x

محمد أبو الغار لماذا يا وزارة الخارجية؟ محمد أبو الغار الإثنين 21-03-2016 21:42


وزارة الخارجية المصرية لها تاريخ كبير، فهى تتمتع برصانة شديدة وخبرة، وربما كانت الوزارة الوحيدة التى تلعب فيها الكفاءة الدور الأكبر، والوساطة والعلاقات الخاصة الدور الأصغر. وكل التصرفات الهوجاء من الدبلوماسيين المصريين حدثت فى الفترات التى دخل فيها الوزارة فى وظائف عليا مصريون من خارج السلك الدبلوماسى يفتقدون المهارات والتعليم والتدريب المناسب. وكانت الخارجية هى الناصح الأمين لرئيس الجمهورية وإذا لم يستمع إلى النصيحة كانت تبحث عن طريقة لتجميل القرار السيئ من الرئيس. ما يحدث الآن هو تصرفات مذهلة لدبلوماسية مصر العريقة.

امتنعت مصر فى مجلس الأمن عن التصويت على قرار بمعاقبة العسكريين الذين يعملون فى مهمات للأمم المتحدة فى حالات التحرش، وقد وافقت جميع دول العالم! وكان المنظر مسيئاً وغير مفهوم. ولا أعرف من صاحب هذا القرار الفضيحة. هل نحن مع التحرش؟

أمر آخر حدث حين قامت منظمات أمريكية ودولية بالهجوم الشديد على مصر بسبب الانتهاكات الشديدة لحقوق الإنسان، وقف المتحدث للبيت الأبيض يطلب من مصر مراعاة حقوق الإنسان، وتلا ذلك هجوم وزير خارجية أمريكا على ملف حقوق الإنسان فى مصر. ورد وزير الخارجية المصرى مهاجماً أمريكا على انتهاكها لحقوق الإنسان الأمريكى، واحتج على طرد طالب مصرى لأنه كتب على فيسبوك أن ترامب يستحق القتل ومثل هذه الكتابة تؤخذ بجدية شديدة هناك ويمكن أن تؤدى إلى محاكمة من يكتب مثل ذلك.

سياسة الردح فى الدبلوماسية عفا عليها الزمن. نحن نعرف وضعنا بالغ السوء فى مراعاة حقوق الإنسان ويعرفه بدقة العالم كله، والرد الوحيد المنطقى هو أننا سوف ندرس الأمر ونراعى حقوق الإنسان بناء على نصائح وانتقادات مجموعات من المصريين، وأن هناك مبالغات فى كلام المنتقدين من الخارج. ثم نحاول أن نحسن وضع حقوق الإنسان فى مصر.

الأمر الآخر هو موقفنا من البرلمان الأوروبى الذى صوت بنسبة كاسحة على أن حقوق الإنسان فى مصر متردية للغاية، وذلك بمناسبة الشاب الإيطالى الذى قتل وعذب بأبشع ما يكون فى مصر، وعندما تقرأ تفاصيل النقاش تذهل هل هذه مصرنا التى نعرفها والتى يتكلمون عنها ويفندون بحماس اعتداء النظام المصرى على شعبه؟ وبعد التصويت والقرار باقتراح عقوبات على مصر تعرف أننا فى خندق خطير وعميق وأننا فى طريق مظلم. والاستهتار البالغ فى طريقة الرد ورفض استقبال وفد برلمانى مصرى حتى الآن يوحى بكارثة كبيرة فى الطريق.

فى عصور سابقة اتخذ رؤساء الجمهورية فى مصر قرارات عنترية خاطئة ولكن الخارجية المصرية المحترمة حاولت ما استطاعت تخفيف الوقع على العالم بلغة دبلوماسية راقية. والآن الدبلوماسية المصرية ليس لها دور وتكتفى بدور الخادم المطيع.

نحن جزء من العالم وأضعف حلقة فيه الآن بسبب ضعفنا الاقتصادى والسياسى وأخطائنا المتتالية وانتهاكنا الشديد لحقوق الإنسان، علينا أن نعرف قدرنا ونحاول أن نكون هادئين فى ردودنا ونحاول أن نكسب الآخرين. الردود المتهورة وغير السياسية تكسبنا أعداء بدون سبب وتقلل فرص إصلاح الاقتصاد والاستثمار وتفشل السياحة. علينا تدبر الأمر وعلى وزارة الخارجية أن تكون أكثر رصانة وأن تضع أمام الرئيس المواقف التى تعتقد أنها سليمة وفى صالحنا وتتمشى مع قواعد الدبلوماسية، ولا يترك الأمر لبعض قليلى الخبرة فى مؤسسة الرئاسة لاتخاذ القرار، وعلى وزير الخارجية أن يكون أكثر إيجابية وشجاعة فى وضع وجهة نظر الدبلوماسية المصرية العريقة أمام الرئيس.

قوم يا مصرى.. مصر دايماً بتناديك

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية