عندما قدم خط إنتاج السيارة الأول فى التاريخ قال هنرى فورد أن عملاءه باستطاعتهم الحصول على أى لون سيارة طالما كانت سوداء!، كانت تلك واحدة من أكبر مشكلات خطوط الإنتاج فى ذلك الوقت هو أنها لا تسمح بإدخال أية تعديلات على نظام إنتاج السيارة، بالطبع فى الوقت الحالى تغير ذلك كثيرا فمصانع السيارات الضخمة قادرة على توسيع الخيارات وإدخال المزيد من التعديلات على خطوط الإنتاج، فعلى سبيل المثال تقدم مرسيدس S-Calss بمجموعة ضخمة من الخيارات التى يستطيع العميل تخصيصها حسب الرغبة، فقد يكون أحد العملاء مهتما بأن يحصل على حاملات أكواب دافئة والآخر يريدها باردة أو الاختيارات الخاصة بالألوان والمواد المستخدمة فى المقصورة، وبالطبع يبدو الأمر هينا على مرسيدس أن تقدم تلك الاختيارات الخاصة لعملائها بكل سهولة بفضل خطوط إنتاجها الضخمة، ولكن الأمر ليس بتلك السهولة، فمعظم خطوط إنتاج مرسيدس وخاصة خطوط الإنتاج الألمانية الكبيرة التى تعد العامود الفقرى لمجموعة دايملر بأكملها تعتمد على الإنسان الآلى «الروبوت» فى إنهاء الكثير من الأعمال داخل ورشة العمل مثل التركيب والتثبيت وإعداد الأسطح وطلائها.. ويضمن الروبوت لمرسيدس وغيرها الكثير من صانعى السيارات أن تحصل على جودة متناسقة ومعدل منخفض من الأخطاء فى كل مرة يتم فيها القيام بتلك المهام، ولكن العائق الوحيد أمامه هو أنه لا يسمح بالعديد من التعديلات أو مرونة فى اختيار بعض التفاصيل، لذلك فعندما تريد مرسيدس أن تقدم تعديلات ما على سيارة أثناء إنتاجها عليها استبدال الروبوت بالإنسان، فالعمال من البشر أكثر مرونة فى ذلك.. ولأن مرسيدس تدرك أهمية تخصيص الخيارات لدى المستهلك فى الوقت الحالى، فإن عودة الإنسان للسيطرة على خطوط الإنتاج ستصبح شيئا حتميا!. وتعليقا على ذلك يقول ماركوس شيفير رئيس قطاع الإنتاج بمرسيدس: «يستطيع الروبوت أن يتعامل مع قدر معين من الفردية والمتغيرات الكثيرة التى نوفرها اليوم، نحن نوفر النقود ونحاول حماية مستقبلنا عن طريق توظيف عدد أكبر من العمال».. يأتى تعليق شيفير حول مصنع Sindelfingen وهو المصنع المسئول عن انتاج سيارات مثل S-class Maybach التى تحتوى على مجموعة كبيرة من الخيارات القابلة للتعديل حسب طلب العميل كونها واحدة من أغلى السيارات الفاخرة التى تقدمها مجموعة دايملر. ولكن ذلك ليس معناه أن المصنع سيتفرغ بشكل كامل لتلك السيارة فالقوة الإنتاجية للمصنع تصل إلى 400 ألف سيارة فى السنة وذلك معناه أن ما يقرب من 1500 طن من الحديد الصلب يتم تصنيعه كل يوم داخله، تلك كانت ضمن مجموعة من الأسباب التى دعت شيفير فى عام 2005 أن يدفع لتقليل ساعات العمل المتطلبة لإنتاج سيارة من 61 ساعة إلى 30 فقط، لكن اليوم حديثه يختلف كثيرا عندما يقول: «التنوع الحالى أكثر مما يمكن للروبوت أن يتحمله، لا يستطيعون العمل بكل تلك الخيارات المختلفة وفى الوقت ذاته الحفاظ على سرعة الإنتاج».. لكى يتم تغيير خيارات الإنتاج التى يعتمد عليها الروبوت قد يتطلب الأمر عدة أسابيع سيكون الإنتاج فيها متوقف تماما، فى حين الاعتماد على العمالة البشرية تعنى أن تغيير أى خيار على خطوط الإنتاج قد يتم فى يومين أو ثلاثة على الأكثر مما يعنى أن الإنتاج قد يظل مستمرا.