنقل والمواصلات تزامنا مع ترشيد دعم الطاقة، وتوفير المسكن لمحدودى ومتوسطى الدخل، خاصة من الشباب، وتحديث البنية الأساسية، وفى مقدمتها خدمات مياه الشرب والصرف الصحى والكهرباء.