قبل أى تعليق. أعتقد أن جريدتى المفضلة التى أتشرف بالانتماء لها ككاتب، مدينة باعتذار إلى شيخ الأزهر د. أحمد الطيب. ما نشرته فى عددها أمس من عنوان فى صفحة 4 لم يأت معبراً عن مضمون ما قال به الرجل. للأسف المضمون الذى نشرته الجريدة بخلاف العنوان الذى وضعته أعلى الموضوع. وهنا أتصور أن مؤسسة الغفلة التى تعمل فى مجتمعنا بنجاح كبير، سبق وتعرضت لها فى هذه الزاوية، لا تخص مؤسسات الحكومة وحدها، بل تمتد لكل مكان الآن. وأتمنى أن يكون ما وقعت فيه «المصرى اليوم» من باب الأخطاء غير المقصودة، وليس تعبيراً عن سريرة ما يضمره محرر الموضوع. كما أرجو أن تتخذ إدارة التحرير الإجراءات الكافية التى تضمن الدقة والإحكام فى مثل هذه الأمور الخطيرة.
أتوقف عند قضيتين، الأولى تتعلق بوضع المهن فى مصر، التى ينقصها فى مجمل أداء أصحابها، غياب الاعتناء الكافى بالدقة، وإتقان العمل مهما كان بسيطاً أو معقداً.
أما الثانية فتتعلق بزيارة شيخ الأزهر لألمانيا. حيث كان موفقاً للغاية فى زيارته. التى زار خلالها البرلمان هناك. جاء كلامه دقيقا. شفافا. يحمل الكثير من المعانى الإيجابية، التى تؤكد رسالة الإسلام السمحة. وقال ضمن ما قال:
«إن الإسلام واحد، الإيمان بالله وكتبه ورسله، وأركانه الخمسة، تطبق فى أى مكان ووقت، حتى لو فى كوكب المريخ». استطاع الدكتور أحمد الطيب الإجابة عن العديد من التساؤلات الصعبة، التى طرحت عليه من قبل أعضاء البرلمان. ومن أجمل ما سمعته منه، مخاطبا المسلمين فى أوروبا: «أقول لأبناء دينى من المسلمين الذين يعيشون فى أوروبا وأصبحوا جزءًا لا يتجزأ من النسيج الأوروبى الاجتماعى المتماسك أن يراعوا هذه القِيَم العُليَا لمجتمعاتهم التى يعيشون على أرضها، وأن يفيدوا منها فى تقديم صورة مماثلة، عن الإسلام وتعاليمه السمحة الجميلة، التى تحترم الآخر، بغض النظر عن دينه أو مِلَّته أو جنسه».
أضاف أيضا: «إن الإسلام لا يبيح قتال غير المسلم بسبب رفضه الإسلام أو لأى دين آخر، فالله كما خلق المؤمنين خلق غير المؤمنين أيضًا، وما خلق الله غير المؤمنين ليأمر بقتلهم واستئصالهم، فهذا عبث لا يليق بحكمة البشر، فضلًا عن الحكمة الإلهيَّة، وحريَّةُ العقيدة مكفولة فى القرآن بنص صريح».
الحقيقة أننى توقفت كثيرا أمام نص كلمة شيخ الأزهر فى البوندستاج، أى البرلمان الألمانى، فهى كلمة رفيعة. كتبت بعناية، وتمت صياغتها بحكمة وشجاعة فى آن واحد. اتسمت بالبساطة، والعمق. والدراية الكاملة بالمكان الذى يلقى فيه كلمته. حيث قال نصاً:
«كم أنا سعيد بوجوِدى فى مبنى البوندستاج التارِيخى، الّذِى تختزِن جدرانه ذِكريات أحداث عَالمِية كَانَت نُقْطَة تَحول فى مسار التَّارِيخ الأُوروبى. وكيفَ أَنَّ هَذا البَرلَمان استطاع أنْ يَعبر بالشعب الألمَانى مِن أزَماتِه السياسِية والاقتصادِية والاجتِماعية إلَى دَولَة مَرمُوقَة يُشَار إليهَا بِالبَنَان كَأنموذج يحتذى فى التِّنمِيَة المستنِدَة إلى قِيم الحرية والعدل والمساوَاة.» (أرجو مراجعة نص الكلمة على موقع مشيخة الأزهر وموقع البرلمان الألمانى).