بدأت فعاليات اليوم الثالث لمؤتمر وزراء دفاع دول الساحل والصحراء الذي تشارك فيه 27 دولة عربية وأفريقية وعدد من المنظمات الدولية والدول الأوروبية في مدينة شرم الشيخ بالوقوف دقيقة حداد على أرواح ضحايا الإرهاب.
وقال الفريق أول صدقي صبحي، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر: «نعرب عن إدانتنا الكاملة للأعمال الإرهابية التي ضربت مؤخرًا العديد من دول التجمع كما أعلن عن إدانتنا بأشد العبارات للأعمال الإرهابية الخسيسة التي ضربت العاصمة البلجيكية بروكسل، وأن أنقل نيابة عن اجتماعنا اليوم رسالة تعزية وتضامن مع أسر الضحايا الأبرياء وأدعو حضراتكم للوقوف دقيقة حداد على أرواح شهداء الإنسانية جميعًا وأرواح ضحايا الإرهاب الغادر».
وأضاف «صبحي»: «أتشرف اليوم أن أكون معكم بوطنكم الثاني مصر وعلى أرض سيناء الحبيبة وفي مدينة شرم الشيخ رمز الأمن والسلام ممثلاً لشعب مصر العظيم وقواته المسلحة الباسلة التي تعتز وتفخر بالانتماء للقارة الأفريقية ليس فقط لاعتبارات التاريخ والجغرافيا وإنما لروابط الهوية والعلاقات الأزلية وملحمة النضال المشتركة لشعوبنا ووحدة المصير والمستقبل الواحد في التنمية والأمن ففي الأمس القريب احتضنت شرم الشيخ مؤتمرًا للتنمية بأفريقيا واليوم تحتضن اجتماعًا لتعزيز الأمن».
وذكر الوزير: «نود الإعراب جميعًا عن خالص التقدير لجمهورية تشاد الشقيقة بقيادة فخامة الرئيس إدريس ديبي للجهود التي تبذلها حكومة وشعبًا من أجل إعادة تفعيل التجمع وتعزيز آلياته للتعاون في التنمية ومواجهة التحديات الأمنية في فضاء التجمع ودوله بما في ذلك عقد الاجتماع الاستثنائي لوزراء خارجية دول التجمع على هامش الدورة الثامنة والعشرين للمجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي بأديس أبابا في يناير 2016».
وتابع: «لا يفوتنا أيضًا أن نعرب عن تقديرنا البالغ للأمانة الفنية لتجمع الساحل والصحراء على التعاون الوثيق في الإعداد والتحضير لعقد هذا الاجتماع لتحقيق الأهداف المرجوة»، مضيفًا: «السيدات والسادة نجتمع اليوم وكلنا أمل في أن يكون ما نقوم به يمثل نقطة بداية هامة في تاريخ التكامل والعمل المشترك داخل تجمع الساحل والصحراء، فهذا الاجتماع يأتي في لحظة هامة وفارقة بمسيرة التجمع لحظة تجعل من خيار الشراكة والتعاون الخيار الأجدى أمام شعوبنا وحكوماتنا، لحظة تتطلب التعاون والتنسيق والتكامل والعمل على تطوير آليات العمل المشترك لتحقيق الأمن والاستقرار بامتداد فضاء الساحل والصحراء كضمانة أساسية لإزالة كافة معوقات التنمية المستدامة التي هي الهدف الاستراتيجي الذي نسعي جميعًا للوصول إليه تحقيقًا لرفاهية وازدهار وتقدم شعوبنا ودولنا».
واستطرد «صبحي» قائلاً: «إن ما تشهده القارة الأفريقية وبصفة خاصة تجمع الساحل والصحراء في السنوات الأخيرة من تطورات باتت تطرح بالعديد من التحديات والتهديدات التي تستهدف أمن أوطاننا وتعرقل خطط التنمية التي نصبو جميعًا لتنفيذها».
وأشار: «ولا جدال في أن الإرهاب والتطرف بات يشكل تهديدًا قويًا امتد بتداعياته لكافة بقاع العالم واستهدف بعملياته البغيضة المدنيين الأبرياء دون تفرقة أو استثناء لدولة أو منطقة أو إقليم وهو ما يؤكد على حماية العمل المشترك الإقليي والدولي لهزيمة هذه التنظيمات الإرهابية التي تستمد أفكارها من منبع واحد، ففي السنوات الأخيرة لم يصبح الإرهاب والتطرف ظاهرة دخيلة على القارة الأفريقية وبصفة خاصة فضاء الساحل والصحراء بعد أن صارت دول وشعوب المنطقة تعاني من حدة العمليات الإرهابية وباتت مسرحًا لأنشطة العديد من الجماعات الإرهابية يمتد من شمال وشرق القارة إلى غرب ووسط القارة».
وكشف وزير الدفاع: «تتزايد تعقيدات هذا التهديد مع ارتباطه بالصور الأخرى للجريمة المنظمة عابرة الحدود مثل الاتجار بالمخدرات والأسلحة وتهريب البشر والاختطاف والتي تشكل في مجموعها مصادر التمويل والتسليح للجماعات الإرهابية أيضًا أصبحت العمليات في الفضاء الإلكتروني عنصرًا شديد الخطورة سواء في تنفيذ الجريمة المنظمة العابرة للحدود أو في تصاعد وانتشار الإرهاب والتطرف بالترويج للأفكار المتطرفة والتجنيد والتدريب والتسليح والتغلب على الإجراءات الأمنية لتنفيذ العمليات».
وأردف قائلا: «أدانت مصر كافة العمليات الإرهابية التي استهدفت الدول الشقيقة والصديقة وأكدت حرصها على التعاون ودعم كافة المبادرات والمشروعات الإقليمية والدولية التي تسعى لتعزيز الأمن والاستقرار والقضاء بصفة خاصة على الإرهاب والتطرف، ذلك من منطلق القناعة المصرية بضرورة تضافر وتكاتف كافة الجهود الإقليمية والدولية لتصب في استراتيجية واحدة تكون قادرة على هزيمة الإرهاب والتطرف، والإداراك بأن النجاح في تحقيق هذا الهدف يتطلب العمل من خلال مقاربة شاملة لا تستثنى أي من التنظيمات ولا تقتصر على العمليات الأمنية والعسكرية وإنما تشمل أيضًا نواحي التنمية البشرية والاجتماعية والأبعاد الفكرية والثقافية وتجديد الخطاب الديني».
وأضاف: «أن اجتماعنا اليوم يمثل فرصة تاريخية لاستعراض وتقييم الدراسات والوثائق الخاصة بتطوير العمل في الأمانة العامة لتجمع الساحل والصحراء وأجهزته خاصة المرتبطة بتعزيز الأمن والاستقرار داخل فضاء التجمع ولاسيما ما يخص الوثيقة الإطارية لاستراتيجية التنمية والأمن وكذا مقررات القمة الاستثنائية التي عقدت في ندجامينا في فبراير 2013 وفي مقدمتها إنشاء وتفعيل مجلس السلم والأمن وآلية منع وتسوية المنازعات».
وأشار «صبحي»، في كلمته، إلى أنه «في هذا الإطار اسمحوا لي بالأعراب عن استعداد مصر الدائم للتعاون وتقديم ما لديها من خبرات وإمكانيات لدعم مصالح وأهداف شعوبنا ودولنا في تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية مستندين في ذلك على الدعم القوي من القيادة السياسية لاستراتيجية الانفتاح على الأشقاء بالقارة الأفريقية خاصة تجمع الساحل والصحراء الذي يشكل أحد الدوائر الأساسية لأمننا القومي، والإيمان بالعلاقة الأساسية والمتبادلة بين تحقيق الأمن والدفع بجهود التنمية، ورصيد القوات المسلحة المصرية في الإمكانيات والخبرات والتعاون مع الأشقاء بالدول الأفريقية سواء بالمجالات الأمنية والعسكرية أو التنمية الاقتصادية عبر جهاز الخدمة الوطنية، والإمكانيات والخبرات المصرية في مجال الإعداد والتأهيل والمشاركة بعمليات فض وتسوية المنازعات وحفظ السلام خاصة مع المشاركة المصرية العملية في الكثير من العمليات التي تمت ولازالت في العديد من دول التجمع، وعضوية مصر الحالية في مجلس السلم والأمن الأفريقي ومجلس الأمن الدولي مع رئاسة اللجنة الفرعية لمكافحة الإرهاب بما يسمح لها أن تكون حلقة الوصل بين المجلسين وتعزيز الجهود الإقليمية والدولية الساعية لإرساء حالة السلم والأمن ومكافحة الإرهاب والتطرف بالقارة والتجمع«.
وتابع الوزير: «وفي نفس السياق اعتمدت قمة ندجامينا 2013 المبادرة المصرية لإنشاء مركز الساحل والصحراء لمكافحة الإرهاب ليكون أداه لتبادل المعلومات الاستخبارية والعمل التشاوري حول المشاغل المشتركة المرتبطة بالتهديدات الإرهابية وعلاقتها بالجريمة المنظمة وهو ما جرى بحثه في اجتماع الخبراء على مدار اليومين السابقين ونتطلع لقيام الأمانة العامة بإضافة كافة الأفكار والمقترحات المقدمة لتحقيق أهداف التجمع بذات الشأن حتى يتم الانتهاء من إجراءات إنشائه في القريب العاجل».
واختتم «صبحي» كلمته: «أود التأكيد على الالتزام الكامل بكافة قرارات تفعيل تجمع الساحل والصحراء وتطوير بنيته المؤسسية والتطلع لأن يشكل اجتماع شرم الشيخ نقطة التحول التاريخي والانطلاق نحو المستقبل بامتلاك أدوات التعامل مع كافة التحديات الأمنية التي تعرقل السلم والأمن بفضاء التجمع وتحية لكم جميعًا من الشعب المصري العظيم وقواته المسلحة التي تعتز وتفتخر بإنتمائها وهويتها الأفريقية، وأتمنى لكم جميعًا إقامة سعيدة في شرم الشيخ أرض الفيروز ومدينة السلام وحلقة الاتصال بالأشقاء والأصدقاء لتحقيق الأمن والرفاهية لشعوبنا وشعوب العالم أجمع، وأشكركم جميعًا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته«.