x

مكاوي سعيد الكرة البرازيلية.. هوس وسحر وشعوذة «2/2» مكاوي سعيد السبت 26-03-2016 21:25


يسكن البرازيل 170 مليون نسمة، ويفوق عدد المواطنين السود منهم عددهم فى أى دولة أخرى، ما عدا نيجيريا، وفيها عدد من اليابانيين يفوق عددهم فى أى دولة أخرى باستثناء اليابان، وهناك ما يقرب من 350 ألف نسمة من الهنود أيضاً، منهم عدد من القبائل التى مازالت مجهولة حتى الآن. ورغم أن البرازيل كانت ترزح تحت ثقل الاختلاط العرقى المتفاوت، الذى يشكل النسيج الاجتماعى الأساسى لهذه البلاد، وبشاعة فترة العبودية، إلا أنه كان هناك تسامح عرقى فريد من نوعه أيضا، ونتيجة لهذا الاختلاط العرقى الأوروبى الأفريقى، أصبح المواطن البرازيلى يحمل نبض العالمين والعرقين والثقافتين، لذلك هو يجنح للعقلانية والمنطق الأوروبى أحياناً، وأحيانا أخرى يسيطر عليه الغضب والثورة والتمرد الأفريقى، وانعكس ذلك إيجابياً على لعبة كرة القدم، التى تقدم أوضح مثال على تعدد الأعراق، وقد ظهرت لعبة كرة القدم فى البرازيل عام 1894، وخلافًا للمتوقع انتشرت هذه اللعبة البريطانية العنيفة انتشاراً واسعاً، وأصبحت خلال عقدين من الزمن جزءًا من الهوية البرازيلية، وأسست لنفسها أسلوبها المتميز الخاص الذى كان مصدر إلهام وفخر لمحبى كرة القدم فى العالم. وطريقتهم المسماة بـ«السامبا» المعتمدة على المهارات الفردية، حتى أنهم يلعبون كما يرقصون، عائدة إلى أن معظمهم لعبوا كرة القدم بطريقة غير رسمية فى الشوارع والحارات، حيث الهدف الأساسى الحصول على الكرة والتسديد من أى مسافة دون التقيد بالقوانين والحسابات إنما بهدف إظهار المهارات الفردية، طبقاً لسمات شخصيتهم، حيث البرازيل هى بلد الكرنفالات، وكلّ منهم يسعى لإظهار أفضل ما لديه. وبعض المؤرخين يرجعون اعتماد اللاعب البرازيلى على المناورات الفردية والتسديد عن بُعد إلى بدايات اللعبة، عندما كان اللاعبون السود يعانون من التمييز العنصرى ضدهم! لذلك كانوا يتجنبون أى احتكاك جسدى مع اللاعبين البيض، حتى لا يُطردوا من المباراة، وهكذا أخذوا يطورون مهاراتهم الخاصة فى الاحتفاظ بالكرة، والدوران حول دفاع الخصم، والتسديد من مسافات بعيدة، وأصبح هذا أسلوبهم المميز.

وشغف أهل البرازيل بكرة القدم، هو شغف حقيقى، ففى البرازيل يعرض الحانوتى توابيت تحمل شعار نوادى كرة القدم! للدفن حسب الانتماء الكروى، ويمكن للنوادى أن تدعم مرشحيها حتى يصلوا إلى تمثيل الشعب فى البرلمان، وينسحب ذلك على كثير من مجالات الحياة فى هذا البلد الرائع. ولا يمكن حصر عدد نوادى كرة القدم بالضبط فى البرازيل، فهناك نوادٍ تُنشأ دائما، وأخرى تختفى، والاتحاد البرازيلى للعبة يقول: إن هناك أربعة وثمانين ناديًا جديدًا ظهرت فى عام 2000، أى بمعدل نادٍ كل أسبوع! أما جريدة «لانس» فتدعى وجود 794 نادى كرة قدم فى البرازيل مدرجة فى موسوعتها.

وبالنسبة للتعاويذ والمعجزات والخزعبلات، لا يمكن لبرازيلى أن يمارس حياته الطبيعية، سواء فى كرة القدم أو أى مجال آخر، من دون أن يحمل تعويذة أو أيقونة حول عنقه تذكره بالقديسين والتعاليم الدينية التى يؤمن بها. والجماهير تفى بالنذور عقب النصر، واللاعبون لهم طقوسهم جلباً للحظ الجيد ودرءاً للحظ السيئ مثل ركل عوارض المرمى بكعب القدم أو تقبيل العوارض الخشبية أو الصلاة داخل المرمى، وهذا بالنسبة لحراس المرمى الذين يتحملون نتائج خسارة المباراة.

المصدر: كتاب «كرة القدم.. الحياة على الطريقة البرازيلية» تأليف الصحفى الإنجليزى «أليكس بيلوس» وترجمة: «عبلة عودة».. والناشر «دار كلمة للترجمة».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية